للوطن ثمن...من يدفعه؟؟
حنان عيياش
ما نملكه اليوم وأكثر ما يمكننا الاحتفاء به، عفوا الحزن عليه هو التلميذ المحاصر، تلميذ المدرسة العمومية الذي فتح محفظته على عصر خبيث جدا، نخروه قبل أن يولد، مغلفين إياه بأبشع الجماليات التي يمكن أن تغري تلميذا بسيطا وتبعده عن التربية قدر المستطاع وعن التعليم قدر الإمكان، لأن التربية تلتزم بالمبادئ وتحبذ اتخاذها مصدر لقراراتها، والتعليم يفتح العقل نحو أفكار وأفاق عبور هذه الحياة، فبه يستطيع التلميذ أن يشخص الواقع ويلدغ كل من يسعى إلى تخريبه باكتسابه آليات ذلك ليصير ذاك الكابوس الجاثم الذي سيزعج ذوي الاختصاص وهذا أمر غير محمود في سياستنا الجميلة...
فالشارع في غليان مستمر، لقد صار فوهة بركان تكبر شيئا فشيئا إلى أن تنفجر في عهد حكومة من الحكومات التي ستكون منحوسة أمر لا شك فيه ستنفجر بزيادة الضغط، بتطوير وإحياء العقول الواعية وذلك بزيادة المربين الحاملين لرسالة إخراج العقول من ظلمات الجهل إلى نور العلم، ولكن كيف سنقفز إلى نور العلم في وطن عتمته حالكة، ظالم أصحابه، يبطش بنا بطشا، يسبح فيه الجهل وانعدام الرغبة في الأحسن لمن اتخذه وطنا لهم.
إنها سياسة التكليخ و إشاعة ثقافة الغباء التي جعلت التلميذ اليوم محدود العقل والتفكير، قليل الكلمات، ممل التعبير، محتضر الطموح، فقيد الرغبة، ما يجعله يسلك الطريق الأسهل دائما للوصول أكان صحيحا أم لا؟؟؟
هي سياسة استعمارية مرهونة بحدود، بأغلالها استطاعت أن تتحكم على القلب النابض للعلم، فحولته من مربي إلى عطاش لا يأخد ما له وإن جف عرق جبينه، طووه بمرجعيات تبعده عن فتح الأغلال، فأصبح رهينة تهاجم من كل الجوانب والزوايا، من الرأي العام
الذي اختار أن يلعب دور المتفرج، يطعن بسكين الغذر من بني جلدته مع من باع و يبيع القيم الأخلاقية بأرخص الأثمان في سوق مصالح بين ذاك و ذاك، وهم من أبشع الخيانات التي سيتذكرها التاريخ، ستصير حكاية تروى للأحفاد...
أضحى الأستاذ لعبة لمن وضعه شرطا من شروط اتفاقيات قروض ستلتهمها البطون قبل الوطن على مائدة هرج ورقص على زينة الوطن، أما التلميذ فلا يزال ضحية سيدفع فيها ثمن أحلامه الوردية أن الغذ أجمل مع هؤلاء، فكل الويل لمن وضع هؤلاء ( المربي والمتعلم) بنود شروط مجحفة في سبيل مصالحه، وكل العار لمن أسهم في تمرير هذا التدمير لا من قرره، لمن خرس في غير مقام الصمت ذلا وخنوعا ...، وكل الحرية للمحاصرين وراء قضبان هذا الوطن الجريح، للتلميذ المقبوع في الهامش، للأستاذ المغضوب عليه، وللشعب المنسي في غياهب سلة النسيان، والسراح كل السراح للوطن المحاصر في ظل حماية خارجة عن إرادته عندما تسند الأمور لغير أهلها. فانسوا اليوم العالمي ولنحاول جميعا تصدير سوق النخاسة هذا..