أسفي بين التهميش والانفلات
رشيد بودزيز
عاشت مدينة أسفي الأسبوع المنصرم على إيقاع الهجرة السرية عبر الساحل المطل على المحيط الأطلسي هذا الأخير المعروف بقساوة أمواجه ورياحه العاتية ، إلا أن أحلام الشباب في معانقة مستقبل ينقذهم من مأسي وجراح بلدهم الأم أنساهم ويلات وجحيم البحر وخطورته.
زد على ذلك تفشي جرائم القتل والسرقة ، أربع جرائم في ظرف أسبوع مما ادخل المدينة في انفلات أمني خطير، عجل باستباحة دم المواطنين ، والسرقة بأنواعها ، وهذا في غياب إستراتيجية أمنية محكمة، لهذه المدينة التي تعرف في الآونة الأخيرة تهميشا متواصلا ...
ولمْ يتساءل أحد لما ؟ وما السبب؟ وكيف؟ - أصبحت هذه المدينة تعيش في هذا الوضع الذي لا يدعو إلى اطمئنان لاسيما وأن نسبة الشباب المهمّش تزداد مع مرور الوقت، وهناك تصاعد في شيوع حالة الإحباط والاستياء الاجتماعي المولد للعنف.
وأرى من وجهة نظري أن أهم سبب يتمركز في تردي وتدهور الأوضاع الاقتصادية بالمدينة التي تعرف تواجد المركب الشريف للفوسفاط ، هذا المارد الذي صبرنا عليه كثيرا بحجة ضريبة صناعية توصلنا في كثير من الأحيان إلى حد الاختناق، لكنهم اقنعوا أبناء المدينة أنها ضريبة مفروضة واقتنعنا، في وقت لم نجد لتلك الضريبة صدى سوى مبالغ مالية تُضَخ في حسابات الفريق الأول لكرة القدم، وأنشطة محتشمة لن تصل حتما لحجم المعاناة والمخاطر الناتجة عن التلوث، رجاء تحركوا يا مسؤولينا قبل فوات الأوان، طالبو المركب بتفسير أسباب تخليه عن شباب المدينة في حين يقوم باستقطاب شباب من مدن أخرى لإدماجهم في شركات المناولة، رجاء إسألوه عن سبب تهميشهم وجعلهم يتسكعون أمام بواباته طلبا للشغل، رجاء اسألوه عن سبب تخليه عن دعم تشييد ميناء سيكون هو المستفيد الأول منه،رجاء اسألوه عن سبب تعنته في حصر أنشطته في رقعة واحدة تزيل عن المدينة المشاكل بيئية ولو بشكل بسيط وتساهم في خلق فرصة جديدة لسياحة بحرية توقفت بسبب تلك المواد السامة مختلفة الألوان التي أخافت السياح الذين جعلوا أسفي نقطة عبورهم البحرية لقربها من مراكش على الخصوص، والبواخر السياحية التي لم نعد نراها مند شهور، وربما للأبد ، رجاءً إسألوه لما هذا التعنت في وقت وصلت فيه أثمان الفوسفاط عالميا إلى ارتفاع غير مسبوق.
لازلنا نعاين بجلاء غياب النمو الاقتصادي الحقيقي وهذا ما يفقد البلاد إمكانية تلبية حاجيات المواطنين. وهذا الوضع يزداد ترديا بفعل التزايد السكاني واستدامة تمركز ثروات هذه المدينة ومصادرها بيد كمشة قليلة إضافة إلى سوء استغلالها، وهذا الوضع لا يدعو إلى الاطمئنان إطلاقا ، وانعكاسه السلبي على السلم المُجتمعي أصبح جليا ولا تُحمد عقباه.