أخبارنا وأخبارهم

أخبارنا وأخبارهم

الحسين أربيب

 

 

تنبيه ، ليس المقصود هنا بالعنوان جريدة "أخبارنا" فالموضوع وحده فرض ذلك لذا وجب التنبيه.                        .      .                                                               عجبيبة هي تلك المفارقة التي تحملها لنا قصاصات الأنباء في البلاد المتقدمة وتلك التي تثقب آذاننا به وسائل الإعلام المغربية من مكتوبة و مرئية ومسموعة ، فالخبر هنا في بلاد العم سام خبر بكل المقاييس لأنه أولا يهم غالبية الشعب ، وثانيا فيه من عناصر المادية والمعنوية إضافات معلوماتية وآنية تنقلك لما هو آت من التطور التسلسلي والتتبع لقضية سبق أن تطرق لها الإعلام وتكون لصيقة بالحياة العامة للمواطن ، ثانيا مدة الخبر لا تتجاوز بضع ثوان- بالنسبة للخبر المتلفز- وله من التركيز والوضوح ما يغنيك عن شرح مطول يضيع منك الوقت فيما لا يفيد . فالخبر في وسائل إعلامنا نستشف منه عدم الثقة في ذكاء المواطنين واستبلادهم وتقديم مواضيع دون الإهتمام بالشكل وتجنبها للقضايا الصعبة بدعوى انها لن تكون موضوع متابعة كبيرة أو تطبيقا لمقولة أحد وزراء الدولة السابقين "اشغل العامة حتى لا يشغلوك". فعلا الإعلام المغربي يشغل العامة بتفاهات مسلسلات لا نهاية لها وغريبة عن كل قيمنا وأخلاقنا وبترجمة رديئة ،وعناوين على الصفحة الأولى لصحف صفراء تتوخى البيع ولا غير مع إثارة الإنتباه لأمور مكانها في صفحة "مختلفات"والتركيز على الجرائم كما لو أن المجتمع دخل حربا أهلية عوض الإهتمام بالقرارات السياسة والإقتصادية ومناقشتها لمعرفة مدى خدمتها لقضايا المجتمعية وفتح نقاش جدي لذوي الكفاءات والخبرة عوض استجواب من لا يدري ولا يعلم في الأمر شيئا ويصورونه كخبير فيما يعلم ولا يعلم .  والحقيقة هي أن إعلامنا يتجنب الخوض في القضايا الحساسة والتي يمكن أن يترتب عنها نقاش سياسي أو اقتصادي قد يفضح بعض الخفايا التي لا يراد لها أن تكشف أمام الرأي العام الوطني ، فهو إعلام أقرب الى الضبابية منه الى الشفافية وإذا ما استمر على تلك الشاكلة فإنه لن يصمد أمام تطور وسائل الإتصال التي حولت العالم الى قرية صغيرة ، وسيبقى وحده يخاطب نفسه كعصفور طار من عشه دون أن يتعلم الطيران فتراه يبحث عن مكان يسقط فيه دون ارتطام حتى لا تتكسر ضلوعه . ولقد بين الربيع العربي عدم جدوى الإعلام في الدول المتخلفة كالمغرب إذ كان الشباب في تواصل مستمر وفي تبادل للمعلومات وللقضايا المشتركة وانخراطهم عبر الشبكة العنكبوتية في نضال يسعى الى التغيير والتطور في العقليات والمؤسسات السياسة والإقتصادية ولم تتم مواكبة حركة 20 فبراير إلا بدافع تشويه ذلك الحراك وتبيان الأوجه السلبية ،إن كانت وإلا خلقت بكل تفاصيل كما لو كانت فعلا كذلك ، فوسائل الإعلام الرسمية تستعملها السلطة الحاكمة في خدمة سلطتها ، لا سلطة من المفروض أن تمثله ألا وهو الشعب ، الذي يؤدي الفاتورة غالية لمحررين غير محررين من قيود وعي مقلوب تطغى فيه ذات الأنا عن ذات المجتمع فتسير كالسهم في قلب كل حراك يهدف التغيير . لقد تطور الإعلام وتطورت المفاهيم التي تعتبر المعلومة حق من حقوق الإنسان ،فالإخبار والمعرفة عوامل أساسية للتنمية البشرية  الم يقل من قبل "فرانسيس باكون" أن المعرفة هي السلطة؟ فعلا إن حرية الإخبارالتي يضمنها القانون لمعرفة القرارات المتخذة بوضوح هي عماد الدموقراطية ومن الوسائل الأساسية للمواطنة المشاركة في بلد له المواطنون والوطن هم الهدف ولا غير وتطوير حياتهم وظروف عيشهم هي أولويات السياسات المطبقة.                    .                                  ففي الوقت الذي وصلت الشفافية في وسائل الإعلام الغربية باستعمال الروبوت- ليس اقتصادا في تشغيل الصحفيين ، بل لإراحتهم من أعمال روتينية - في كتابة مقالات وتقارير ومحاضر الجموع العامة،التي لها صبغة تواترية وترتيبية ،ووضع فهارس انطلاقا من معطيات مرقمة ، ما زلنا نحن نحجب المعلومة عن بعضنا البعض ولسان حالنا يقول" دعه غافلا" ليتم استغلال الإنسان لأخيه الإنسان وتلك هي أبشع صور عدم إنسانية هذا الإنسان. فالإعلام الغربي والأمريكي بالخصوص سلطة رابعة وفق "الكسيس دي توكفيل "في كتابه " الدموقراطية في أمريكا"أما نحن فالسلط مازالت مجموعة في يد واحدة فكيف لنا الحديث عن سلطة رابعة ،فكل وسائل الإعلام تستقي مصادرها من وكالة أنباء المغرب العربي التي يعاني صحفييها من وضعية اعتبارهم موظفين عموميين مع تقييد خطهم التحريري .                                                                                                     

   أخبارنا ليست بالأخبار بجميع المقاييس ، فكيف نعتبر خبرا ذلك الذي يتحدث عن اكتشاف مغارة بجهة طنجة وانتحار شخص في عيادة ،فتلك أحداث مختلفة تكون واردة في الصحف التي تحترم القارئ في الصفحات الداخلية المخصصة لمثل تلك الحوادث ، لا أن تشكل عنوانا متصدرا للصفحة الأولى، فحتى غير المهنيين في مجال الصحافة لن يفعلوا ذلك فما بالك من المتمرسين في هذا المجال ؟                      .                                                                                                                                         يجب إخضاع الإعلام ووسائله الى عملية تغيير تشمل هياكله المادية والبشرية من حيث التطور التكنولوجي والتكوين المهني وتحرير العقليات والمؤسسات ، وتغيير عقلية الوصاية على الإعلام ، هل وجود وزارة الإعلام ومؤسسة الهاكا ووسائل إعلامية من قنوات تلفزية وووكالة أنباء رسمية ليس احتكارا لوسائل التعبير ، هل بمثل هذا الوضع يمكن الحديث عن حرية التعبير؟                     

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

المقالات الأكثر مشاهدة