المغرب و موريتانيا: شيء من التاريخ

المغرب و موريتانيا: شيء من التاريخ

ماءالعينين بوية

 

اليوم مراكش قطب سياحة المغرب و أجمل مدن العالم لربما، مراكش هذه هدية أمير مرابطي قادم من تخوم بلاد شنقيط، أسس دولة مركزية في المغرب الأقصى و امتدت إلى الأندلس، أنهت بها قرونا من حالة الفوضى و التبعية التي شهدتها البلاد منذ أن سقطت دولة الأدارسة تحت قبضة الفاطميين القادمين من الشرق

بعض من أدارسة فاس و هربا من انتقام أبي موسى العافية، نزح إلى الصحراء، فاستقرت عوائل في الحوض الشرقي و الغربي لنهر السنغال، بل و استقرت أسر في بلاد تنبكتو، وكانت الصحراء ملاذا للهاربين من  و الثائرين على سلطة المركز بفاس أو مراكش خلال الحكم الموحدي و الحكم السعدي و العلوي ... 

على تخوم مدينة مراكش،  وفي سهل الحوز تقطن  قبائل الرحامنة  بنو عمومة لقبائل و عوائل أسست إمارات العرب في بلاد شنقيط في  و أعني الترارزة و البراكنة و أولاد امبارك...، و في ايليغ  يوجد ضريح أبي حسونة السملالي مؤسس زاوية و دولة السملايين في سوس جنوب المغرب. 

ومن عرب الترارزة، شاء القدر أن يصاهر المولى إسماعيل عظيم الدولة العلوية أميرا من أمراءها، ليتزوج أشهر نساء السياسة في المغرب، و أعني السيدة خناثة بنت بكار، التي ألف و تحدث عن علمها و دهائها و سياستها المؤرخون، فالمرأة وطدت الحكم لإبنها عبد الله بعد أومة سياسية كبيرة تداول فيها الحكم عديد من أبناء المولى اسماعيل تحت تأثير من قادة جيش البخاري، حتى استقر الحكم لإبنها عبد الله بعد أن خلع و نصب مرات عدة. 

توفيت خناثة في فاس العالمة، هذه المدينة التي كانت قبلة لعلماء شتقيط، و شاهدا على التمازج و التبادل العلمي و الروحي بين علمائها و و الوافدين من علماء شنقيط، وليست فاس وحدها من تشهد على هذا التلاحم المعرفي و الروحي و الجهادي أيضا، حيث يكفي من التذكير في هذا الباب، ذكرشخصيتين من استشهد و شارك في معركتي سيدي بوعثمان في مراكش و النيملان في تكانت، حيث كان الشريف  مولاي ادريس العلوي مبعوث السلطان مولاي عبد العزيزمشاركا في معركة النيملان، و في سيدي بوعثمان استشهد عبد القادر بن محمد الحسن المجلسي. 

ولا يقف هذا الترابط   و التأثير المتبادل عند فاس وحدها، فمن تنبوكتو حيث استقرت أسر علوية و أخرى اندلسية، إلى  مدن شنقيط التاريخية كودان و ولاتة وعلاقاتها بفاس و من قدمها من أسر و من حج منها من علماء، إلى السمارة حين اجتمع المجاهدون  ووفد أمراء أدرار و سادتها حول  الشيخ ماءالعينين شيخ المقاومة،  إلى تارودانت حيث الباشا البيضاوي الجكني،  إلى مراكش و من فيها وما تحمله من إرث تاريخي، إلى فاس و ما أسلفنا، بل إلى  وجدة حيث مر العلامة  أحمد بن الشمس الحاجي الشنقيطي و أسس فيها زاوية للشيخ ماءالعينين. 

التاريخ و إن تحدث، لا تسعه أسطر ليصف ما ترتبط به مناطق المغرب الأقصى و شنقيط و بلاد التكرور إن توسعنا، من وشائج و أحداث مشتركة، لا تقدر دوائر السياسة على تفكيكها أو هدمها، و ما تعيشه  العلاقات الدبلوماسية بين الرباط و نواكشوط من تأزم واضح، تؤججه بعض الأقلام و الصحف، نتمنى أن يزول، فمنطق التاريخ و الجغرافيا و المصالح الإقتصادية المشتركة يفرض على الدولتين العمل سويا من أجل التكامل الإقتصادي و التوافق السياسي. 

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات