عن الكيف.. باعتباره «ثروة وطنية»
مصطفى المسناوي
أواسط الأسبوع الماضي، عرفت إحدى لجان البرلمان مداخلات قوية حول موضوع نادرا ما يتم التطرق له بما يتطلبه من جرأة وابتعاد عن «لغة الخشب» (حسب التعبير الفرنسي)، ويتعلق الأمر تحديدا بالملابسات غير الطبيعية المحيطة بزراعة نبتة الكيف في بلادنا، حيث ورد، مثلا، أن هذه النبتة تضمن العيش لقرابة مليوني شخص شمال المغرب، كما أن قرابة 60 ألفا من المواطنين متابعون بسببها، يختبئ ثلثاهم في الجبال وهم في حالة فرار.
القوي والجريء في هذه المداخلات أنها طالبت باعتماد سياسة جديدة تجاه النبتة السحرية، تبتعد عن المراوحة غير الواضحة بين غض الطرف عن زراعتها مرة وتجريم زراعتها مع إتلاف حقولها مرة أخرى، وتذهب باتجاه ضرورة العمل على تقنين هذه الزراعة باعتبار الكـِيف مادة مطلوبة في المجالين الطبي والصيدلي؛ بل إن هناك من تساءل عن إمكانية إدراج زراعة الكيف ضمن «المخطط الأخضر»، مع إنشاء تعاونيات فلاحية لتنظيم هذه الزراعة ووضع أسس تصديرها إلى كل البلدان التي تطلبها (صيدليا وطبيا)، وهي كثيرة، في الخارج.
والحقيقة أن هذه المداخلات البرلمانية لا تفعل سوى تأكيد بعض النقاشات التي صارت منتشرة على الصعيد العالمي بخصوص طبيعة نبتة الكيف (وليس مادة الحشيش المستخلصة منها) وهل هي مخدر أم مجرد مهدئ؟ إضافة إلى بعض التقارير الطبية الأوربية (وعلى رأسها تقرير مؤسسة بيكلي البريطانية) التي أشارت، غير ما مرة، إلى أن أضرار النبتة على صحة الفرد وعلى المجتمع هي أقل بكثير من الأضرار التي تتسبب فيها الكحول والتبغ، وهو ما يمكن تأكيده بالعودة إلى تاريخ تدخين الكـِيف في بلادنا، حيث لم نسمع أن استعمال الغليون التقليدي (السبسي) أدّى إلى أضرار مماثلة لتلك الناجمة عن تدخين التبغ والحشيش المغلف بالورق أو عن تعاطي المشروبات الكحولية (المصنعة محليا أو المستوردة من الخارج).
ولعل أحسن عنوان يذهب في اتجاه المداخلات الواردة أعلاه هو ذاك الذي اختارته يومية «أخبار اليوم» المغربية (عدد الجمعة 6 أبريل) حين استعارت تعبيرا مشهورا للمؤرخ اليوناني هيرودوت قال فيه إن «مصر هبة النيل»، فكتبت بالبنط العريض: «الشمال «هبة» الكيف»، مع عنوان جانبي: «مزارعون يقولون: الله أعطانا هذه النبتة كما أعطى البترول للسعودية»، بما يعني ضرورة تغيير المسؤولين عندنا لنظرتهم إلى الكيف من نبتة شيطانية سامة تنبغي محاربتها إلى «ثروة وطنية» يحسدنا عليها العالم برمته وينبغي الحفاظ عليها وتطويرها والاعتماد عليها كمصدر هام للعملة الصعبة في الأزمنة الصعبة.
لقد حاولت الدولة الحدّ من زراعة هذه «الثروة الوطنية» عن طريق تشجيع الفلاحين على زراعات بديلة تقوم أساسا على أشجار اللوز والزيتون مع الاستعانة بتربية الماعز؛ لكن سرعان ما تبين أن الأرض ترفض الزراعات الجديدة بحزم؛ ليس لأنها صارت «محشّشة» (كما قال الفنان الساخر أحمد السنوسي - بزيز- ذات يوم)، ولكن لأنها تتعاطف مع سكانها بعد أن أدركت أنهم ربما يموتون في أماكنهم ويتحولون إلى رميم قبل انقضاء السنوات التي يتطلبها نمو شتلات اللوز والزيتون واستمتاع المعيز بالنظر إلى العالم من فوق أغصانها العالية.
وإذا كانت جرأة البرلمانيين لم تتجاوز حدّ الدفاع عن تقنين زراعة «النبتة» في الإطار الطبي الصيدلي (باعتبارها تساهم، من بين ما تساهم فيه، في خفض الضغط الدموي وتسكين الألم وعلاج الماء الأزرق في العين)، فإن بالإمكان التفكير في ما هو أكثر من ذلك عن طريق اقتراح تحويل الكيف إلى منتوج محلي قابل للتصدير عالميا وللاستهلاك من قبل جميع المواطنين، المرضى منهم والأصحاء، وذلك بإنتاج سجائر «مدرّحة» (كما يقول الإشهار)، تضم نسبا مضبوطة من التبغ ومن النبتة السحرية (نفس النسب المعتمدة من قبل «القصّاصين» -أي قصّاصي الكيف، للتوضيح- وخبراء «السبسي» التقليديين)، يمكننا أن نكتب على علبتها الملونة، بالأخضر طبعا، اسم سجائر «كتامة»؛ ومن المؤكد أن هذه السجائر (التي ستعيد شركة التبغ إلى اسمها الأصلي الذي تأسست به: شركة التبغ والكيف) سوف تكتسح العالم أجمع، وربما هددت بالقضاء على كل أنواع السجائر المعروفة حتى الآن والحلول مكانها في قلوب المدخنين وفي جيوبهم، وهذا هو الأساس.
dida
lah li 3tana w akiid cette plante a plus d\'avantages que des inconvénients il faut en profiter elle va nous emporter la richesse ze3ma hna hsen men colombia