وترجل فارس الدعوة والتربية
بودزيز رشيد
بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه وحزبه، إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ولا نقول إلا ما يرضي الله ربنا وإنا على فراقك ياشيخي لمحزونون.
رحل الجسد وبقي الرجل حيا في كتاباته في مؤلفاته في توصياته في ذكره، توفي خيرة رجال هذا البلد رجل صدح بقول الحق رغم تعرضه للأشد الأدية فأبى إلا أن يصدح بكلمة الحق في وجه الطواغيت على مر السنين التي عاشها منافحا مكافحا كل أشكال الحيف والظلم، شهد له بالورع الأعداء قبل الأحباب وشُهد له بالحكمة الواسعة في كليات الأمور، فاِن ظن البعض ممن يحملون الضغينة أن عهد الصدق وكلمة الحق قد أخرست بموته فهم واهمون، لأنه كوّن أجيالا متتالية رباها على الصدق والرحمة والتواضع ولين الجانب للناس ومحبتهم والدفاع عنهم والوقوف بجانبهم في السراء والضراء، هذه هي فلسفة المرشد التي عجز الكثير عن فهم كنهها ، وتواطؤا على تلفيق كل التهم إليها والكيل لها بمكيالين.
إن الأستاذ القدير عبد السلام ياسين، الذي شاءت الأقدار أن يكون تكريمه خارج بلاد المغرب، في مؤتمر تركيا حيث شهد له رجال العالم على أنه من العباقرة المجددين الذين يريدون إصلاح الأمة، وانه ظل مناهضا للاستبداد فما وهن لما أصابه وما ضعف وما استكان، وواجه الطغيان بالصبر والاحتساب.
وأنا كعضو في جماعة العدل والإحسان تتلمذت في صفوف جماعته وولجت صفوف أحبابه كان ولازال في قناعتي أنه رجل المرحلة الذي كون جند تقهر الطغاة، فكان لي شرف مصاحبته ومدارسة كتبه القيمة ونظريته العظيمة في مجال التربية ،هذه النظرية التي أسست لمنطلق الخلافة الراشدة التي بشر بها خير الأنام والتي ذكّرنا بها هذا العالم الذي نصح حكام العض والجبر وربى الأخيارعلى مناهضته.
فاِنا لله واِنا إليه راجعون ، فهو الآن عند الحق سبحانه ولإن كان لنا الحظ من مصاحبة هذا الشيخ العارف بالله والتعلق به وإن كانت كذلك لحظة الفراق صعبة فهو سيظل راسخا في قلوبنا وذاكرتنا وهو من ترك أبناءً مخلدين إلى يوم البعث ألا وهم كتبه المعبقة برائحة الحق والحكمة المصفوفة بريح التوجيه النبوي ، فقد رحل الرجل جسدا ولكنه باق فكرا ومنهاجا وتنظيرا.