المغرب وانتفاضة الكرامة

المغرب وانتفاضة الكرامة

أخريبيش رشيد

 

 

بعد الاحتجاجات التي اندلعت في العالم العربي والإسلامي ،وبعد الثورات الديمقراطية التي حلت بعدد من دول المغرب الكبير كانت الاحتجاجات قد بدأت في المغرب رافعة شعار إسقاط الفساد والمفسدين ،لكن على ما يبدو لم تخرج هذه الاحتجاجات بشيء ولم تستطع تحقيق ماكانت تصبو إليه ،حيث اقتنع البعض من هؤلاء بفكرة الإصلاحات وإسقاط الفساد والمفسدين التي جاءت مع الحكومة الجديدة التي كانت مجرد مسرحية ألفوها خوفا من الثورة التي قد تحصد اليابس والأخضر.

جاءت الانتخابات عفوا المسرحيات واستطاعت أن تخمد نارالإحتجاجات ،حيث كان حزب العدالة والتنمية الذي رفع شعار الحرب على الفساد والمفسدين هو من يتصدر نتائج هذه الانتخابات وبذلك استطاع رئاسة الحكومة التي كان أغلب الشعب المغربي قد صدقوا وعودها الوردية ،والتزموا التريث وعدم التصعيد ابتغاء عهد جديد يعيد لهم الكرامة،لكن على ما يبدو أن الكرامة في بلداننا وعبر تجارب لا تحقق لا بالحوار ولا بالمهادنة ولا بالإنتظارات التي لم نجني منها سوى الهزائم وإنما الحل يكمن في أن يعيد المغاربة النظر في كل هذه المعايير المتبعة تجاه حكومتهم ،ويعيد قراءة ما يجري قراءة صحيحة دون أن يغتر بظواهر الأشياء .

يجب أن نعترف أن الشعب المغربي انخدع من أول يوم خرج فيه إلى الشارع بشعارات حزب العدالة الجوفاء وبالشعارات التي رفعتها الحكومة الجديدة والتي اكتشف الشعب في النهاية أنها غير قادرة على الوفاء بأي وعد من الوعود

المقدمة ،الآن وبعد أن أسدل الستار وأميط اللثام على نوايا الحكومة قرر الشعب المغربي اختيار التعامل بمنطق التصعيد والخروج إّلى الشارع عبر مسيرات شعبية ضد ما يسمونه استخفافا بمشاعرهم من طرف الحكومة الجديدة فلسان حال هؤلاء أكثر من أي وقت مضى يقول صبرنا ما فيه الكفاية لكننا الآن في انتفاضة من خلالها نبحث عن السبل الكفيلة التي تعيد لنا الكرامة التي أصبحنا لا نعرف إلا اسمها .

بعد شهور من الإصلاحات المفبركة وبعد طول انتظار وجد الشارع المغربي نفسه بين مطرقة الحكومة وسندان أوضاعه الاجتماعية مضطرا إلى رفع شعار إسقاط الفساد والمفسدين ومن يدري ربما تتحول هذه الاحتجاجات موجهة إلى الحكومة لإسقاطها، خاصة وأننا قد سمعنا مجموعة الأصوات من بعض الأحزاب التي تحاول جمع توقيعات لتقديم ملتمس الرقابة لسحب الثقة من الحكومة التي تحاول أن تغطي الشمس بالغربال وتحاول تمويه الشارع وتسكينه عن قضاياه المصيرية التي من أجلها بدّأ الاحتجاجات.

إذن هذه الاحتجاجات التي من المقرر أن تندلع من طرف بعض الهيئات وبعض النقابات وناشطين من عموم الشعب لم تأت دعما للسيد بنكيران ولا سندا لحكومته ،ولا حبا في سواد عيون النظام،بل هذه الأخيرة جاءت بعد عناء طويل مع الوعود قطعتها الحكومة الجديدة والتي لم تفي ولو بواحد منها ،بل على العكس من ذلك فالحكومة كانت هي الأخرى سببا في شقاء المغاربة واستفحال أوضاعهم وتفاقمها،فالمغاربة الذين خرجوا منذ الوهلة الأولى والتي تزامنت مع الربيع الديمقراطي الذي حل ضيفا على مجموعة من الدول ،لم يكن هؤلاء على علم بنوايا الحكومة التي جاءت وبالا على الشعب المغربي ،حيث ألحت على على الزيادة في أسعار المحروقات والتي أدت في النهاية إلى الزيادة في ّأسعار جميع ما يحتاجه المواطن البسيط من نقل ومواد غذائية ،ثم تلتها مبادرات من طرف هذه الأخيرة شملت التعليم والتي حاولت من خلالها إلغاء مجانية التعليم وإعطاء الفرصة للمفسدين ،وإقصاء أبناء الشعب الذين هم بأمس الحاجة إلى المجانية لأنها هي من تقيهم شرأوضاعهم المزرية،هذا فيما يخص التعليم العالي ، أما في ما يخص التربية الوطنية مع مجيء الحكومة الجديدة حاولت إلغاء ما تم بناءه في

السابق بدعوى التغيير والإصلاح الذي نسمع عنه منذ الاستقلال دون أن نشاهد ذلك حقيقة على أرض الواقع.

إذا أردنا أن نضع مقارنة بسيطة بين الاحتجاجات التي يتم الحديث عنها الآن والاحتجاجات التي مرت عما قريب والتي تزامنت مع الثورات، سنجد أن هناك فارق كبير بين هذه الاحتجاجات وتلك التي مرت ،فالاحتجاجات الأولى بالرغم من أنها رفعت شعار إسقاط الفساد والمفسدين إلا أن من رفع تلك الشعارات غرر به وصدق أكذوبة الإصلاح وتراجع عن أهدافه التي لن تكون طبعا سهلة المنال ،لأن التجارب التي مر منها العالم بأسره والتي لقنتنا دروسا في الإصلاح حيث علمتنا أنه لا تغيير ولا إصلاح ولا ديمقراطية بدون تضحيات،أما فيما يخص هذه الاحتجاجات فنعتقد ونؤمن ونقر بأنها لن تكون مثيلا لسابقتها ،أولا لكونها جاءت في سياق يعرف فيه المغرب غليانا بسبب الأوضاع الكارثية التي يعيشها المواطن المغربي ،ثانيا أن المغاربة سئموا من شعارات الحكومات المتعاقبة التي تعودت الكذب والخيانة ،ثالثا أن المغاربة فقدوا الثقة في كل الأحزاب سواء العلمانية أو الإسلاموية وقرروا الخروج من أجل توجيه أكثر من رسالة لهؤلاء بأن مكانهم لم يعد موجودا بين المغاربة .

يبدو أن الحكومة الجديدة استشعرت خطورة الأمر، وأحست أن وقتها قد حان ،خاصة بعد أن قام محتجون بحرق صور السيد بنكيران وصبوا جام غضبهم على حكومته ،لذلك بدأنا نلاحظ الرأفة والرحمة في كلام السيد رئيس الحكومة على الفقراء الذين لا يجدون ما يسدون به رمقهم ،والذي كان يصفهم عما قريب بأنهم أفضل حالا من جميع دول المنطقة ،بل نسي سعادته أن أجور الوزراء المغاربة هم أفضل بالمقارنة مع جميع دول شمال إفريقيا واسبانيا ،فحكومة السيد بنكيران أصبحت في مفترق طرق ،وأصبحت على شفا حفرة من الانهيار أكثر من أي وقت مضى.

عدد التعليقات (1 تعليق)

1

sorry

sorry

I want to say to the writer, a sincere greeting for this article, the revolution to come, God willing, no matter what Mr. Benkirane

2012/08/12 - 04:01
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات