الأنانية في التضامن هلاك للجميع!
عبد الرحمان أيت المقدم
العديد منا يتحدث عن التضامن ويطالب الآخرين بالتضامن معه حينما تحل به محنة ما، لكنه في حقيقة الأمر لا يدرك المعنى الحقيقي للتضامن؛ لأنه بمجرد وصوله الى هدفه أو ربما حتى في الوقت الذي يتضامن معه الآخرون قد يصادف قضية من القضايا العادلة التي تحتاج إلى تضامنه ولا يفعل، علما أن غالبيتنا أو إن صح التعبير جميعنا معنيون بشكل أو بآخر بالتضامن مع كل القضايا المشروعة والعادلة؛ لأن عدونا واحد وسلاحه لمحاربة وإفشال هذه القضايا هو إضعاف وتجزيء وتفييء المعنيين بهذه القضايا إلى مجموعات مشتتة بحيث لا تستطيع أي مجموعة على فرضية كثرة عددها واتحاد أعضائها، إرغامه على الاعتراف بمشروعية مطالبها، وفي أحسن الأحوال التي يرغم فيها بالجلوس إلى طاولة الحوار لا يتم تحقيق إلا جزء يسير من هذه المطالب. لماذا كلنا معنيون بالتضامن مع القضايا العادلة؟ يقال : "بالمثال يتضح المقال"، وانطلاقا من هذه القولة سأسيق مثالين اثنين لأبين أن بالانخراط في التضامن نستطيع حماية المكتسبات والدفاع عن الحقوق وتحقيق المطالب؛ فمن الأمثلة الحية للقضايا العادلة والمشروعة في مجتمعنا قضية "الأساتذة المتعاقدين" أو كما يحلو للبعض تسميتهم ب " أطر الأكاديميات" لتغطية "التعاقد" بالغربال الذي تحجب به الشمس عادة!!! فالخطر الذي يحمله التوظيف بالتعاقد وخاصة في مجال التعليم خطر لا ينعكس فقط على الموظف "الأستاذ" المتعاقد فحسب؛ بحيث يشتغل تحت نفسية مضغوطة ومهتزة؛ تجعله لا يشعر بالاستقرار والأمان ويعتبر نفسه مهددا بمغادرة منصبه في أي وقت وفي أي زمان! فالأستاذ الذي يشتغل تحت هذه الظروف من الطبيعي والبديهي جدا أن يشغل باله بالتفكير في وظيفة أو في حرفة أخرى تحفظ له العيش بكرامة وطمأنينة بال؛ لأن الانسان بطبعه يبحث دوما عن الاستقرار. ولا شك أن إحباط نفسية الأستاذ بأي سبب كان، سيكون له تأثير مباشر على نفسية تلامذته... وإذا فشلنا في تعليم التلميذ، فماذا بقي لنا؟ طبعا الهاوية في انتظارنا. من الأمثلة الحية كذلك، على ضرورة انخراط الجميع في التضامن أو على الأقل انخراط المعنيين في الحال والمآل، قضية الترقية بالشهادة وتغيير الإطار؛ لأن تمكين الموظف من الترقية بالشهادة وتغيير الإطار هو بمثابة تحفيز يمكنه من تحيين معلوماته وربط مجال العمل بالبحث العلمي؛ إذ بدون هذا الأخير لا يمكن للأمة أن تتقدم ولا أن تواكب التطور المتسارع واللا متناهي الذي يشهده العالم اليوم، لذا فتضامن الجميع مع هذه القضية هو تضامن المجتمع مع نفسه.