إيديا و رَشَا.. وَفَاتان تؤشران على إفلاس المنظومة الصحية

إيديا و رَشَا.. وَفَاتان تؤشران على إفلاس المنظومة الصحية

المهدي براي

 

توفيت، الثلاثاء الماضي، الطفلة إيديا فخر الدين، والتي تنحدر من إقليم تنغير وتبلغ من العمر سنتين، في ظروف مخزية، ما أشعل نيران الغضب في مواقع التواصل الاجتماعي. من جانب آخر، فقد أثبتت وفاة الطبيبة رشا عاطف، أسبوعا قبل ذلك، أن تدهور الصحة ليس مرتبطا فقط بالمناطق النائية، فالمدن الكبرى كالدارالبيضاء تعاني بدورها من إفلاس المنظومة الصحية.

 

وكانت إيديا قد أصيبت بنزيف دماغي إثر ارتطام رأسها بالأرض في تنغير، وتم نقلها إثر ذلك إلى المستشفى الإقليمي بالمدينة نفسها. ونظرا لعدم توفره على التجهيزات الطبية اللازمة لا سيما جهاز "سكانير" ، نقلت الطفلة إلى المستشفى الجهوي مولاي علي الشريف بالرشيدية، ومن ثمة إلى المركز الاستشفائي الجامعي بفاس. قطعت إيديا إذن 500 كلم في سيارة إسعاف، ووافتها المنية في نهاية المطاف. ما يطرح تساؤلات حول فائدة المروحيات التي يزعم وزير الصحة أنها في خدمة المواطنين، بل ما جدوى تلك البنايات المدعوة "مستشفيات" إن لم تتمكن من إنقاذ الأرواح

 

هذا، وقد قامت وزارة الصحة بتفنيذ ما سمّته المغالطات حول العرض الصحي بجهة درعة تافيلالت، وأشارت إلى أن هذه الجهة تعد من ضمن أولويات مخططاتها وبرامجها من حيث توسعة العرض الصحي، وقد تم إنجاز العديد من المشاريع الهامة في الميدان الصحي بهذه الجهة وهناك مشاريع أخرى مبرمجة.

 

في سياق آخر، توفيت الطبيبة رشا عاطف، التي كانت تحت التدريب (طالبة في السنة السابعة) في المستشفى الإقليمي بدار بوعزة، حيث تعرضت لحادثة سير، نُقلت على إثرها إلى المستشفى المذكور، ثم أحيلت إلى المستشفى الحسني، ومن بعده إلى المستشفى ابن رشد. هناك، تم إبلاغها بأن الطاقة الاستيعابية للمستشفى الجامعي بلغت حدها. وبعد 6 ساعات قضتها تجوب شوارع العاصمة الاقتصادية، وصلت الطبيبة الشابة إلى إحدى المصحات الخاصة في حالة غيبوبة، بعد فوات الأوان.

 

هاتان الفاجعتان تثبتان، خلافا لما يروج، أن سكان المناطق النائية والمدن الكبرى "سواسية" في المعاناة من تردي أوضاع الصحة ! الغريب هو أنه في الوقت الذي يعاني فيه المغاربة في المستعجلات من غياب التجهيزات والأطر والأسرّة، نجد أن الدولة تعطي دروسا للأشقاء الأفارقة وتفتح لهم مراكز للتكوين في طب المستعجلات، في "الكوت ديفوار" وغيرها، بتجهيزات تكنولوجية عالية الدقة لا يوجد لها أثر أصلاً في كليات الطب ومعاهد التمريض المغربية ! والأكثر غرابة هو أن وزير الصحة، الذي كان رئيسا لقسم المستعجلات، وفشل في خمس سنوات في إيجاد حلول في مجال تخصصه، قد تمت مكافأته بتمديد ولايته على رأس القطاع برمّته !

 

وصدق من قال: "إن كنت في المغرب، فلا تستغرب".

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات