الانتخابات التشريعية المقبلة وإعادة تشكيل المشهد السياسي

الانتخابات التشريعية المقبلة وإعادة تشكيل المشهد السياسي

د. ميلود بلقاضي

 

يشير العديد من المؤشرات ان الانتخابات التشريعية لسابع اكتوبر ستكون صعبة للدولة لانها لا تعرف كيف تتحكم في أوزار الأحزاب السياسية التي تكون الرقم الصعب في المعادلة الانتخابية التشريعية المقبلة ,خصوصا حزبي الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية . بالنسبة لحزب الأصالة والمعاصرة تعتبر الانتخابات التشريعية لسابع اكتوبر مصيرية لمستقبله السياسي لانه يطمح بان يكون الحزب البديل للعدالة والتنمية في السلطة، في حين يأمل حزب "العدالة والتنمية" ان يبقى حزب السلطة لولاية ثانية بينما تطمح الأحزاب الأخرى ان تبقى في حلبة المنافسة خصوصا حزب الاستقلال الذي يراقب التنافس القوي بين حزبي البام والبيجيدي بكثير من الحذر ويحلم بخلق المفاجأة ,الأمر الذي يوحي بأن نتائج الانتخابات التشريعية المقبلة ستحتم على المشهد السياسي المغربي بان يبقى مفتوحا على كل الاحتمالات . انتخابات الحذر والترقب والمفاجآت : تواصل الأحزاب السياسية حملاتها الانتخابية وسط كثير من الترقب والحذر والتخوف نظرا لان السياق العام الذي تنظم فيه هاته الانتخابات فيه الكثير من الغموض والمخاطر والتحديات والرهانات خصوصا بالنسبة لالياس العماري الامين العام لحزب الأصالة والمعاصرة وعبد الاه بنكيران الامين العام لحزب العدالة والتنمية، لان كل منهما لن يقبل بسهولة نتائج الاقتراع لانها ستؤثر على المستقبل السياسي لكل واحد منهم،انها انتخابات التحدي بين قادة الحزبين

اللذين يشكلان ثائية قوية وليس قطبية ، اما باقي الاحزاب- وباستثناء حزب الاستقلال – فان رهاناتها لن تتجاوز مسالة التمثيلية في الحكومة المقبلة من خلال التحالف مع الحزب الفائز. رهانات حزب الاصالة والمعاصرة والانتخابات : يتفق الكثير من الباحثين ان الانتخابات التشريعية

لسابع اكتوبر ستكون مصيرية للحزب ، اما الامين العام للحزب فانه يدرك - جيدا -بان الانتخابات المقبلة سوف تقرر مستقبله السياسي، لذلك تبقى رهاناته تجاوز الفوز بالانتخابات للقيادة الحكومة المقبلة الى طرح حزبه البديل لحزب العدالة والتنمية. منذ تأسيسه راهن حزب الاصالة والمعاصرة على مواجهة الاسلاميين وفي مقدمتهم حزب العدالة والتنمية الذي برهن بانه حزب ملكي بنفس إصلاحي وهو ما يرفضه الياس العماري الذي يرى بان الحزب يمثل خطرا ، متهما اياه بإرجاع المغرب للوراء منذ توليه تدبير الشأن العام منذ 2011 ، ولعل هذا هو ما يفسر اختيار حزب الأصالة والمعاصرة « التغيير الآن » شعارا لحملته الانتخابية وما تحمله من دلالات .

ويلاحظ المتتبع للشأن السياسي بعد الأسبوع الأول من الحملة الانتخابية كيف يخوض الحزب حروبا على كل الواجهات لمحاصرة تحركات حزب العدالة والتنمية وقادته لكي لا يحتل المرتبة الاولى يوم السابع من اكتوبر.لكن رغم القوة التنظيمية والعملية والمنهجية التي يمتاز بها الياس العماري ألامين العام للحزب فان الاصالة والمعاصرة ما زال يعاني من مسالتين: الاولى عجزه إقناع المواطن بانه ليس حزب الدولة وهي صورة لصيقة به منذ التاسيس سنة 2008 رغم انه له الشرعية الشعبية التي منحها له الشعب في انتخابات 2011 و2015. المسالة الثانية هو كون اهم قياداته البارزة تتحمل مسؤولية رئاسة الجهات احمد اخشيشن رئيس جهة مراكش اسفي مصطفى الباكوري رئيس جهة البيضاء سطات الياس العماري رئيس جهة طنجة تطوان الحسيمة حكيم بنشماس رئيس مجلس المستشارين مما سيعرض الحزب لمشاكل كبيرة اثناء تشكيل الحكومة اذا فاز بالمرتبة الاولى يوم سابع اكتوبر, لكنه سيجد سهولة في تحالفاته لان كل الأحزاب ستسابق للتحالف مع الياس العماري باستثناء حزب البيجيدي وحزب التقدم والاشتراكية وفي مقدمتها أحزاب: الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية والتجمع بالإضافة أحزاب اخرى صغيرة .

وهناك مسالة اخرى ستواجه الحزب في حالة فوزه بالمرتبة الاولى يوم سابع اكتوبر وهي ردود فعل حزبي العدالة والتنمية وفيدرالية اليسار وبعض هيئات المجتمع المدني والحقوقي مما سيضع الدولة في موقف حرج وصعب في كيفية إثبات براءتها من التدخل لصالح حزب البام حتى ولو فاز الحزب بجدارة واستحقاق. حزب العدالة والتنمية والانتخابات :يدرك الحزب ان سياق الانتخابات التشريعية لسنة 2011 ليس هو سياق انتخابات 2016 ويدرك أيضا ان مجموعة من العوامل قد تغيرت لذى يعي جيدا ان الفوز بالانتخابات المقبلة لن يكون بالامر السهل او الهين خصوصا بعد تدبيره الشأن العام واتخاذه قرارات مؤلمة ولا شعبية بالنسبة للطبقات الشعبية مثل قرار رئيس الحكومة الأخير المتعلق بالاقتطاع من اجور الموظفين في عز الحملة الانتخابية .حزب البيجيدي مارس السلطة وتعامل مع القصر لذلك فهو واعي بالمخاطر التي تحيط به وفي مقدمتها التشويش على علاقاته بالنظام او المخزن الامر جعل الأمين

العام للبيجيدي يصرح في كل حملته الانتخابية ان علاقاته متميزة مع القصر وبانه حزب السلطة لكن بنفس إصلاحي .لكن مقابل المؤاخذات الكثيرة على قيادة الحزب فان حزب البيجيدي عرف كيف يستغل

بعض الفضائح التي عرفتها البلاد مؤخرا كأراضي خدام الدولة ومنع القباج من الترشح بمراكش و مسيرة الاحد المعلومة التي استغلها بنوحزبه كبيران ليقدم نفسه وحزبه كضحايا للمؤامرات واضعا اما نصب عينه الفوز بالانتخابات المقبلة من اجل الاستمرار في الإصلاحات في ظل الاستقرار في وقت انهارت فيه العديد من الاحزاب ذات المرجعية الاسلامية بالوطن العربي.

وقد عمل الحزب في كل حملاته الانتخابية على إرسال عدة رسائل لأجهزة الدولة والمحيط الملكي اكد فيها بنكيران رغبة الحزب في العودة للحكم لولاية ثانية للاستمرار في سياسة الإصلاح رغم وعي الحزب ببعض التحديات التي يمكن ان تواجهه اذا احتل الرتبة الاولى لتشكيل الأغلبية الحكومية المقبلة لان الاحزاب الرئيسية التي ستحتل المراتب الاولى في الانتخابات المقبلة واقصد الاستقلال والاتحاد والتجمع والحركة ستفرض شروطا تعجيزية للمشاركة في الحكومة مما ستدفع به قبول هذه الشروط او العودة للشعب عبر الانتخابات كما صرح يوم السبت في إحدى تجمعاته مما سيتطلب تدخل الدولة لدعمه لتشكيل الحكومة، لان الخطر الحقيقي الذي يمثله حزب البيجيدي على الدولة كما جاء في مقال هشام العلوي باحدى المجلات الفرنسية نهاية الأسبوع هو احتمال خروجه من اللعبة السياسية وعندها سيتحول لحركة اجتماعية اسلامية قد تشكل تحديا كبيرا للنظام في المجال الديني الذي يستمد منه قوته ومشروعيته لذى يرى الأمير مولاي هشام إمكانية بقاء حزب البيجيدي في السلطة .

حزب الاستقلال والانتخابات:.يبقى هذا الحزب من اكثر الأحزاب منافسة لحزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة، رغم الهزات التي أصابته نتيجة خروجه من الحكومة وتقربه من حزب الأصالة والمعاصرة ضد العدالة والتنمية، ثم تقربه من حزب العدالة والتنمية ضد الاصالة والمعاصرة بعد نتائج الانتخابات المحلية والجهوية الأخيرة ، م كل ذلك يراهن الاستقلال اما على رئاسة الحكومة المقبلة وهذا مر صعب ، واما المشاركة في الحكومة المقبلة نظراً لتركيبته الاجتماعية ومنهجيته البركماتية سوا ء مع حزب الاصالة والمعاصرة اذا فاز يوم سابع اكتوبر اومع حزب البيجيدي اذا فاز هو كذلك ، لكون تشكيل الحكومة المقبلة من طرف الحزب الفائز بها يصعب دون التحالف مع حزب الاستقلال

وهناك نظرية معقولة ومنطقية مفادها ان الدولة يمكن ان تتدخل لايجا مخرج لإبعاد حزبي العدالة والتنمية والاصالة والمعاصرة من رئاسة الحكومة المقبلة وذلك بدعم حزب الاستقلال ليحتل المرتبة الاولى في اقتراع السابع من اكتوبر ليشكل الحكومة مع البام او مع البجيدي ويجنب البلاد كثرة التأويلات والمخاطر في حالة فوز اما حزب البام او حزب البيجيدي بالمرتبة الأولى الأحزاب الأخرى والانتخابات: كل المؤشرات تدل على رئاسة الحكومة المقبلة لن تخرج عن أحزاب

البام او البيجيدي او الاستقلال اما الاحزاب السياسية الأخرى الاتحاد الاشتراكي التجمع الوطني للاحرار الحركة الشعبية التقدم والاشتراكية الاتحاد الدستوري فمهامها ستكون حاسمة بالنسبة لتشكيل التحالف الحكومي لكونها لها هامش المناورة ضد الحزب الفائز يوم سابع اكتوبر وبالخصوص ضد حزب البيجيدي في حال فوز هذا الأخير. اما ضد البام فهامش مناورة هاته الاحزاب سيكون محدودا. فيدرالية اليسار الموحد : تغطية الفيدرالية ل 90 دائرة انتخابية لها دلالات وهي موجهة لاحزاب اليسار، وفي مقدمتهم حزب الاتحاد الاشتراكي. ويتبن من الحملة الانتخابية للحزب وخرجات امينته العامة نبيلة منيب بان فيدالية اليسار قادمة وستفوز ببعض المقاعد خصوصا بالمجال الحضري، وستجد نفسها في موقف المعارضة خصوصا بعد تسرع الامينة العامة في الحكم بانها لن تتحالف مع حزبي البام او البيجيدي لتحكم بذلك على حزبها بالتموقع في المعارضة لانه يصعب تصور رئاسة الحكومة المقبلة خارج دائرتي الحزبين .

السيناريوهات الممكنة للانتخابات المقبلة: تتعدد الاحتمالات وتختلف السيناريوهات حول نتائج الانتخابات التشريعية لسابع اكتوبر، لكن هناك شبه إجماع عام على انها لن تخرج عن ثلاثة احتمالات مشروطة بثلاث شروط: ا- حياد الدولة. ب -تصويت المواطن بقناعة دون اي ضغوط.ج- إبعاد كل أشكال الفساد يوم الاقتراع .

يتمثَّل السيناريو الأول بفوز حزب العدالة والتنمية بالمرتبة الاولى يوم سابع اكتوبر لكنه سيواجه صعوبة في تشكيل تحالف حكومي دون التحالف مع حزب الاستقلال الذي سيلعب دورا أساسيا في التحالفات البعدية، لذلك سيقبل حزب البيجيدي طلبات حزب الاستقلال الوزارية ، دون نسيان رهان البيجيدي على حزبي التقدم والاشتراكية والحركة الشعبية مع الانفتاح على أحزابٍ أخرى لها والاكيد ان تكلفة تشكيل الأغلبية الحكومية بقيادة البيجدي ستكون باهضة ، كما ان هناك إمكانية تبقى واردة هي إمكانية التخلي عن رئاسة الحكومة بموافقة جلالة الملك اذا ما عجز عن تشكيل حكومة في آجال معقولة . اما السيناريو الثاني فيتمثل في فوز حزب الأصالة والمعاصرة بالمرتبة الأولى وفي هذه الحالة فلن يجد الرجل القوي الياس العماري مصاعب في تشكيل الأغلبية الحكومية وسيراهن اكثر على احزاب الكتلة الاستقلال والاتحاد الاشتراكي باستثناء التقدم والاشتراكية الى جانب حزب التجمع الوطني للأحرار لضمان اغلبية قوية قادرة لمواجهة معارضة قوية يقودها حزب العدالة والتنمية الى جانب فيدرالية اليسار.

اما السيناريو الثالث فسيمثل في تدخل ملك البلاد والمطالبة تشكيل حكومة ائتلاف يقودها الحزب الفائز يوم سابع اكتوبر اذا ما كانت لنتائج الانتخابات التشريعية تداعيات ومخاطر على امن واستقرار البلاد لان ذلك يدخل في اختصاصات ملك البلاد الدستورية.

على كل مهما كانت نتائج الانتخابات التشريعية لسابع اكتوبر فان المشهد السياسي والحزبي لن يبقى كما كان قبل الانتخابات لكون هاته النتائج ستفرز مشهدا سياسيا جديدا ستتغير فيه المواقع الحزبية مع التشبت بمنهجية الرداءة السياسية

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

المقالات الأكثر مشاهدة