المجالس الجهوية للإستثمار ضرورة الإصلاح
رشيد الساري
المجالس الجهوية للإستثمار أنشأت في يناير 2002 بعد الرسالة الملكية للوزير الأول من أجل أولا تيسير المساطير الإدارية أمام المستثمرين وكذا مواكبة ومصاحبة المقاولات الصغرى والمتوسطة من أجل إنجاحها، فما الذي يجعل اليوم المجلس الأعلى للحسابات ينتقد عمل هذه المجالس التي لم تأت بالإضافة للإقتصاد الوطني ثم ما الدافع وراء مطالبة الملك لإدريس جطو من أجل القيام بافتحاص دقيق ورفع تقرير مفصل لمكامن الخلل وضرورة إصلاح هذه المراكز؟
المتابع لهذه المجالس التي ربما للأسف يجهلها البعض بحكم إنكماشها وعدم إنفتاحها على العالم المحيط بها باستثناء بعض الحالات الخاصة كمجلسي الجهة الشرقية وسوس ماسة سيتين له أن ما تعشه اليوم المجالس الجهوية للإستثمار من تخبط وعدم نجاعة في أداءها تمت الإشارة له في تقريرين سالفين لمجلس إدريس جطو في سنتي 2009 و 2011 لكن للأسف لم يتم التفاعل سلبا أو إيجابا مع هذه التقارير.
الغريب كذلك أنه في سنة 2012 وبطلب من الحكومة السابقة لبنكيران في شخص وزارة الداخلية قام مكتب الدراسات الأمريكي ماكنزي بتقييم عشر سنوات على إنشاء هذه المراكز بعملية إفتحاص مفصل للعوائق التي تحول دون فعالية هذه المجالس وخلص للنقط التالية:
أولا : أهم الإختلالات تتعلق بالعقار وتحديدا التأخير الذي يطال تراخيص التأسيس.
ثانيا : نقص في الموارد البشرية والمادية لهذه المجالس وهذا ما يِؤدي غياب التواصل بين مختلف الإدارات المعنية خصوصا غياب الشباك الوحيد باستثناء أربعة مدن الرباط،الدار البيضاء ،مراكش ثم الجهة الشرفية في باقي الجهات يضطر المستثمر إلى التنقل إلى المصالح الأخرى لإستكمال إجراءات إنشاء المقاولة أو إحالة ملفه على الجهة المركزية بالرباط ، فعن أي اللامركزية نتحدث بل أين تتموقع الجهوية المتقدمة التي نص عليها دستور 2011 في أول فصل له؟
ثالثا: جل المجالس الجهوية للإستثمار لا تتكيف مع خصوصيات كل منطقة على حدة ولا تأخذ بعين الإعتبار المؤهلات المحلية التي تزخر بها كل جهة ، التقرير نفسه أشاد باستثناءين في كل من الجهة الشرقية وسوس ماسة.
إذا كان هذا التقرير قد وقف على أصل الداء فهو بالمقابل إقترح مجموعة من الحلول الميدانية والتي تتطلب في مجملها عملا يمتد من خمس إلى عشر سنوات
من أجل تقوية أدائها عبر تحويلها إلى مراكز جهوية للتنمية الإقتصادية و ذلك للوقوف على المؤهلات التي تتوفر عليها كل جهة من الجهات 12.
التقرير نفسه أقترح كذلك أن هذه المجالس يجب أن تكون مسيرة بواسطة مجالس إدارة مكونة من أعضاء تابعين للملحقين الجهويين لجميع الوزارات وكذا رؤساء المجالس الجهوية بالإضافة إلى ممثلي المجمع المدني والجمعيات والغرف المهنية.
ملحوظة أخيرة حول هذا التقرير الذي سلم لوزارة الداخلية في شهر فبراير من سنة 2013 أنه للأسف لم يخرج للعموم وظل حبيس ربما أحد المكاتب أو في مصلحة الأرشيف.
بعد شهرين تقريبا من الآن ربما سنعود من جديد لنشهد زلزالا آخر سيكون عنوانه الأساسي بالنسبة لنا هو إصلاح المنظومة برمتها لمؤسسة دورها الأساسي المساهمة بشكل فعال في الإقتصاد المغربي وليس بالتحديد العمل الإداري الصرف عبر مواكبة المقاولات الصغرى والمتوسطة من أجل ضمان سيرورتها ونجاعتها وعدم إفلاسها وذلك عبر دراسة المشروع المقترح والبحث عن مصادر التمويل .... كذلك سوف نتطلع لإسهام هذه المجالس في تقديم خدمات متميزة للمستثمرين الأجانب وذلك عبر قوة أقتراحية للمجالات التي يمكن الإستثمار فيها والتي تتلائم مع خصوصيات كل جهة.