الأطر العليا المعطلة وضرورة اسقاط مقولة العطالة

عبد الله الحمزاوي

 

في الأونة الأخيرة ازدادت قوة النضالات السلمية التي تخوضها حركة الأطر العليا المعطلة بشوارع العاصمة الرباط، وعند تفاعل العديد من الجهات مع الموضوع يستخدم لفظ العاطلين أوالعطالة سواء عن قصد أو غير قصد. المهم فان المصطلح أصبح شائعا لدى العديد من المنابر الصحفية وغيرها, لهذا فان استخدام هذه الكلمات قد يبدو سهلا لكنه يعتبر بمثابة الشجرة التي تخفي وراءها غابة. فما هو الفرق اذن بين المعطل والعاطل، أو ما هو الفرق بين البطالة والعطالة؟ ثم هل حركة الأطر العليا المعطلة بالرباط تدخل ضمن خانة المعطلين أم العاطلين؟

من الصعب التحدث بشكل سليم في زمن تحتضر فيه لغة الضاد، لكن على الأقل يجب التمرن شيئا فشيئا حتى يتأتى لنا ضبط المفاهيم والمصطلحات لأن المشكلة ليست أن نخطئ مرة وإنما أن يستمر الخطأ, هكذا ارتأيت البحث في قضية تبدو بسيطة إلا أن بساطتها تجعلنا امام قراءات سياسية مختلفة، فالحديث عن المعطلين يحيل ضمنيا على وجود خلل في البنية الاقتصادية وعلى الجهات المعنية التحرك لإيجاد حلول للقضية الاجتماعية ممثلة في مشكل البطالة، بما يعني أن المعطل هو ذلك الشخص الحاصل على الشهادة العليا التي تؤكد تكوينه وتثبت قدراته المعرفية، إلا أنه لم يجد المجال المناسب لتوظيف قدراته في خدمة وطنه. أما الحديث عنه كعاطل فهنا لا مجال للكفاءة بل نحن أمام انسان عاجز عن العمل بسبب الكسل أو نظرا لوضعه الصحي، وبالتالي نصبح امام تأويلات أخرى لا تليق بمقام الأطر العليا. بل أكثر من ذلك تشكك في مصداقية الدولة نفسها التي شهدت بالكفاءة للأطر وعند تشغيلهم تود سحب الثقة من شواهد هي من منحتهم اياها.

ان فئة الأطر العليا لا يجوز وصفها أبدا بفئة العاطلين بل هم معطلين يتوفرون على كفاءات وقدرات باهرة منهم رجال القانون والاقتصاد ومنهم المهندسون والرياضيون والفزيائيون وغيرهم، لكن للأسف أصبحوا يرمون بهذا الوصف لأن الجهات التي تحاول أن تنال من نضالاتهم السلمية تحاول استخدام كل القواميس والمعاجم المختلفة ابتداء بالتدخلات الأمنية والاعتقالات والمحاكمات الصورية ، وانتهاء بحرب الكلمات والمفاهيم ولعل وصف العطالة أبرز برهان على الهجمة الممنهجة التي تقودها الجهات المسؤولة ضدا على أبناء الفقراء، وسعيا الى التقليل من قيمتهم كشباب طموح ينتظر منه البلد الشئ الكثير وان كان المعطل لم يعد ينتظره أي أحد.

ان أبسط ما يقال في حق شخص قطع المسافات الطويلة للوصول الى عاصمة ظن في الوصول اليها نهاية المشكلة. هو أنه معطل وليس عاطلا فلو كان عاطلا ما سعى الى انتزاع حق تحول في مخيلته الى كابوس أو حلم يراوده ليل نهار، بل انه أصبح يستفهم مستقبله ويشك في حقيقة ماضيه، بعدما تبين له أن الحرية خطاب وليست ممارسة، وأن الديمقراطية أكبر خديعة صنعها الأقوياء للاستحواذ والاجهاز على حقوق الكدحين و الضعفاء.

بلا شك أن نضالات الأطر العليا المعطلة مستمرة وستستمر مهما يقال لأن استمرار الاستبداد وهضم الحقوق العادلة والمشروعة هو الوقود الحيوي لاستمرار النضال والتضحيات الجسام. سيسجل التاريخ سجلا للمعطل هو معرفة من يعادي حقوق الفقراء وفي المقابل سيتمكن من معرفة من مع الحقوق ونصرة المستضعفين. فالى جانب من سيكون السيد بنكيران وحكومته التي أخلفت الوعد وأنصفت الفجار بفلسفة جديدة اسمها عفا الله عما سلف، وجعل حزبه حضور المستشار الصهيوني لرئيس الوزراء الاسرائيلي السابق اسحاق رابين من بين علامات نجاح مؤتمره السابع؟


قراءة التعليقات (6)