المغرب يحتاج لحكومة جادة ومسؤولة
عبد الرحيم هريوى
إنها لعين العقل، فلقد ذهب الكثير من المحللين السياسيين والإعلاميين المغاربة بعد استماعهم للخطاب الملكي السامي، والذي وجهه الملك محمد السادس من العاصمة السنغالية دكار بمناسبة الذكرى الحادية والأربعين للمسيرة الخضراء بأن المغرب في حاجة لحكومة جادة ومسؤولة ،( واعتبر حسن بويخف الإعلامي البارز أن خطاب الملك اليوم هو خطاب الانقاذ واستكمال المسير في تشكيل حكومة جديدة ودعوة لوقف منطق الابتزاز... ولا ينبغي أن تكون مسألة حسابية تتعلق بإرضاء رغبات أحزاب سياسية وتكوين أغلبية عددية .وكأن الأمر يتعلق بتقسيم غنيمة الانتخابية) *1
فقد سبق لنا أن نشرنا مقالنا السابق قبل نتائج انتخابات ل07 أكتوبر 2016 عبر أكثر من بوابة الكترونية تحت عنوان :((هل أمست البلاد في حاجة إلى حكومة إنقاذ وطني شبيهة بحكومة التناوب للأستاذ عبد الرحمان اليوسفي سنة1998؟؟)) وقلنا بكل صراحة وحسب تحليلنا المتواضع إنها لنتائج كارثية لهذه الحكومة بأغلبية حزب العدالة والتنمية فالمغرب يعيش ظروفا اقتصادية لا أقول صعبة جدا؛ ولكن ليست في المستوى المطلوب ولا في مستوى التطلعات الشعبية في ظل انخفاض حاد لبرميل النفط حيث وصل في بعض الأحيان ما دون 50 دولار وإضافة إلى المواسم الفلاحية الجيدة ، والجيدة جدا ؛ ما عدا هذه السنة التي كان في المتوسط أو دونه، لكن للأسف الشديد لم يستفيد المواطن المغربي من هذا الرخاء في شيء ، سوى في سماعه لأسطوانة تتحدث دائما لغة الزيادات المتكررة سواء كانت في المواد الغذائية أو في البنزين والغازوال بعد تحريرهما ؛ أو تقليص نسبة التوظيف وإنزال مشاريع وقوانين تزيد من تأزيم الأوضاع أكثر مما هي متأزمة أصلا، وخاصة ملف التقاعد والعمل بالعقدة. ناهيك عن الدخول الدائم والمستمر في صراعات جانبية دون توقف سواء كانت شخصية أو حزبية أو نقابية بين جل الأحزاب السياسية أغلبية و معارضة ، مما أفقد شأننا السياسي بوصلته.
وعلى الوزراء والوزيرات في الحكومة المقبلة القيام بمهامهم و تتبع كل الأوراش الكبرى المفتوحة في البلد وتحديد المسارات والأهداف الداخلية والخارجية للبلاد على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية كما صرح بذلك عاهل البلاد هذا المساء في الخطاب بمناسبة الذكرى 41لانطلاق المسيرة الخضراء من العاصمة السنغالية دكار . و التي تحمل أكثر من رمزية و دلالة للأصدقاء بالقارة السمراء قبل الأعداد ؛ وبأن المغرب شجرة جذورها في إفريقيا وأغصانها في أوروبا كما صورها الملك الراحل الحسن الثاني في إحدى كلماته، وبأننا عائدون لامحالة إلى أحضان أسرتنا الافريقية في الوقت القريب ، وبأن الأمور قد حسمت فعلا وبأن المغرب يهتم بالقارة وشعوبها كاملة وبأن هذا يعتبر فعلا من الاختيارات و القرارات الاستراتيجية للمملكة المغربية على مستوى علاقات جنوب – جنوب، وقد سبق للعاهل المغربي أن تطرق للموضوع السنة الماضية و بنفس المناسبة من العيون واليوم يؤكده مرة ثانية من عاصمة دولة صديقة السنغال كتعبير صادق على التقارب والصداقة التاريخية التي تجمع بين البلدين والشعبين الشقيقين. فلهذا فيجب أن يستيقظ الجميع من غفلتهم ونومهم ؛ وعلى أننا لسنا أمام رقعة لشطرنج نحرك أكثر من لاعب لإتمام اللعبة وتقسيم الكعكة الانتخابية؛ في حكومة هجينة مرة أخرى ، وفي ولاية تمتد أكثر من05 سنوات طوال ، نعم إنه تعبير صادق لأمير المؤمنين و حامي الوطن ومستقبله؛ إنه مصير شعب وأمة يا قوم ؛ فهناك ملفات حارقة وملتهبة تحتاج إلى دفعة قوية وتصحيح وإصلاح عميق وبنيوي حتى ندفع بعجلة النمو والتطور والتقدم والتنافس الاقتصادي والبحث عن أصدقاء جدد و تمتين العلاقات الخارجية مع الإخوة في القارة السمراء ، ولن يكون ذلك بالتمني ولا بالترجي بل بطاقم وزراي كفء وفي مستوى اللحظة التاريخية للوطن داخليا وخارجيا، وليس لمن هب ودب ؛ وذلك من أجل اقتراح البدائل والحلول العلمية والتقنية والمختبرية الممكنة في المديين المتوسط والبعيد ، لكل المشاكل و المعضلات الاجتماعية الغارقة فيها الأمة من رأسها حتى أخمص قدميها من هشاشة وفقر وقلة لفرص الشغل، وفك العزلة وتحسين الخدمات وتوفير الضروريات في الحياة من تعليم وتطبيب وكهربة وماء صالح للشرب، وخاصة للمناطق المعزولة
والمهمشة والبعيدة ؛ وليس البحث بكل السبل من أجل الحصول على اسم وزير أو وزيرة وكفى الله المؤمنين القتال، أو تدبير وزارة برأسين وبأكثر من كاتب عام لجبر الضرر وإرضاء الخواطر للأحزاب المشكلة للأغلبية الحكومية، وعند نهاية الولاية الحكومية تزداد القطاعات الاجتماعية سوء واستفحالا كالصحة والتعليم والتشغيل
ولم تستطيع هذه الحكومة ب 39 وزيرا ووزيرة تقديم حصيلتها الحكومية للشعب المغربي الذي انتخبها في سنة 2012 في ظل و جود الدستور الجديد للمملكة لسنة 2011والذي ينص على تحمل المسؤولية مقابل المحاسبة لهذا فالمغاربة في حاجة إلى حكومة قوية ومتماسكة، وتتكلم لغة واحدة وأهدافها وغاياتها محددة على المستويين الداخلي و الخارجي ، كي تعيد للاقتصاد الوطني حيويته وديناميته ونموه المعقول على الأقل 6فما فوق في المائة مع البحث عن الاستثمارات الداخلية والخارجية في المستوى، وإتمام المشاريع الكبرى المفتوحة سوى المشروع الأخضر للفلاحة أو مشروع نور للطاقة الشمسية و مشاريع الطاقة المتجددة والمشروع الأزرق للصيد البحري والاهتمام بالصيد التقليدي و العصري والمشروع الصناعي و المزيد من الاهتمام والتطوير لمنطقة التبادل الحر الأورو متوسطي بطنجة والمشاريع المفتوحة الأخرى بأكثر من منطقة وجهة ؛ وذلك في إطار الإنزال الفعلي للجهوية الموسعة وخاصة بأقاليمنا الجنوبية والاستثمارات المفتوحة بها فنسبة 5،1 في المائة كمعدل سنوي للنمو العام لاقتصادنا الوطني لا يبشر بالخير مستقبلا بل هو مبشر سلبي بكل المقاييس وبأن هناك عدة أشياء يجب تصحيحها على المستوى المالي والاقتصادي والاجتماعي وقبل هذا كله؛ فالمغرب في حاجة إلى أطره و كفاءاته العلمية وخبرائه لإعادة الأمور إلى نصابها؛ فيكفينا 5سنوات عجاف قضيناها دهرا طويلا ... و5سنوات من الفراغ السياسي والاقتصادي والاجتماعي لم يسلم منها ضعفاء هذا الوطن ؛ أما الطبقة المتوسطة فهي في خبر كان ، فقد تم محوها من الهرم الاجتماعي ككل وانضافت إلى الطبقة الضعيفة و الفقيرة
نتيجة الغلاء وغياب التحفيز والزيادات في رواتب الموظفين و الموظفات ومواجهة كذا قرارات اللاشعبية زادت من تأزيم الأسر المغربية وصعوبة ادخارها في عهد هذه الحكومة
لهذا فلا بد لأمير المؤمنين أن تكون وجهة نظره صائبة جدا وهو أدرى بالأحوال الاقتصادية والاجتماعية للشعب المغربي وهو الحكم الذي تجتمع عليه الأمة المغربية بجميع جهاتها 12ولا بد أن ينبه نخبتنا السياسية بأنه هناك شعب يكتوى بتدبير يغني الغني ويفقر الفقير. لكن من يدافع عن مصالح الطبقات المتوسطة والضعيفة أمام جشع البعض الذين رفعوا شعارا لهم : أنا ومن بعدي الطوفان