الشباب المغربي ... ما محله من الاعراب؟

الشباب المغربي ... ما محله من الاعراب؟

شيماء المريني

 

 

عن عُنفوان الشباب اتحدث ، عن عماد المجتمع وكفاءاته اليافعة اتكلم ،عن اولئك الذين كثرت اوصافهم وتعددت القابهم في المحافل الدولية والققم العالمية ... فالبعض جعلهم بمثابة الدم في الشريان الذي يضخ ليحيي الآمال ؛ آمال بغد افضل ومستقبل ارقى ، رغم الصعاب من فقر، امية و جهل... اما البعض الاخر ، فقد توَّجهم بلقب الجيل الصاعد والنور الساطع في الافق؛ جيل يحمل في جعبته الكثير و يراهن على تطوير وطنه. لكن  ما السبيل لاثبات ذاته  وابراز قدراته في مجتمع سادت فيه المحسوبية بل رسخ فيه المصطلح الشعبي الشهير " باك صاحبي"  ؟ 

حقا من السهل تمجيد الشباب  ومخاطبتهم بأجل الاسماء ، فهم قوام المجتمع وقوته بل موارده البشرية التي يعَول عليها ، لكن بعيدا عن هاته الخطابات الواهية التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، و  وبغض النظر عن تلك الكلمات التي تَشبّع بها الورق  وحفظها الشباب عن ظهر قلب ، نتساءل اليوم ، ماذا قُدِم للشباب المغربي من فرص لاثبات قدراتهم كغيرهم من الشباب العربي او الغربي ؟ ما هي الافق التي فُتحت لابناء هذا الوطن ؟ او بمعنى اصح ، ما مدى فعالية تلك المشاريع التي نسمع بها كل يوم للخدمة  و تأطير الكفاءات الشبابية الواعدة ؟

اسئلة كثيرة تطرق بابا واحدا ، لتحاكي واقعا مجتمعيا هزيلا ، نسوق في هذا الاطار نموذج الاساتذة المتدربين فعوض تقديرهم طبقا للقول (كاد المعلم ان يكون رسولا) ، عرضوا للضرب المبرح و التعنيف الشديد بل و المعاملة اللاانسانية التي طالت كرامتهم ، اما حاملي الشهادات العليا فلا  يزالون يعانون في صمت دفين  ويُقبِلون على مهن بسيطة لا تضاهي سنوات السهر والعمل الجاد في دهاليس الكليات والمدارس العليا... ، لتظل الامثلة متنوعة متعددة تترجم واقعنا المرير الذي بات لدينا عاديا !!

كل هاته الاسباب ادت الى تفاقم ظاهرة هجرة " الشباب المبدع " للخدمة دول الغرب المستفيد الاكبر ، فالهجرة اصبحت  بمثابة حبل نجاة بل حلم جيل ضاعت امانيهم  وتآكلت طموحاتهم ، فضلا على ذلك فإن مستوى الجرائم  و الانحراف  وكذا تدني المستوى الاخلاقي في ارتفاع مستمر ، ولعها ابرز الاوجه المشركة التي جعلت  من المغرب خاصة و دول العالم العربي في مصاف الدول السائرة في طريق النمو عوض احتلالها للصدارة ...

ان مجتمعنا لن يبىح مكانه حتى يُعنى بشبابه و يُولِيهم الاهتمام  و التأطير الكافيين ، فلقد بلغ السيل الزبى !! كما انه  من اوجب واجبات مؤسسات الدولة ان تسارع في تنفيد مشاريعها على ارض الواقع فما فائدة ان تظل حبرا على ورق تخيم في  رفوف الخزانات ؟!

اذن  ومن خلال كل ماسبق ذكره ، ما محل الشباب المغربي من الاعراب ؟ هل اصبحنا فعلا للفاعل ماض مبني على الانتظار وترقب التغيرات لعلها تحمل جديدا يخفف مرارة الحال ؟  ام اصبح حالنا مبنيا للمجهول غابر ، حتى بِتنا تائهين داخل دوامة لا تكاد تفك طلاسيمها  وكأنها احجية او ان صح التعبير متاهة لا نهاية لها ؟...

ان الشباب المغربي ليس بضمير مستثر او مضمر غائب ، بل شبابنا حاضر بقوة في شتى المجالات مرفوع  بكرامته و همته الابية ،  لا يحتاج العطف او الشفقة بل هو في حاجة الى فرص لابراز مواهبه و قدراته الخارقة للعادة ، فيكفي انهم خلقوا  من لا شئ اعظم الاشياء  لينافسوا الكبار ويحتلوا الصدارة وبجدارة .. فبمبادراتهم الشخصية تألقوا ليرفعوا اسم المغرب عاليا و يقدموا دروسا للعالم ، فما دامت الارادة و  الطموح موجدان فإن محرك الابداع لا يزال ينتج جيلا مغربيا يتحدى كل الصعاب ليتألق في مختلف الميادين ويكون بذلك مثالا حيا على التفوق النجاح .

عدد التعليقات (3 تعليق)

1

امل

مقال اقل ما يقل عنه انه رائع يمس واقعا مسكوتا عنه او بالاحرى واقعا من كثرة انتقاداتنا له دون نتيجة تذكر صار عاديا نعيشه و نتعايشه عل الايام تغير من حاله المرير .. ابدعت

2016/08/17 - 01:04
2

أحمد كرام

شكر

هاده حالة شباب يتألمون في صمت لواقع مر ، مقال جيد و شامل و أتمنى أن تكون له أعين مسؤولة تحلله

2016/08/17 - 02:03
3

طال لعلو الدم

بفعل المنظور المتخلف

بالطبع شبابنا لديه من القدرات والمواهب الفردية ما يبهر. لكنه ضحية إقصاء وتهميش مصطنع يخضع للامبالاة وإهمال بفعل نظام ومنظور تقليدي للتعليم المرتكز على النجاح ونيل الشهادات والفوز بالوظيفة ولو على حساب تدني المستوى وانعدام الكفاءة. نظام يقصي ذاتية المتعلم وشخصيته ويحرمها من تملك الكفايات. نظام يكرس الحشو والتلقين ويولد الإحباط والعزوف وينتج الفروقات الاجتماعية التي تفرز التطرف والإجرام الإرهابي. ونتساءل لماذا انتشار المخدرات والسيبة والعنف. طبعا هذا نشأ في غياب مشروع تربوي تنموي ثقافي منذ الحديث عن الحياة المدرسية ومشاريع المؤسسة والأندية الرياضية والثقافية وغيرها من المشاريع الفاشلة والتي لا ندري حتى سبب فشلها في غياب آليات التقويم و الافتحاص ؟ ولا تزال المشاريع تتنزل على حالها كما المعتاد. فما دور المجلس الأعلى وما دور المديريات والأقسام المعنية بالنهوض بالتربية والتكوين؟ وما دور الأحزاب وفعاليات المجتمع المدني في استقطاب الشباب وتكوينه؟ لكأننا نعرف الداء والدواء ولكننا لا نزال متشبثين بالتداوي بالأعشاب والبخور ونفضل الشعوذة وقراءة الطالع على الرضوخ للأمر الواقع على غرار الدول المتقدمة والمفهوم العالمي للتعلم.

2016/08/18 - 01:43
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات