المفتاح خارج الصندوق
عبد الفتاح عالمي
الجميع هو الصواب وأي خروج عن هذا المألوف هو جريمة تستلزم لدى البشر غريزة طبيعية تقول بأن ما يفعله وما يعتقدهالعقاب والإقصاء من الجماعة. وهذه الغريزة نفسها تتحول لدى البعض إلى قوّة مضادة تدفع للبحث عن نقاط الاختلاف مع ما .هو سائد ثم العمل على تطويرها موصدة، وحين يبتعدون قليلاً عن بيئتهم يجعلون من تلك كثيرون ولدوا في بيئة تصوّر الحياة على أنها سجن ذو أبواب.السجون هوامش حريّات مطلقة إن كان الانغلاق على الثقافة الموروثة وسيلة للحفاظ عليها فإن الواقع يؤكد على أن هذا الانغلاق هو أكبر تهديد للموروث .الثقافي والتقليدي لدى المجتمعات المعاصرة .التي تحمل معها مظاهر العولمة يصعب على المجتمعات ذات البُنى التقليدية أن تصمد طويلافي مقابل التيارات ربما يسهل علينا ملاحظة هذا لأننا ولدنا في جيل رابط بين جيلين، أحدهما مرتبط بالقيم والتقاليد، والثاني متحرر لدرجة تثير ية في التعامل مع الماضي، بل واعتباره مجرد عقبة في طريق في الأول الخوف من أن يضيع كلّ شيء بسبب انعدام المسؤول.التقدم والحضارة. و بين التطرف في التمسّك بآثار الماضي و التطرف في التحرر منها تبقى مساحات الحلول الوسطية تي تحاول اكتساحها، من الصعب على المجتمعات التي تدافع عن القيم ذاتها، وتحاول جاهدة بناء خندق بينها وبين الحضارة الأن تتقبل وجود أفراد يحاولون صناعة قيم خاصة بهم، ويطرحون أسئلة تُعتبر في عرف الثقافة السائدة أسئلة مفروغاً منها وتم .إغلاق باب البحث والتنقيب حولها عيشون حياة مزاجية تشبه ما كما من الصعب على هذه المجتمعات نفسها أن تؤمن بصحّة القدرات العقلية لهؤلاء الأفراد الذين ي.يعيشه أولئك الذين يقعون تحت تأثير العاطفة أو المخدرات على وضع الأمور في -أكثر من غيره-لعلّ كل من قرأ رواية "عقل غير هادئ" للطبيبة النفسية "كاي جاميسون" قادر قلي الذي نواجهه في مجتمعاتنا بالرفض دون الع الاضطرابنصابها، ذلك أن رواية مشابهة أحدثت جدلاً حول مفهوم الجنون و.أن تكون لدينا ثقافة التحليل والتفكيك لمحاولة فهم الظواهر الغريبة التي من الممكن أن تؤدي للعبقرية لو تم علاجها من خلالها أثبت التاريخ غير ما مرة أن المقاييس العقلية ليست وحدها الممكنة. هناك أساليب لا تمرّ عبر طريق العقل يمكن الوصول لنتائج أكثر فعالية. يطلقون على هذا مسمّيات كثيرة من أبسطها "التفكير خارج الصندوق" باعتبار أن كل النماذج .عنها طريق نحو النور انطلاقا من العتمة الموجودة هي صناديق مغلقة والخروج صول لأي تقدم في تاريخ البشرية دون التفكير خارج القوالب كل أمثلة الإبداعات التي دخلت العالمية تؤكد على أنه لا يمكن الوالمغلقة. وما يبدو مستحيلاً اليوم سيكون غداً من أبسط الأشياء الممكنة، لأن المستحيل هو مجرد صفة نُعتت بها عبر التاريخ .تلك الظواهر التي كانت تستعصي على الفهم والتفسير