لا أرى شجاعة في الضرب على جثة إقليم هامدة
يوسف الإدريسي
المثير حقا في إقليم اليوسفية أن كل من تقلد مسؤولية ما سواء تنفيذية أوتقريرية أواعتبارية لا يتردد بمناسبة أو غيرها، في القول والتأكيد على أن الإقليم سيتحول إلى جنة الفردوس أو دونها قليلا، من خلال مشاريع تنموية وبنيوية واجتماعية إلى غير ذلك من الأحلام الوردية التي سرعان ما تتلاشى في سراب الأوهام المحبوكة بعناية. لكن الأكثر إثارة هو أن ينبري مسؤولون إلى تقديم وعود في ملفات بعيدة عنهم بعد النجوم عن أهل الأرض وكبيرة عليهم كبر الكواكب والمجرات.
في اليوسفية أكثر من مكان آخر، نجد الكاتب العام لعمالة الإقليم يبشر بمشاريع تنموية سمعنا بها ولم نرها، قال عنها إنها ترمي إلى تعزيز البنيات الأساسية والاجتماعية والصحية بالمدينة مثمنا في الوقت ذاته تجليات المبادرة الوطنية في إضفاء نوع من الرقي التنموي الذي شهده الإقليم منذ سنة 2010 إلى الآن، حسب بُشراه. وأضاف ممثل سلطة الوصاية بالإقليم الذي كان يتحدث في ندوة نظمتها الإدارة الفوسفاطية المحلية قبل سنة تقريبا، في إطار عقد اتفاقية شراكة بينها وبين المصالح الخارجية، كون المرحلة المذكورة شهدت 419 مشروع باستثمار فاق مبلغ 167 مليون درهم ساهمت فيه المبادرة الوطنية ب 126 مليون درهم، كما أن السياسة التنموية، على حد توصيفه، عملت على دعم الولوج إلى البنيات الأساسية والاجتماعية من خلال 148 مشروع بكلفة إجمالية بلغت 90 مليون درهم وشملت، والعهدة على الراوي طبعا، قطاع الماء والكهرباء والطرق والصحة والتعليم.
رئيس المجلس الحضري الحالي، تحدث عن مشاريع هيكلية ستحل بالمدينة، لكن في الوقت ذاته يقول إن الميزانية الخاصة بالمجلس إذا ما غطت تكاليف ومصاريف وأجور الموظفين الجماعيين دون إحداث عجز في الميزانية، فسيكون وقتئذ إنجازا تدبيريا غير مسبوق، مما يطرح أكثر من استفهام بخصوص جدية الخطابات الرسمية، وواقعية الوعود المسؤولة.
الوضع نفسه عشناه مؤخرا مع رئيس مجلس الجهة الذي أقر بأن الفيضان الأخير الذي ضرب الإقليم وخلف خسائر مادية وبشرية كان مرتقبا ومتأسفا له، في تصريح أعاد إلى الواجهة متلازمة ستوكهولم التي تساوي بين الضحية والجلاد، وإن كان قد تعهد بشكل قطعي ونهائي، بحسب تعبيره، بإصلاح ما أفسده وادي سيدي أحمد الشاهد الأول والمتهم الأخير.
بدوره يقف المكتب الشريف للفوسفاط موقف الحياد السلبي، بربط مشاريعه ودعمه والتزامه المواطنتي بالنسيج الجمعوي والمؤسسات المنتخبة، التي لا تكاد تفلح في ترتيب بيوتها الداخلية فالأحرى أن تتصدى لشأن يفوق طموحاتها ومقدراتها بكثير، ولن أزيد بدوري في تشريح وضع شائك، حتى لا أثخن الجراح، وكذلك وقوفا باعتدال أمام قولة شكسبير؛ أي شجاعة في ضرب جثة هامدة.
في خضم هذا السيل الهائل من الوعود والتبشيرات التنموية، يظل المواطن اليوسفي تحت وطأة الفقر والتهميش إلى أن تأتي كارثة طبيعية أخرى تخرج المسؤولين من جحورهم وتفيض مرة أخرى بوعود ومواعيد لا تتحقق إلى في ذاكرة اليوسفيين القصيرة.