هيسبوليس
ليس من عادتي أن أخصص هذا الركن للدفاع عن نفسي، فقد تعودت أن أجعله منبرا للدفاع عن الشعب ومستضعفيه ومظالمه. واليوم، أطمع في سعة صدركم لكي تسمحوا لي بتخصيص «عمود» اليوم لصد واحدة من أعنف وأبشع الحملات التحريضية والتشهيرية التي أتعرض لها منذ مدة في بعض المواقع الإلكترونية البوليسية والمسخرة من طرف أعداء التغيير وحماة الباطل وجنود الفساد.
أول من اكتشفوا أهمية الفيسبوك والتواصل الافتراضي مع الرأي العام في المغرب ليسوا شباب حركة 20 فبراير، وإنما حميد شباط، عمدة فاس. ورغم أن خصومه ينعتونه بالسيكليس والأمي، فإن الرجل يحسب له أنه كان أول سياسي يستعين بخدمات شباب متخصص في تقنيات التواصل عبر المواقع الاجتماعية ويؤسس لموقع اسمه «شباط أونلاين» يضع فيه تسجيلات لخطبه وجولاته الخيرية وتصريحاته النارية.
شباط، عكس كثير من الحزبيين والسياسيين، فهم أن المستقبل في التواصل بين الشباب سيكون عبر المواقع الإلكترونية، ولذلك جند لخدمته كتيبة من التقنيين المبحرين المتخصصين في برمجة المواقع وصناعتها، ووظف معرفتهم لخدمة صورته ومصالحه والدفاع عن امتيازاته و«منجزاته».
ولم تقتصر وظيفة هؤلاء «الجنود» المجندين لخدمة ولي نعمتهم على تعداد محاسن ومزايا العهد الشباطي الذي دخلته فاس، وإنما وضعوا كل خبرتهم التقنية للتصدي بالتشويه والتشهير ونشر الإشاعات المغرضة بخصوص الحياة الخاصة لكل من يتجرأ على الاقتراب من مملكة شباط المحروسة، وخصوصا شركة «فتح الجديد» التي تشكل حصان طروادة الذي يختفي وراءه شباط والملياردير كسوس ووزير الإسكان توفيق احجيرة وآخرون يستفيدون من الصفقات المجزية التي تحصل عليها هذه الشركة المحظوظة في كل أنحاء فاس.
وعندما كتبنا في هذا العمود عن العلاقات السرية والوطيدة التي نسجها شباط مع المخابرات منذ بدايات ظهور نجمه النقابي في فاس، خصوصا عندما أشعل النار في المدينة لصالح إدريس البصري لكي ينتقم من عامل المدينة الذي كان يتحدى البصري ويتعامل مع القصر مباشرة، وكيف أخفى مدير المخابرات شباط في بيته إلى أن هدأت العاصفة وتمت تبرئته بعد ذلك قضائيا من أية مسؤولية جنائية عما وقع بفاس من خراب ودمار وتقتيل، ثارت ثائرة شباط ولزم الصمت ولم يستطع أن يكذب كلمة واحدة مما نشرناه.
وحتى عندما كتبنا عن تواطئه الظاهر والخفي مع الوالي الغرابي في فضائح تتعلق بالرخص الاستثنائية لمشاريع بدأت سياحية ثم تحولت إلى مشاريع سكنية وتجارية، اختار الاثنان معا دس رأسيهما في الرمال بانتظار أن تهدأ العاصفة.
ولو كانت لدينا عدالة في المغرب لفتحت النيابة العامة تحقيقا قضائيا حول كل جملة كتبناها من أجل إجلاء الحقائق ومعاقبة أحدنا، فإما أننا نكذب على هذين الرجلين ونستحق أن ندفع ثمن ذلك، أو أن هذين الرجلين فعلا متواطئان على الفساد وبالتالي يجب أن يدفعا الثمن.
وعوض أن يجيب شباط والذين يدورون حول فلكه عما كتبناه حولهم، فضل هذا الأخير اللجوء إلى سياسة «التقلاز من تحت الجلابة» لكي يخلط الأوراق مستعملا «خبرته» الإلكترونية لإبعاد الأنظار عن جرائمه العمرانية و«تسليطها» على كاتب هذا العمود. وهي تقنية قديمة ومتجاوزة تهدف إلى تبديد اهتمام الرأي العام وراء التفاهات والكلام السوقي الفارغ من المحتوى والشتائم الرخيصة والاتهامات الباطلة، عوض تقديم الأدلة وتفنيد الاتهامات التي وجهناها إلى شباط والوالي الغرابي المتواطئ معه في جرائمه.
وهكذا، لجأ السيد شباط إلى خدمات أحد معاونيه الشباب المتخصصين في تصميم المواقع الإلكترونية، محمد جبيلو، والذي، يا للمصادفة العجيبة، يشرف له أيضا على موقعه الخاص «شباط أونلاين»، لكي يشتري اسم موقع إلكتروني اختاروا له بين الأسماء «نيني يامومو.كوم». ولغباء شباط ومعاونيه، فقد وضعوا موقعهم التحفة بنفس «السيرفور» الذي يحتضن موقع «شباط أونلاين» تحت عنوان (Internet Protocol IP : 91.121.49.141)، مما يكشف بوضوح عن الأيادي التي كانت وراء إنشاء هذا الموقع السخيف ولصالح من يشتغلون ومن هم الأشخاص الذين «يسهرون» على تنشيطه، وبأي ثمن.
ولا غرابة في ذلك ما دام محمد جبيلو وأنور لكحل، المشرفان على الموقع «التحفة»، يشتغلان مع شباط ويسهران على موقعه الشخصي مقابل تعويضات شهرية.
المثير في هذا الاختراع الإلكتروني العجيب هو أن مدير شركة الاستضافة، أيمن رميلي، لا يقول لنا كيف يؤدي ثمن هذه الاستضافة لشركة OVH التي يوجد مقرها في فرنسا، علما بأن هذه الشركة لا تقبل زبائن مغاربة بحكم أن تحويل الأموال من المغرب نحو الخارج يتطلب ترخيصا مسبقا من مكتب الصرف.
وبما أن هذا الموقع اختار أن يهاجم، بأسلوب يفتقر إلى حس السخرية، شخصا اسمه رشيد نيني يضعه، منذ سنوات، شباط وولي نعمته الغرابي ومن يحميهما معا في وزارة الداخلية وأجهزة المخابرات، في لائحة المطلوبة رؤوسهم للقطع، فإن موقعا آخر اسمه «هيسبريس»، لصاحبه الحمدوشي، تخصص، منذ إنشائه قبل سنوات، في استعمال اسمي في عناوين لمقالات سخيفة من أجل استدراج «نقرات» الزوار إلى قراءتها وتكثير عددهم من أجل تقديم أرقام الزوار إلى شركة «غوغل» للحصول على إشهاراتها وتحويل عائداتها، التي تتجاوز ألف أورو يوميا، لحسابه البنكي في كندا حيث يقيم.
ومن يدخل إلى هذا الموقع ويكتب اسمي الكامل في محرك بحثه سيحصل على قائمة طويلة جدا بالمقالات التي نشرها هذا الموقع حولي، وسيلاحظ أن ما يشد الانتباه فيها هو عناوينها المثيرة والفضائحية، أما مضامينها ففارغة تماما وأسلوبها مفكك ومرتبك ومليء بالأخطاء التعبيرية والإنشائية.
لقد أصبح الأخ الحمدوشي بفضلي أحد أكبر أثرياء الهجرة المغربية بكندا. هنيئا له بما يجمعه على حساب اسمي وصورتي، لكن من حق زوار موقعه أن يعرفوا أنه، بغض النظر عن الأرباح المادية التي يحققها من وراء استهدافي بتلك المقالات السخيفة، يختفي هدف آخر أكثر خطورة يتناغم تماما مع الحملة المسعورة التي يخوضها ضدي «لوبي» مكون من بعض كبار رجالات الدولة والمال والإعلام الذين لم يستطع أي واحد منهم أن يكذب الأخبار والتحقيقات التي نشرناها حوله. وهكذا، لم يجدوا من حل آخر للرد سوى الاختباء وراء عصابة من المسخرين المندسين بين أسلاك المواقع الإلكترونية وشبكة الفيسبوك لترويج الأكاذيب والأباطيل حولي وحول أسرتي والشركة التي تصدر جريدة «المساء» بهدف إضعاف معنوياتي ودفعي إلى إلقاء السلاح والاستسلام.
لذلك أجد، اليوم، من الضروري أن أثير انتباه القراء الأعزاء بشكل خاص والرأي العام بشكل عام، إلى أن ما أتعرض له اليوم من تشويه وتشهير واستعداء ليس سوى مقدمة لما سيأتي في القادم من الأيام.
فقد بدؤوا بحرق نسخ من «المساء» في كلية فاس ووقفة الحسيمة، وصوروا ذلك وعمموه عبر «اليوتوب»، وجند بعض رجال الأعمال فرقة من الصحافيين «السيرورات» الذين يلمعون أحذيتهم مقابل الإعلانات، لكي يرمونا بأرخص التهم المشينة، محرضين بعض الصغار الذين اكتشفوا النضال قبل يومين على اتهامنا بالسخرة لصالح الأجهزة، مع أن كل الشعارات والمطالب التي ينادي بها زملاء هؤلاء الشباب اليوم كنا نحن سباقين إلى رفعها في وقت كان فيه أغلبهم لم يكتشف وجود الجرائد بعد.
إننا واعون تمام الوعي بأن ما نقوم به يدك حصون وقلاع رجالات اعتبروا أنفسهم مقدسين في هذه البلاد، بحيث يمكن أن يتسامحوا معك عندما تنتقد الملك، لكنهم غير مستعدين للتسامح مع من ينتقدهم. إنهم ملوك الطوائف الجدد الذين أحاطوا بلاطاتهم بالأتباع وشعراء التكسب والانتهازيين الذين يزينون لهم غطرستهم وشططهم وأنانيتهم المفرطة في التضخم.
هؤلاء الأقزام يعرفون أن عصرهم الذهبي قد شارف على الانتهاء، ولذلك فهم يشهرون أثقل أسلحتهم للدفاع عن حصونهم وقلاعهم. ولعل السلاح الوحيد الذي يجيدون استعماله هو سلاح التشهير والإشاعة والكذب والتلفيق. ولأن مصالحهم تلتقي مع مصالح بعض الصحافيين الفاشلين الذين شكلت لهم «المساء» عقدة في حياتهم المهنية والنفسية، والذين لم يسبق لهم أن حاربوا مفسدا أو فضحوا لصا من لصوص المال العام كما ظلت تصنع «المساء» يوميا منذ ظهورها، فإنهم يتحدون في محاربتنا انتقاما من نجاح هذه الجريدة ونجاح منشوراتها الأخرى التي وجدت جمهورها بسرعة قياسية.
وهكذا، صرنا نحن هم اللصوص وقطاع الطرق والانتهازيين وعملاء المخابرات، بينما اللصوص وقطاع الطرق الحقيقيون والانتهازيون بالفطرة والمخابراتيون يحظون من طرف هؤلاء الأقزام و«السيرورات» بالأمان والتوقير.
إنهم يحاولون، بكل ما أوتوا من مكر واحتيال وخبث، قلب الحقائق حتى يتحول اللص إلى شريف والشريف إلى لص. وليس أحسن من هذه الفترة الحرجة التي يعيشها المغرب بالنسبة إلى هؤلاء لخلط الأوراق وتغيير الكراسي والأقنعة.
نحن نعرف من يحركهم ومن يقف وراءهم ومن يمدهم بالدعم اللازم لخوض حربهم القذرة ضد الصحافة التي اختارت الاصطفاف إلى جانب الشعب ضدا على لصوصه ومصاصي دمائه.
هذه معركتنا المصيرية التي لن نتراجع عنها مهما كلف الثمن.
مصطفى
و الله إن القلب ليحزن و العين لتدمع و لكن اللسان لا يجب أن يصمت و يدون القلم كل ما يجب فضحه في حق هؤلاء المندسين بيننا و المحسوبين علينا و نحن برءاء منهم براءة الذئب من دم يوسف. و نحن نكن لك يا أيها الشجاع الاحترام و كل الشكر على ما تنوب به عنا. و كما قلت فإنه عهدهم في زوال إلى غير رجعة إنشاء الله