خديجة...أخرجتهم من الظلام إلى النور...فأطفئوا نورها...!!!

خديجة...أخرجتهم من الظلام إلى النور...فأطفئوا نورها...!!!


يــونس إكعبــوني

فقدت الأستاذة خديجة الشايب إحدى عينيها إثر هجوم لوحشين  بشريين متمثلين في الأب وإبنه، وذلك أثناء عودتها يوم الأحد الماضي إلى مقر عملها بإقليم شيشاوة ، حيث تمارس مهنة التدريس بفرعية ارشدان مجموعة مدارس "الرباط" جماعة اشمرارن، دائرة متوكة شيشاوة.

هذا الحادث اللامبرر يكشف الغطاء على واقع التعليم في مغربنا ، وخاصة في المجالات القروية النائية في مغربنا العميق، حيث كل شيء مختلف تماما عن ما نتصوره ، ولو اطلع عليه الكثير ممن يتهمون نساء ورجال التعليم بعدم أداء واجبهم ،لصعقوا و لولوا هاربين .

قرى نائية ، يتم بها بناء "حجرة للتدريس" على أساس شعارات رنانة كمحاربة الهدر المدرسي وتمدرس الفتاة و إجبارية التدريس وغيرها من الأقاويل الوزارية البعيدة كل البعد عن الواقع المعاش . حجرة واحدة ووحيدة في أعلى قمة الجبل مخصصة لاستقبال المتعلمين، دون التفكير في الشخص المعني بالدرجة الأولى بمهمة التدريس، و هو الأستاذ (ة). حيث لا سكن و لا طريق و لا ماء و لا أدنى شرط من شروط الحياة الآدمية الكريمة. أو لربما  يعتقدون أن الأستاذ(ة) كائن من كوكب آخر، صنع من مادة الحديد ويستمد قوته من الشمس !!!  

خديجة الشايب وغيرها كثر من نساء و رجال التعليم ،الذين يعانون الويلات للوصول إلى مقرات عملهم للقيام بالواجب المهني، في ظروف نخجل من وصفها في القرن الواحد والعشرين، وما يزيد من المعاناة غياب الأمن و الأمان في هذه المجالات ، مما يتيح الفرصة لبعض الوحوش الآدمية لتتربص بفرائسها.

 كثرت الحوادث المروعة التي تتعرض لها أسرة التعليم في الآونة الأخيرة،  وتعالت الأصوات التي تندد بهذه السلوكيات الشنيعة تجاه رجال ونساء التعليم ،إلا أنها لا تلقى ذلك التجاوب المطلوب من كافة القائمين على الشأن التربوي والتعليمي ببلادنا ، بدءا بالوزارة الوصية  والنواب وصولا للنقابات، التي نسيت دورها الذي خلقت من أجله وهو الدفاع عن أسرة التعليم.

ما يثير الانتباه  في هذه  القضية، هو التجاهل المقصود لهذه الحالات من طرف وسائل الإعلام، خاصة المرئية منها، فلو كان الأمر يتعلق بقضية اغتصاب، اتهم فيها أحد رجال التعليم ، لوجدناها  تهرول لتغطية الحدث، وأكثر من ذلك تصدر أحكاما قبل التحقق من الأمر وتدين المتهم قبل إدانته من طرف القضاء ، متناسية أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وهذه سياسة إعلامية أصبحت مكشوفة للجميع ،الهدف منها إطلاق رصاصة الرحمة على المدرسة العمومية ،وذلك بتشويه العاملين بها، وهذا ما سقط فيه للأسف الكثير من شرائح الشعب، وأصبحوا يعتبرون رجال ونساء التعليم هم السبب في أزمة التعليم في البلاد ، ولو علموا بحقيقة الأمر لاستغفروا ربهم  صباح مساء، على اتهامهم الباطل.

 يسجل أيضا  غياب تلك" الجمعيات النسوية " التي تسترزق على حساب ما يسمى بقضية  المرأة، مدعية الدفاع عن كرامتها ، تحت شعارات نسوية ممزوجة بكثير من مساحيق التجميل. فأينكم  إذن يا جمعيات الدفاع عن حقوق المرأة ؟؟؟ أم أن الأستاذة خديجة ليست امرأة ؟؟!!!

 أن تفقد خديجة عينها وهي تستعد  لتؤدي واجبها المقدس في منطقة مقفرة، فهذا أمر لا يمكن أن يقبله العدو قبل الصديق ، أمر مؤسف و محزن حقا . ورغم كل الثمن الذي تدفعه أسرة التعليم يوم بعد يوم ، يظل الطرف الآخر  مستمرا في تجاهله للمطالب المشروعة لأسرة التعليم ، فالتحفيزات المشجعة للعمل في العالم القروي غير موجودة ،وظروف الحياة الكريمة بها مستحيلة ، وتلك المستحقات الخاصة بالعمل  في المناطق النائية، لم يفرج عنها بعد لأسباب لا يعلمها إلا هم. وحتى الحق في خوض الإضراب الذي نص عليه الدستور الجديد بشكل واضح وصريح ،يريدون الإجهاز عليه ، لإسكات كل مطالب بحقه، وهذا فيه كلام كثير لاداعي لذكره.

نتمنى من القضاء أن يضرب بيد من حديد على الجناة الذين اقترفوا هذا الجرم الشنيع، بتعنيف شابة في مقتبل العمر، كان أملها القيام بواجبها وأداء رسالتها التربوية ، للمساهمة في بناء جيل الغد ، جيل المستقبل  و إخراج أبناءنا  من غياهب الظلمات إلى النور...لكنهم في المقابل كافئوها بفقء عينها  فأطفئوا  نورها.

نقول للأستاذة خديجة ، كلنا متضامنين  معك وكلنا نندد بهذا الفعل الذي تعرضت له ونستنكره بشدة، وهذا ما سيقوله لك كل غيور على أساتذتنا و مدرستنا ، فلا أحد منا يمكن أن ينكر  فضل من علمنا بالقلم ، علمنا ما لم نكن نعلم .

 

[email protected]

 

عدد التعليقات (5 تعليق)

1

أبو إحسان

و أنا أتابع المناظرة بين ساركوزي و هولاند و كيف كانا يتكلمان عن التعليم و نساء رجال التعليم أصابني إحباط و لم أقدر على وضع أو حتى التفكير في وضع المقارنة بيننا و بينهم ,,نتبع فرنسا في كل شيء لكننا لم نأخذ منهم و لاشيء شكرا على لصاحب المقال على تضامنك مع هذه الشريحة المظلومة في بلدنا

2012/05/02 - 04:01
2

adel ait yo usef

كفانا استهتارا بكرامة أسرة التعليم، لابد من تدخل الجميع لإقاف هذه المهزلة المتمثلة في تهديم المدرسة العمومية ـ اتقوا الله في من علموكم و أخرجوكم من غياهب الظلمات إلى النور

2012/05/02 - 04:43
3

salem

الأساتدة و المعلمون بالمغرب في وضعية مريحة جدا ويتقاضون اجور باهضة و يستفيدون من سلاليم الترقية و الزيادات و السكن الاجتماعي و القروض المسهلة و العطل ..وهذه ميزانيات ضخمة ترهق كاهل الدولة بالمقابل مع المردودية حيث مستوى التلاميذ الدراسي كارثي لابد أن هناك خللا ما قد يكمن في عدم المراقبة بالمقارنة مع التعليم الخاص.. اما مشكل الاعتداء فهدا طبعا مرفوض على وزارة التعليم التنسيق مع وزارة الداخلية ولا يزج بمعلمة ما في دوار ما إلا إذا توفر فيه رجال أمنengagés

2012/05/03 - 03:12
4

professeur

lah yakhod l7a9 mn dalmin.7assbona lah wa ni3ma lwakil.

2012/05/03 - 05:59
5

مقالك رائع أخي يونس،دمت متألقا.

نعم الكلام

2012/05/04 - 10:08
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات