خطبة من وحي الوزير
عبد العزيز سعدي
الحمد لله الذي مَنَّ علينا بوَطن مِعطاء، وأكرمنا بوُزراء أتقياء، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الأَمِينِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ.
أما بعد عباد الله، إنّ مِن نعم الله على هذا البلد أن حَبَاه بِوَزير مجتهد، وزيرٌ نشأ في هذه المدينة بين ظهرانَيْكم، فأبعده الواجب الوطني عن أنظاركم، لم يكن يفكر في الاستوزار حتى فاجأه القرار. فاحمدوا الله عباد الله، واتقوا الله واحذروا الانحراف عن العروة الوثقى والانسياق إلى انتقاد وزيركم الأوفى. تجنبوا أسباب غضبه، ومحاسبة أُولي الألباب من حاشيته، فمنازعتهم فيها فساد كبير والعياذ بالله.
إخوة الإيمان، احفظوا اللسان واتركوا فضول الكلام. إياكم والاحتجاجات، إضرابات أو مسيرات، فتلك أمور ما أنزل الله بها من سلطان (مِنْ حُسن إسلام المرء تَرْكه ما لا يعنيه).
أيها المؤمنون، أوصيكم ونفسي بالإكثار من الطاعات وإرضاء مسؤولي الوزارات. فما بال قومٍ يُعرضون عن حب الوزير؟ يَعْصون أوامره ويرتكبون نواهيه، ومنهم أهل الضلال الذين ينددون بسياسته على رؤوس الأشهاد، ودعاة الفتنة الذين يحرضون عليه بدعوى رعايته الفساد (أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ ولكن لا يَشْعُرُونَ). ومن الأمور التي يجب علينا العمل بها لنيل رضى العلي القدير الصبرُ على أذى الوزير وتَحَمُّل ما يأتي به من تدبير، قَالَ تَعَالَى (وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ). وكما تَجب طاعته يجب إظهار محاسنه وإخفاء مساوئه. فلا يزال الناس بخير ما عَظّموا وزيرهم، ومِن تعظيم معاليه أن تحترموا مرؤوسيه وأولي النُّهى من مُقربيه، ويُستحَب أن تتجاوزوا عن أخطائه غير المقصودة وَتنشروا إنجازاته المشهودة وتعددوا مآثره المحمودة، فَوَلِيّ نِعمتكم له الفضل عليكم، قال تعالى: (هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ).
فينبغي على العبد المؤمن أن يتقرب إلى الله بالدعاء لوزيره عقب كل صلاة. اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى أن تُعِنّا على ذِكر مناقب الوزير وحُسن الإنصات إليه، ربنا اجعلنا من المتعاونين مع الوزير والتابعين له بإحسان ولا تجعلنا من المتعاونين على الإثم والعدوان، يا ذا الجلال والإكرام. هنيئا لِمن اجتهد في الدعاء للوزير بالصلاح والتوفيق، هنيئا لكل من دخل في قوله تعالى (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).
أيها المؤمنون، كثُرت المحن واشتدت الأزمات، فنسأل الله أن يثبتنا على العقيدة السمحة ويبارك في مجهودات الوزير الضخمة. وعجبا لأولئك الذين يُحَمّلون وزيرنا الأجلّ مسؤولية كل خَطْب جَلَل من غلاء مستفحل وشباب مُعَطَّل، ناهيك عن الصناديق الفارغة والإدارات الفاسدة. ألا يعلمون أن حكمة الله تقتضي أحيانا اختصاص العبد بالمصائب تعجيلاً لعقوبته في الدنيا ولطفا به من عذاب الآخرة؟ ألا يعلمون أن هذه الدنيا دار بلاء، يبتلينا الله عز وجل بالشدائد ليُعرَف المؤمنون الصادقون من المنافقين الكاذبين؟ ألا يعلمون أن المِحن تنطوي على المِنَح والآلام تحتضن الآمال؟ (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم). ألا يعلمون أن الأمرَ قضاءٌ وقدر وأن لا دخْلَ للوزارة فيما حَصَل؟ كيف ينْشُدون الإصلاحات وهم بقترفون المحرمات؟ يريدون أن يغيرَ الله ما بهم من فساد وَغَلاء وهم لم يغيروا ما في أنفسهم من عصيان وجَفَاء ! ألم يقرؤوا قوله تعالى ( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ )؟
اعلموا رحمكم الله أن الوزير، زاده الله أجرا ومعاشا، عَوَّدَنا على الاجتهاد إزاء كل مشكل حاد، يشكل لجنا رفيعة المستوى، تعكف على تدارس عموم البلوى، لتُصْدِر ما يشبه الفتوى بوجوب التعايش مع ما تَفشّى، فما علينا إلا الصبر والتسليم بقضاء الله والتضرع إليه ليخفف عنا ما نزل. واعلموا، أحبتي في الله، أن وزيرنا إذا اجتهد أصاب، وأجرُ المُصيب مضاعفٌ عند العزيز الوهاب. ولزيادة بيان فضل الاجتهاد قال رسول الله (إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر). ويستوي في ثواب الإصابة الذكر والأنثى، وكم لدينا من مصيبة ضمن نساء الحكومة! نساء مؤمنات حَظّهن من الراحة في اليوم ساعتان ولهنّ من المعاش فَرَنْكان، أنْعِم بهن وأكْرِمْ ! أبَيْنَ إلا أن يمْكُثن بجانب الرجال في السراء والضراء ويَكُنَّ عبيرَ الحكومة وَزِينَتها. اللهم اختم بالصالحات عَملَهن واحْلُل عُقَد ألْسِنَتهن ووفِّقْهن وباقي خدام الدولة إلى ما تحبه وترضاه.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.