آن الأوان لوضع الخطأ الإداري في مصاف الخطأ الطبي
المختار العيرج
لم يعد المجتمع المغربي يتسامح مع الخطأ الطبي، فصار من المألوف أن المحاكم تنظر في ملفات من هذا القبيل، و ترتب عن ذلك ان بدأت المصحات و المستشفيات تأخذ احتياطاتها و تضع في الإعتبار ان مغاربة اليوم ليسوا هم مغاربة الامس .
بيد ان الأمر ليس كذلك في شأن الخطأ الإداري الجسيم، فالإدارة المغربية دأبت و بكل بساطة على نسخ قراراتها الإدارية ب " جرة قلم " حين يبدو لها ما يدعو إلى ذلك .. مناسبة هذا الكلام هو ما تعرضت له شخصيا هذه السنة، فوزارة التربية الوطنية خولت لي " الحق " في التقاعد النسبي في فاتح شهر يوليوز، معللة ذلك بهذه العبارة الواردة في موضوع الإحالة على التقاعد النسبي " بما أنكم قد قضيتم أكثر من 30 سنة من العمل الفعلي في الإدارة يشرفني إخباركم أنه تقرر الموافقة على إحالتكم على التقاعد النسبي ابتداء من 31/08/2016 " .. لكن بتاريخ 02/09/2016 يتبين أن هذه الإدارة أخطأت في الحساب و بثت لي بمراسلة موضوعها " إلغاء الإستفادة من التقاعد النسبي " و أستند قرار الأكاديمية الجهوية للتربية و التكوين لجهة درعة تافيلالت على المراسلة الوزارية رقم 8972/1 بتاريخ 25/7/2016 و جاء فيها : " و بما أنكم لا تتوفرون على 30 سنة من الأقدمية في الإدارة إلى غاية 31/08/2016 نظرا لعدمك استكمالكم سنتي الخدمة المدنية و التحاقكم بالمركز التربوي الجهوي لتكوين الطلبة لدة سنة واحدة لا تحتسب في نظام المعاشات المدنية للموظفين، فإنه تقرر إلغاء كل الإجراءات الإدارية المرتبطة بوضعية التقاعد النسبي الخاصة بكم ."
و ترتيبا على ما سبق يحق لي و لغيري ان يتساءل :
- هل من حق الإدارة المغربية أن تنسخ قراراتها بهذه " البساطة " حين يتبين لها أنها أخطأت بهذه الطريقة أو تلك مهما كان حجم هذا الخطأ ؟
- هل دولة الحق و القانون و دستور 2011 يخول للإدارة التعامل مع المواطنين و كأنهم قطيع في حظيرة، إن ما يقال عما تحقق من مكاسب لا قيمة له إن لم يقرن النص بالواقع و التطبيق ..
- و الأهم ما العمل حين تترتب عن قرار إداري تبعات نفسية و اجتماعية و أسرية و مالية .. الإدارة وضعتني أمام خيارين أحلاهما مر، توقيع محضر الدخول أو مغادرة مقر العمل .. و هي لا يهمها في شيء ما ترتب عن القرارين من تبعات، و لا يعنيها سوى أن تملأ وثائقها وفق المطلوب و لو كان ذلك بلي ذراع الأجير و انبطاحه حتى .
إنه آن الاوان لنتعامل مع الخطأ الإداري كما نتعامل مع الخطأ الطبي، و أن نربط المسؤولية بالمحاسبة حقا و أن نعمل جاهدين على دمقرطة الدولة و المجتمع، و نرقى بالمواطن ليحقق مواطنته كاملة، يؤدي واجباته بتلقائية و حب و إقبال و يأخذ حقوقه بسلاسة و سلم و وئام .