المجتمع الخبزي، يكون همُّه الأساس في إشباع غرائزه الفطرية
عبد الرحيم هريوى
كلها قصص وعبر ودروس عبر التاريخ، حول علاقتنا بالقراءة والكِتاب وعوالمه المتشعبة، كله ذو شجون؛ سواء بوطننا أو بعالمنا العربي ككل، وبالقراءة والكِتاب يبنى مجد وتقدُّم الأمم، نعم هي حلقات فارغة نعيشها وندورفي فلكها بدون نهاية ، نحن كبشر في علاقاتنا المجتمعية منذ قرون خلت مع القراءة والكِتاب ،و أفول حضارة الإسلام وانحطاطها مع سقوط آخر معاقل الأندلس قرطبة في ليلة باردة ،وتفكك الأمبراطورية العثمانية المريضة ،وبداية تسيُّد الغَرْب المسيحي بعدها على العالم، وحمل مشعل الحضارة الكونية.. لم يأت ذلك قط من فراغ، بل من وهن وضعف واندحار أمة بكاملها، وانشغالاتها بالوضيع و بغرائزها الفطرية، والبحث لها عن مجد وأوج في عوالم الحريم والخمرة وملذات العيش، ومعه التمجيد المُطْبق لكل ما هو شهواتي، في غياب الأسس والبنيان الصحيح الذي على ركائزه تَمَّ بناء حضارة الإسلام والمسلمين ، وغزت بذلك تلكم الحضارة مشارق الأرض ومغاربها..! بالفكر الخلدوني وابن ماجة وابن ميمون وابن سينا والطبري والكندي وابن رشد وعلماء الأمة ،هذه المنارات السامقة من الفكر الإنساني كما اعتبرها كذلك، المفكر والروائي والسياسي حسن أوريد في روايته الشهيرة الموريسكي، لما كتبه من سيرة تاريخية عن أحداث ووقائع تشيب لها الولدان، ومعاناة إخواننا القشتاليين مع المسيحية، وما تعرضوا لها من إبادة جماعية ثم طردهم بعد ذلك خارج شبه الجزيرة الإيبيرية.ومعها جامعات كبرى في زمانها كانت تحمل مشعل المعرفة والعلم. جامع قرطبة بالأندلس والقرويين بفاس والأزهر بمصر والقيروان بتونس والجامع الأموي بدمشق وبيت الحكمة بالعراق ..في ذلكم الزمان الذهبي كان للعلم والمعرفة نصيبهما الكبير من الاهتمام، سواء بين النخبة المثقفة أو بين الفئات المتعلمة. وكان للقراءة والكتابة والكُتب والمُدَّخرات العلمية، مكانتها في سوق المعرفة ونشرها وتناقلها عبرالأجيال...وكله ذو مغزى عميق ونظرة أمل بالفعل نحو المستقبل، ومعها نُسْقِطُ سابق القول على ما نراه ونلمسه ونعيشه من قيمة مضافة للكُتب و الكٍتاب والثقافة الإنسانية وعوالمها في نفوس أبناء هذا المجتمع المعاصر، والذي تفوق فيه الأمية الأبجدية جميع الخطوط الأحمراء. هو مجتمع خبزي بامتيازهمه بالليل والنهار بطنه و شغله الشاغل، اشباع شهوتي الفرج والبطن، وكفى الله المؤمنين القتال ، وأنَّا له أن يُفكِّر يوما في زاده المعنوي المتمثل في استبار أغوار شعب العلم والمعرفة، لإشباع فكره وتنشيط عقله، وترويض ذكائه في تمازج عضوي متكامل ،كي يبني لنفسه عالمه الثقافي والفكري ثم الحضاري وصدق الحبيب مصطفى عليه السلام لما قال: من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله به طريقا إلى الجنة" رواه مسلم ،وذاك يعتبر قمة التحفيزالنبوي لأبناء أمة ٱقرأ، على طلب المعرفة والعلم
لعل الأمة حين تفقد بوصلة القراءة والتعلم السليم والحَسن، في مدارس حقيقية و يغيب توارثها عبر الأجيال ،أمة خارجة الحضارة والتاريخ، لأن حضارات الشعوب تبنى بالمعرفة والعلم. وهذان لا يتواجدان إلا في عالم مدرسة عمومية نافعة ،تواكب متطلبات المجتمع والعصر معا، وما يحوم في فلكها من مكونات أخرى تدعمها بطرق مباشرة وغير مباشرة، لتكوين الإنسان الحضاري المتشبع بالقيم الكونية المثلى والقادرة على الخلق والإبداع والتفكير السليم، كأسرة والإعلام باختلاف مؤسساته ونوادي ثقافية وسينما ومسرح وغيره