ليس بين القنافذ أملس

ليس بين القنافذ أملس

مولاي مروان العلوي

 

تشهد الساحة السياسية هذه الأيام تنافسا شديدا بين الأحزاب السياسية. وطبعا لكي تتميز هذه الأحزاب عن بعضها بعضا، فإنها تتفنن في إنتاج برامج فريدة، وكل حزب يدعي أن برنامجه هو الأمثل والأنسب للإصلاح والارتقاء بمستوى العيش... وما تغفله هذه الأحزاب أن خطابها يكرر كل خمس سنوات، ليس من خلال برنامجها الذي يتلون تلون الحرباء، بل من خلال تعاملها مع المواطن بصفته صوتا يمكن أن يقلب التوقعات والاحتمالات. هو تعامل مكيف، ينسجم مع درجة فقه المواطن السياسي. ويتضح هذا الأمر في المهرجانات الخطابية:المناصرون في الصفوف الأمامية، المواطنون ”المعروضون” سياسيا في الصفوف الوسطى، وطالبو الكسكس والدجاج المحمر والأوراق الزرقاء يلفون التجمع، يحملون في أعينهم شعلة أمل آني، ليس في مستقبل أفضل، لا، بل في وليمة تسد الجوع، وزرقاء تجعل الجيب فرحا من جديد.

هكذا، تحاول هذه الأحزاب استقطاب كل أصناف المواطنين واستدراجهم حتى إن لم يكونوا ضمن المسجلين في لوائح المصوتين، حتى يملؤوا تجمهراتهم، ويتبجح بذلك كل حزب، من خلال أبواقهم الإعلامية، بكثرة المناصرين وغزارة التابعين وتعدد الراغبين في الالتحاق بهذا الحزب، مما يعطيه الأفضلية، بل في نظرهم الأحقية.

هي خطابات ترمي التحكم في وعي المواطن وتغليف حقيقة المشهد السياسي، و

تحاول أن تحيد به عن مثل ما زل به لسان بن عبد الله عن التحكم الفوقي، وتحاول جعل المسرحية الانتخابية تظهر كأنها واقع، أو كما قال دوتوفسكي، لا يحكون القصة كأنها واقع، بل يجعلون الواقع قصة مثيرة، تستأثر بالانتباه وتجعل الكل يتكهن ويتوقع ويستنكر ويندد....

تتناسى الأحزاب الإعلام البديل، لا أقصد به المواقع الإخبارية الالكترونية أو مواقع التواصل الاجتماعي، فهي ليست سوى عوالم افتراضية، بل أقصد به ما سجله التاريخ من تخاذل وفساد وإفساد، جعل المواطن يخشى أن يختار من بين القنافذ محاولا العثور على أملسها.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات