بئس العاقبة لمن يفشل في قراءة التاريخ
محمد الهجري
تسير بلادنا بخطى ثابتة نحو مصير مجهول و مفتوح على أكثر من احتمال و لعل مشاهد العنف و العنف المضاد التي يعج بها الشارع تزيد من سوء التوقعات و تنبيء بما لا يحمد عقباه، فحيثما تولي وجهك متأملا و لو بنظرة تفاؤل تجد أن هناك إمعان في تكريس الجهل و التفقير و التهميش و هي من مقومات فشل الأنظمة كما قال غازي القصيبي : " نحن في سباق مع الزمن إما أن نقتل التخلف أو يقتلنا التاريخ" و هي أركان معادلة تجعل التنمية مستحيلة الحل و تجعل الأفراد داخل المجتمع تميل أكثر فأكثر نحو العنف و التخريب و التصرف وفق ما يمليه قانون الغاب للأسف و قد قال ابن خلدون : " الشعوب المقهورة تسوء أخلاقها "، و في هذا السياق أتدكر أني قرأت يوما رواية لست متأكدا من سندها إلا أنها تحتوي على عبرة واقعية يؤكدها ما حدث لاحقا و هي عن حوار بين الرئيس الليبي السابق معمر القدافي و الرئيس التونسي السابق لحبيب بورقيبة حيث سأل بورقيبة نظيره الليبي عن سبب إفراطه في شراء الأسلحة بمبالغ خيالية شعبه أولى بها لاستثمارها في التعليم و الصحة و ما إلى ذلك و خاصة أنه في حالة سلم و لا يحتاجها فرد عليه أن اهتمامه بتأمين نفسه في حالة ثار عليه شعبه فاستغرب بورقيبة و رد عليه : أن يثور عليك شعب واعٍ و مثقف أفضل بكثير من أن يثور عليك شعب جاهل، و قد رأينا مشاهد مقتل القدافي على يد ميليشات من شعبه بعد الثورة عليه و بأسلحته التي اقتناها و هذا ما أكد نظرة بورقيبة إذا صحّت الرواية، و في بلادنا نرى كيف يتم إهدار المال العام في جميع الإتجاهات إلا فيما يفيد أبناء الشعب، فميزانية وزارة التربية الوطنية و التكوين المهني تقلصت ب 2،42 في المئة في ميزانية 2018 قارنة مع السنة الماضية، نفس الشيء بالنسبة لقطاع التشغيل الذي لم يخصص له سوى 1،25 مليار في بلاد يفوق عدد العاطلين بها 2،6 مليون حسب المندوبية السامية للتخطيط تنضاف إليهم سنويا آلاف الخريجين و في غياب أي استراتيجية واضحة لامتصاص هذا الكم الهائل في حين نجد الحكومة تستفز المواطنين بإجراء ات لا تتماشى و الوضعية الإقتصادية للبلاد كإقرار استفادة البرلمانيين من معاشات سمينة و تعويضات خيالية و امتيازات عن مهمة تمثيل الشعب ل 5 سنوات و أيضا القرار الأخير للحكومة القاضي بإعفاء ات ضريبية لشركات ضخمة كإجراء يزيد من تغول الرأسالية و يخدم الباطرونا (التي أصبح من الواضح أنه شريك فعلي في صناعة القرار بالمغربا) على حساب جيوب الفقراء و الكادحين في حين المفروض فيها أن تكون برجوازية وطنية فعلية (و ليس كما ادعى وزراء الحكومة و
رئيسها إبان انطلاق حملة المقاطعة) تساهم في الرفع و خدمة اقتصاد البلاد و تخفيف الضغط على قفة إنفاق فقراء هذا الوطن، و في الأخير أستشهد بما قاله نزار قباني : " بئس العاقبة لمن يفشل في قراءة التاريخ ".