هل السعادة أمر مستحيل ؟
شيماء المريني
نعيش الحياة بحلوها و مرها ، بجمالها وقبحها ، تسمو بنا إلى العلا حتى نصل سقف أهدافنا لتسقطنا بعدها دون سابق إنظار . تهزمنا مرات عدة لنصاب بخيبات أمل موجعة فنعتقد أنها النهاية ، بل إن البعض يفضل الانسحاب في صمت بدل المواجهة ..
لكن كثيرة هي الأوقات التي ننتصر فيها على جبروة الزمن ، غير أننا لا نولي هاته اللحظات أهمية حتى تمضي إلى حال سبيلها فنتذكرها آملين في عودتها مجددا ..
نحن لا نعيش لحظة الفرح بجنونها ، لا نستمتع بتلك الأوقات الظريفة التي تعبر حياتنا ، فبدل ذلك ندعها تمر مرور الكرام ..
هل لأننا تعودنا على الحزن ؟ أم ألفت نفوسنا الطيبة لذة الألم ؟ فبادت لديها أمرا عاديا ، حتى وجوهنا عشقت نظارة الأسى حتى أنسانا من نحن ها هنا .. أ لهاته الدرجة استولى علينا السقم و خيم علينا بظلاله ؟
نشتاق للسعادة اشتياقنا للهواء نقي ينعشنا بعيدا عن مخلفات الحياة ، و كم هي عديدة تلك الاوقات التي تضرعنا فيها للرب ليمنحنا إياها .. إلا أننا ننسى أن السعادة لم تخلق في شئ و لم تجسد معالمها في شخص معين ، فبمجرد ضياع ذلك الشئ أو فقدان ذلك الشخص تنتهي لنعيش في عالم الماسي و نتخبط في دوامة الأوهام التي لا تكاد تنتهي ..
توجد السعادة لدى كل منا ، تتجلى في ذلك الطفل البريئ داخلك ، فلتسرع في إطلاق سراحه و لتفك قيوده حتى تنعم بالسلام الداخلي و الأمان الذاتي فتستشعر طعمها ..
عش بايجابية و دع قلبك و عقلك ينسجمان لتحب بقناعة و ترفض بشجاعة و تعيش بكرامة ..
السعادة لا تخضع للقوانين فيزيائية أو مبادئ رياضية كما انها لا تتمثل في صورة واحدة استثنائية ، فالبعض يعتقد أن تحقيق معدل ممتاز سعادة لا توصف و البعض الآخر يربط سعادته تارة بتألقه في عمله و تارة بنجاحه في علاقاته الاجتماعية.. الخ و هنا يكمن أكبر إشكال ؛ فكما يقال السعادة مثل الفراشة كلما ركضت ورائها رحلت عنك و ابتعدت في حين ، إذا انتظرتها في حديقة جميلة ستحط على يديك لتلامسك هامسة لقد أتيت ..
هكذا السعادة تأتي دون سابق إنظار، فلتعمل بجهد دون تماطل ، و لتقم بدورك على أكمل وجه حتى تستشعر الرضا ، ثم انتظر ، فحتى و لو طال الانتظار تذكر أن السعادة في طريقها إليك لا محال ، لتزين دنياك و تعيد الألوان و البهجة إلى حياتك .
إعلم أننا نأخذ بالأسباب محاولين نيل الأهداف ، أهداف بات بلوغها يضاهي سعادة الحياة وما فيها ، غير مبالين بأن الأمور تمشي وفق حكمة .. فلا داعي لان تدفن حياتك وسط الماسي حتى تذبل زهرة شبابك ، ففشلك في تجربة لا يعني نهاية سعادتك و توقف مسارك ..
مع الأسف ، أصبحنا ننظر للحياة من زاوية ضيقة ، زاوية يعمها السواد تاركين الجزء المضئ ناصع البياض .. اخترنا الركن القاتم كملاذ امن بعيدا عن نورها الساطع .. بل اختزلنا جماليتها في الحيثيات دون أن نعير اهتماما للفرص التي تحملها في طياتها فيكفي التأني و التريث ..
قد لا نحظى بكل ما نصبو إليه في الحياة لكن هذا لا يعني الاستسلام و الدخول في متاهات اليأس و التقيد بالأوهام والأحلام السوداء إنها مجرد غيمة عابرة تنبؤك بفجر جديد ، شمسه تحيي في النفوس أحلاما خفية تحملك إلى عوالم أخرى قد تغير حياتك بأكملها .
صحيح أننا نحلم ، نخطط و نرسم لذواتنا أماني جميلة ، يعشقها القلب و ينساب وراءها الذهن لتظل في الذاكرة .. إلا انه سيحين الوقت لتصبح واقعا معاشا نسعد فيه بانجازاتنا ، و نوقع في سجل المجد أسماءنا ، فالسعادة ليست بأمر مستحيل .