ألــــــم وأمـــــــل
محمد عنبري
ماذا عن أعوامنا القادمة؟
ونحن في كل مرة نبدأ أيامها بالأمل، ثم نودع سنين مضت بأسى وحزن، ونؤمن بالحكمة التي تقول: (أجمل أيام العالم لم تأت بعد)،فهل حقا مرت أسوأ الأيام في أعوامنا الماضية؟ أليس أمر هذا العالم غريب؟ كلما زادت المجاعة ارتفع عدد السكان، وكلما قلت الخلافات المحلية زادت الصراعات الدولية، وكلما تطورت التقنية كان ضحيتها الإنسان في أبشع الصور قتلا وفتكا.
مذابح وحروب في كل بقاع العالم، انقضى الارهاب بشكل ما، ليفتح المجال للأوبئة، يتبادلان الأدوار في كل المجتمعات والتأثير عليها، لكن الحصيلة الأساسية تتمثل في أن هناك خطأ فادح ارتكبه النظام العالمي الذي نعيش فيه، وهو في كل حال من الأحوال مدان بوحشيته وغطرسته، وآخذ في الزوال بلا رجعة.
هذه الأحوال التي طبعت السنين الماضية؟ فماذا عن السنين القادمة؟ وإلى أي حد سيتعايش معها العالم؟ ليس أمامنا إلا ذلك النور الساطع الذي يشع دائما، ويجعلنا نواصل الحياة، ألا وهو الأمل ولا شيء غير الأمل، في أن تكون السنين القادمة أفضل من الأعوام الماضية. وأن تخف الحماقات الإنسانية وأن نعيش الواقع وليس على هامش التاريخ.
إذ من المرارة أن يبصم هذا القرن بعبارات التخلف والفشل على الأمة العربية، فنحن العرب لم نستطع أن ننجز أي مشروع نهضوي نتباهى به أمام العالم سوى البكاء على الأطلال، وكأن لسان الشاعر يقول: لِمَنِ الدِّيارُ بِقُنَّةِ الحُجْر أقويْنَ مِنْ حُجَجٍ ومِنْ دَهْرِ
إن المستقبل ينتظر منا الكثير، ينتظر الحضور الفكري، وإذا ما قارنا واقعنا الحالي سنجد أنفسنا أننا كنا منذ زمن نفكر في المستقبل وفي الأجيال القادمة وكل التطورات الفكرية والعلمية والصناعية، لكن مع هجرة الأدمغة وتشجيع التفاهة وطول النقاش الذي لا تحصيل حاصل من ورائه، وجدنا أنفسنا في نهاية المطاف أننا نواصل مسيرتنا نحو التقدم...التقدم...ولكن إلى الوراء.
فكفانا من النوم فهذا زمن الرنين وعدم الجمود والسكون، لنفك رباطنا بالنحس الذي طبع هويتنا، ذلك الرباط الموسوم بالتخلف والتبعية وكأننا خلقنا من أجل ذلك المتفوق، موحدين متكافلين همنا دعم الابداع والابتكار غايتنا ادراك الركب، هذه هي الاضاءة التي ينبغي أن نتحلى بها، فبعد أزمة جائحة كورونا يتبين حقيقة أن عالما جديدا سيتشكل، وحتى تمتلئ حياتنا بكل هذه الأضواء الساطعة التي تنير دروب المستقبل، فنحن متشبثون إلى آخر رمق بالأمل.