وزيرة إسبانيا للخارجية والنظرة الاستعمارية خماسية الأبعاد !

وزيرة إسبانيا للخارجية والنظرة الاستعمارية خماسية الأبعاد !

الصادق بنعلال

دأب المسار السياسي المغربي الإسباني على أن يشهد أشكالا من سوء الفهم الكبير وألوانا من الأزمات والمنعطفات بالغة الحدة ، بسبب غياب الرغبة في حسم القضايا العالقة بينهما و المرشحة للدخول في مرحلة قد تفضي إلى وضع يخرج عن التحكم .. وما نعيشه حاليا نموذج حي لهذه "العلاقة الخطيرة " بين المملكتين الجارتين . مما يدفعنا دفعا إلى القول بأن هكذا صراع يهدد الوضع الإقليمي بشكل ملموس في أمس الحاجة إلى مثقفين متنورين رفيعي المستوى وزعماء سياسيين محنكين من كلا الطرفين ، يتعاطون مع الوقائع السياسية بقدر كبير من النضج والشعور بالمسؤولية لتفادي النتائج السيئة والحفاظ على حبل "المودة وحسن الجوار والمصالح الحيوية المشتركة" القائمة بين بلدين محكوم عليهما بأن يتواصلا ويتعايشا في مناخ من الاحترام المتبادل .

 

بيد أن الأزمة الراهنة استثنائية وغير مسبوقة على اعتبار أنها خرقت كل القيم والأعراف والمصالح التي يفترض أن تكون مصانة ومحفوظة بعناية فائقة ، و ما من شك في أن الحكومة الإسبانية هي من قررت عن سبق إصرار وترصد اللعب بالنار ، باقترافها سلوكا مشينا بالغ الخطورة مس في العمق والجوهر بعضا من الخطوط الحمراء للمملكة المغربية ، جراء سماحها بدخول عدو المغرب الأول وزعيم جبهة البوليساريو الانفصالية وباسم ووثائق مزورة ، وفي سرية تامة إلى التراب الإسباني لدواعي "إنسانية" ، وكان من الممكن تجاوز هذا الإشكال الدبلوماسي غير المقبول ، والذي يضع علاقة تاريخية واقتصادية جيوستراتيجية في مهب الريح ، باعتراف إسبانيا بخطئها الجسيم والإجابة الصريحة عن الدواعي السياسية الكامنة وراء هذا "الاستقبال الإنساني" المزعوم . وفي الأثناء تمادى بعض المسؤولين في الجزيرة الأيبيرية وعلى رأسهم وزيرة الشؤون الخارجية السيدة أرانشا غونزاليس لايا في التسويغ والتبرير والهروب إلى الأمام والتهديد حتى ! 

 

وفي سياق هذا المنحى التصعيدي يندرج الحديث الذي خصت به هذه المسؤولة صحيفة إسبانية واسعة الانتشار El correo . والتزاما منا بالموضوعية والتحليل العلمي سأعرض نص كلامها حول "أزمة إسبانيا مع المغرب" ضمن الحوار الطويل المنشور في الموقع المشار إليه يوم 21.7.4 بعنوان " القرن الواحد والعشرون ليس للاستقلالية عن الآخرين" .

 

- Nuestra responsabilidad en el Sáhara es trabajar de manera constructiva con Naciones Unidas para encontrar una solución definitiva para un contencioso que es uno de esos que necesitan una respuesta de la comunidad internacional.

 

 -  Fue un gesto de ayuda a una persona que estaba en un estado de salud crítico, no es la primera vez que esto ocurre en nuestro país. Pero no hay que entender su llegada más allá de eso.

 

-  Estamos obligados a buscar construir una relación de muy buena vecindad, porque vivimos en la era de la interdependencia. Y eso significa que para proteger nuestros intereses y nuestros valores, de nuestros ciudadanos, nos tienen que interesar proteger los intereses y los valores de nuestros vecinos.

 

- Vamos a tener momentos de dificultad, no es la primera vez, pero tenemos que buscar superarlos por la vía del diálogo y del respeto. El siglo XXI no es el de la independencia ni el de la dependencia, es el de la interdependencia. Gestionar la interdependencia es complicado, pero es algo a lo que estamos obligados.

 

Ceuta y Melilla están o pueden llegar a estar sobre la mesa de negociación con Marruecos?

 

- No (rotunda). Absolutamente no.

 

لقد منحتنا السيدة أرنشا لايا خدمة جليلة يفترض أن نشكرها عليها طيلة مسار هذه الأزمة المفتعلة ، والتي عبرت من خلالها بلغة بالغة الوضوح والمباشرة عن "المواقف والمبادئ الإسبانية الثابتة والضاربة في عمق التاريخ" ، إزاء المغرب ، بخلاف جل الأطراف السياسية الأخرى التي اتخذت من اللغة الخشبية والتقية الدبلوماسية أداة للتمويه والإنكار والانتهازية ، وهكذا تمكنت هذه الوزيرة بوعي منها أو من دون وعي أن تستجمع في خرجاتها الإعلامية الأخيرة أهم المرتكزات والأساطير المؤسسة للنزعة الاستعمارية "القشتالية" ، المشجعة على كراهية الآخر والتقليل من قيمته وأحقيته في الاستقلال التاريخي ، أمام تضخم "الأنا الإسبانية" الاستعمارية "الديمقراطية" .. ويمكن إعادة صياغة هذه الأسس البنيوية الثاوية في عقل أو لا عقل الدولة الإسبانية العميقة كما يلي :

 

1 – تتحدد مسؤولية إسبانيا حول موضوع الصحراء المغربية في "العمل بكيفية بناءة مع الأمم المتحدة من أجل إيجاد حل نهائي يحظى باستجابة المجتمع الدولي" ! ولأن هذا "الحل الأممي" مستحيل المنال ، ولأن مقترح الحكم الذاتي المتسم بالجدية والمصداقية والواقعية الذي قدمه المغرب كحل وسط لهذا الصراع المفتعل لم تقبله "الصديقة" إسبانيا ، الحاضنة السياسية والدبلوماسية والإعلامية للانفصاليين المغاربة داخليا وفي كل المحافل الدولية، فإن هذا المنحى غير الودي يعكس الرغبة الملحة في عرقلة أي تسوية تخدم مغربية الصحراء .

 

2 -  إذا كانت "مساعدة" شخص في وضعية صحية حرجة سلوك لا يجب أن يفهم منه إلا "بعده الإنساني" لا غير ! فإن المغرب لا يعترض على مد يد المساعدة والعون لمن هم في حاجة إلى ذلك ، غير أن إبراهيم غالي ليس مجرد شخص ، إنه العدول الأول المملكة المغربية ، وزعيم جبهة انفصالية تعلن الحرب على المغرب وتسعى إلى تقسيمه والمس بوحدته الترابية .. كان على الأقل إخبار "الجار" وليس التواطؤ عليه في جنح الظلام وبأوراق واسم وهوية مزورة

 

3 -  من أجل حماية مصالح وقيم مواطنينا "علينا أن نهتم بمصالح وقيم جيراننا" ! لكن إذا كانت المصالح والقيم الإسبانية واضحة تتجسد في "محاربة الهجرة والإرهاب والمخدرات وتأمين الحدود الجغرافية .." فما هي المصالح والقيم المغربية التي تستدعي الحماية والصون ؟ هذا النوع من الأسئلة يدخل في دائرة اللامفكر فيه في الذهنية الإسبانية الاستعمارية ، فالأنا (السيد) وحدها من لها مصالحها الحيوية وقيمها الديمقراطية ، أما الآخر (العبد) فما عليه إلا أن ينفذ أوامر الطرف القوي المتغطرس ، وبالمناسبة نذكر "جيراننا" الإسبان أن للمملكة المغربية مصالحها الاستراتيجية ونسقها القيمي ، يتجلى ذلك في وحدتها الترابية من سبتة المحتلة إلى الكويرة المسترجعة ، وفي نظامها السياسي المدني وخصوصياتها الاجتماعية والثقافية والدينية المعتدلة مع الانفتاح على القيم الكونية القائمة على التعددية والاختلاف ..

 

4 – علينا البحث عن كيفية التغلب على اللحظات الصعبة عبر "الحوار والاحترام" ، خاصة وأننا نعيش في عالم يستدعي "تعاونا مشتركا" ! عن أي حوار واحترام وتعاون يتحدثون ؟ نحن لم نر منهم سوى ميلا مونولوجيا استعلائيا ولغة "إلهية" أمرية وتعاونا على العدوان والإثم السياسي المفضوح وتقويض مطالب حسن الجوار والباقي تفاصيل غير ملزمة .

 

 

5 – "لن يكون هناك أبدا أي حوار مع المغرب حول المدينتين المغربيتين المحتلتين سبتة ومليلية" ! إذن ما هي الأوراق والمواضيع التي يفترض أن تكون مطروحة فوق "مائدة الحوار" الإسباني المغربي ؟ إنها النزعة التحكمية والعقلية الاستبدادية الحدية ، والرغبة القمعية الاستئصالية في فرض الأمر الواقع بالقوة والتهديد ، بمنآى عن مستلزمات القرن الواحد والعشرين حيث الحوار والاحترام والتعاون الدولي المشترك !

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات