حوار مع الشيطان

حوار مع الشيطان

المصطفى بلحا مرة

 

الليل مظلم وشديد السواد، البرد قارص، البطن خاو إلا من قرص خبز يابس حافي. الفراش ورق مقوى، الغطاء ما ستر جسمي النحيل المتهالك من أسمال بالية، الوسادة حداءين فيهما أكثر من ثقب، البيت بابه حديدي موصد بإحكام بصعوبة يدخل منه هواء يخنق الأنفاس، الرائحة نتنة، في احدي زواياه ثقب في أرضه لقضاء الحاجة. بصيص ضوء يدخل من كوة في السقف بالكاد تجعل الإنسان يتبين الخيط الأبيض من الخيط ا لاسود، السكون قاتل . في هذا الجو استسلمت لأفكاري ورجعت بي الذاكرة إلى أيام الطفولة البريئة حيت كنت أقوم وأقعد.امشي أو أقف. أبكي أ و أضحك دون أن أثير انتباه أحد، اللهم إلا إذا كان بعض أنواع اللعب يشكل خطرا على حياتي، وكانت البساطة والسذاجة هي المكون الأساس في حياتي، وكان أملي الوحيد: أن اكبر وأصبح رجلا وأتخلص من قبضة فقيه( المسيد) الذي كان يتلدد ببكائي لما يؤلمني سوطه الذي يترك أثره في جلدي لا لشئ إلا لأن والدي لم يكن في استطاعته مده ببعض الإتاوات كما يفعل من وضعهم المادي ميسور، وحتى والداي كنت كبش فداء نزاعهما الروتيني الذي لا ينقطع ، فاعنف واضرب بدون سبب. ومرت الأيام بطيئة ثقيلة مضطربة، وذهبت تلك المرحلة نحو المجهول من غير رجعة، وجاءت المرحلة الصعبة التي طبعت شخصيتي، وأصبحت العامل الاساسى والعمود الفقري في حياتي. إنها مرحلة المراهقة . مراهقتي جد مضطربة، وظروف والدي الاقتصادية الهشة وأميتهم المطلقة لم يمكناهما من حمايتي من شرور غرائزي الجامحة، وفهمت المجتمع بطريقة مغلوطة، مما جعلني أتمرد على نفسي، علي والدي، على المجتمع. وأحسست بالظلم والقهر، وبدأت أفكر في صمت واسأل نفسي: هل المسئول عن وضعي المزري والداي، آم المجتمع، أم اصطحاب الحل والعقد، أم قوة غيبية قاهرة . ولم أكن اعلم أن هذه الأفكار ستتبلور وتتقوى وتكبر في داخلي، وتصبح بركانا يقذف بي في هذه الزنزانة الموحشة وذنبي إنني أبديت رأيا يخالف رأي أصحاب الحال..... تأوهت، تألمت، و أغمضت عيناي ونمت، تم سمعت أحدا يناديني باسمي فاستيقظت مذعورا لأنه لاياتي في هذا الوقت إلا الجلاد، فتحت عيني فوجدت شبه ادمي يجلس بعيدا عني لم أتبين ملامحه فسألته من أنت ؟ ومن أين دخلت؟ والباب موصد بإحكام؟ وما ذا تريد؟وقبل أن تجيب اقترب مني لأراك جيدا. وبصوت مفهوم ولسان طليق قال: قبل أن أجيبك يحب أن نتفق على أن لاتدكر آية من القرءان ولا تصل على النبي ولا تلعن الشيطان ولا تقاطعني وبعد أن وافقت على شروطه تنحنح وقال : أنا من طلبت منك أن لا تلعنه، لأنني لم أفعل ما يوجب ذلك، تم انك إن فعلت فانك لم تعد تراني أو تسمعني. أما كيف دخلت والباب موصد بإحكام،، فان الحواجز لا تمنعني، كما أنني لم كن خارجا حتى ادخل، بل أنا كنت في داخلك، الم يقل نبيكم أنني أجري فيكم مجرى الدم، هدا الحديث تتناسونه لأنكم لاتأخدون من دينكم إلا ما يوافق هواكم . أما لماذا جئت وما ذا أريد، فإنني جئت لأبرئ نفسي بعد أن جعلتموني شماعة علقتم عليها كل خطاياكم. أنا مند زمان بعيد تقاعدت بعد أن أصبحتم تولون أموركم سفهاءكم بطرق اقل ما يقال عنها هي لعب عيال، وسميتموها بالإجماع(السنة والجماعة) ولما لم تعد مقبولة سميتموها شوري، ثم لما فقدت بريقها المزيف، سميتموها الديمقراطية.... ومن خلالهم كذبتم، ونافقتم، ووعدتم أخلفتم، وحكمتم حسب أهوائكم، وباسم الدين تحكم الكهنة والقساوسة والحاخامات والرهبان والأئمة في الأرزاق وقطعوا رقاب العباد، والعجب العجاب، أن غرائزكم البهيمية، تدفعكم لإفراغ مكبوتاتكم إلى درجة الشدود، ولتبرئة أنفسكم تلصقون بي التهمة، مع أنكم تعرفون آن من لم يتذوق شيئا لا يستحسنه ولا يعرف له لذة، فكيف أحبب لكم شيئا لم ولن أمارسه، لأنني روح بلا جسد، وليست لدي أعضاء تمكنني من ذلك، انتم أسستم كليات ومعاهد لتخريج اساتدة في النصب والاحتيال والارتشاء، لان الأمي ليست له وظيفة أو منصب حكومي يجعل المستضعفين والمقهورين يقدمون له الإتاوات والهدايا ويتملقون إليه ليأكلوا من فتات موائده. انتم من سميتم زورا وبهتانا الاختلاف رحمة وأصبح كل متخذا إلهه هواه. بجهلكم الذي تسمونه علما صنعتم أسلحة الدمار الشامل التي باستعمالها إن عاجلا أو آجلا ستكون نهاية العالم، وستنقلب الدنيا رأسا على عقب، ولغبائكم ستتهمونني بأنني الدافع والمحرض، ناسين أو متناسين أنني طلبت من الخالق آن يمهلني غالى يوم الدين، فأمهلني إلى يوم الوقت المعلوم، وحينذاك سأستقر في

جهنم ويئس المصير، فهل يعقل أن استعجل ما ينتظرني من أنواع العذاب بتحريضكم على القتل والحروب والدمار. انتم المخلوق الوحيد على الأرض الناطق العاقل الضاحك المنافق الذي له يد تصنع أنواع الدمار الشامل، انتم من قلوبكم قاسية كالحجارة أو اشد قسوة، وسكت لان الباب فتح، ودخل الجلاد ليا خدني إلى (مجزرة البحث والاستنطاق) وأنار المصباح واختفى محاوري دون أن يودعني آو يعدني بمقابلة أخرى

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات