هل اقتربت "جنة العيش الكريم" من المغاربة؟
عبدالفتاح المنطري
من مفارقات صبيحة النتائج الانتخابية التي وقعت بالحي الذي أقطن به وأسرتي الصغيرة،وهي تنم في الواقع عن تناقض صارخ بين انتظارات المواطن/ الناخب الاقتصادية والاجتماعية وبين الفرحة التي عمت الفائزين ومناصريهم،أن السيدة حرم كاتب هذه السطور خرجت لقضاء بعض الأغراض المنزلية صبيحة يوم الإعلان عن نتائج الفائزين والخاسرين بالاستحقاقات الانتخابية الوطنية،فصادفت من فورها شابا محتاجا يتسول ولا يطلب سوى خبزة لأنه جائع،فسألته إن كان يريد معها مشروبا،فتعفف عن طلب المزيد،فاقتنت له عصيرا ودعا لها بالأجر والثواب ثم ذهب لحال سبيله
أمر مؤلم حقا أن يتواجد بين أفراد أمة عريقة ووطن غني بالثروات المعدنية والبحرية وخلافها و بأموال دافعي الضرائب
أناس مفقرون محتاجون لا يملكون قوت يومهم،فيضطرون إلى سلك طريق التسول حيث تنزع فيه كرامتهم الإنسانية ويصبحون عالة على المجتمع، ومنهم نساء ورجال وشباب وأطفال وأسر بكاملها تعيش على هذا المنحى اللاإنساني،بغض النظر عن محترفي هذه المهنة القذرة والذين يكسبون من ورائها أموالا طائلة معفاة من الضريبة على الدخل
فسواء كنت من ساكنة الرباط العاصمة أو من زوارها اليوميين
أو من موقع أي مدينة كبرى ببلادنا السعيدة ،فلن تسلم من نبش ووخز لضميرك وسؤال واستجداء واستعطاف وتذلل أمام عينيك للعشرات من المتسولين من محترفي المهنة أو من هواتها أو ممن قلت حيلته في طلب العيش من كل الأعمار ومن كل الجينات ومن الإناث و من الذكور ،همهم الوحيد هو أن تستجيب لكل سؤال أو استجداء بالإيجاب لا بالسلب أو بالنهر وبالعتاب ( وأما السائل فلا تنهر ) قال المفسرون: يريد السائل على الباب ، يقول : لا تنهره لا تزجره إذا سألك ، فإن كان فقيرا،فإما أن تطعمه وإما أن ترده ردا لينا،يقال:نهره وانتهره إذا استقبله بكلام يزجره
يسبقونك إلى حيث حللت أو ارتحلت أو يتبعون خطواتك حتى ولو كانت متسارعة ،كيفما كنت وأينما كنت، متحدثا عبر جوالك أو منغمسا في حديث هام مع صديقك أو ذويك بشارع أو بمقهى، أو تتناول طعامك وقت الفطور أو وقت الغذاء حيث تكاد اللقمة الساخنة أو الباردة تنحبس بقناتك الهضمية كلما أدركك واحد منهم أو واحدة منهن بسؤال مفاجئ لم تكن تنتظره البتة.أما إذا وقفت أمام شباك بنكي أو على رأس متجر كبير أو عند الدخول أو الخروج من مسجد أو مزار أو إدارة مالية أو بموقف الترامواي ،فإنك قد تفقد أعصابك من هول ما ترى وتسمع من جمل مكرورة غارقة في منزلة من الدونية واللا إنسانية وانحطاط في الكرامة والتي وضع فيها هؤلاء قهرا وقسرا أو اختاروا هم وحدهم أن يوضعوا فيها
ما هذا الواقع المؤسف إذن، الذي أصبح المغاربة يعيشون فيه, ففي كل مدينة أو قرية بتكاثر عدد المتسولين والمتسولات،ومدينة الرباط العاصمة،ليست بالطبع إلا نموذجا صارخا لاستفحال مثل هذه الآفة الاجتماعية البئيسة،وهي المدينة التي تعد عاصمة للثقافة العربية، وتشتمل على أهم عناصر الحداثة والعمران بالمغرب ،وتضم بين جنباتها الوزارات والإدارات الكبرى للبلاد والسفارات والهيئات الدبلوماسية وممثليات الأمم المتحدة وإقامات السفراء والقناصلة والكليات والمعاهد الجامعية ومراكز البحث العلمي والمستشفيات الكبرى والمصحات المتخصصة ذات الصيت الوطني والإقليمي
قبل سنوات مضت،التقيت بمغربي متخصص في تجارة الحواسيب، سبق له أن زار العاصمة تل أبيب ، فأسر لي بأنه لم يعثر هناك وقتها على متسول واحد يدور في شوارعها وأزقتها أو بمتاجرها،وكأنها خالية تماما من شيء اسمه التسول ..قلت ،سبحان الله ..لله في خلقه شؤون
لا بد إذن في ظل حكومة السيد عزيز أخنوش المنتظرة من تسليط الضوء على هذه الظاهرة المشينة التي تسيء إلى سمعة العاصمة وسمعة المملكة خاصة عند توافد الزوار الرسميين الكبار وقوافل السياح وأيضا بحكم تواجدنا القهري في عالم افتراضي أضحى فيه الكون قرية صغيرة عبر شبكة النت وتلفزيون الفضاء، كل شيء باد للعيان،جاهز في أي لحظة للفضح والتشهير بأمة المغرب كدولة إسلامية،كما أننا كنا قد فتحنا
قبل سنوات أوراشا كبرى في المعمار العصري وبناء المستقبل وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان
الرهان الاجتماعي قطب الرحى لحكومة وبرلمان الغد
أمر لا يختلف فيه إثنان و لا يتناطح فيه عنزان، وهو أن حكومة وبرلمان الغد المنبثقين عن استحقاقات ثامن شتنبر،لابد أن يضعا بكل قوة وجدية نصب أعينهما هذا الرهان الاجتماعي الذي إن تحققت أغراضه في السنوات الخمس القادمة موازاة مع تفعيل النموذج التنموي الجديد المقترح على أطياف الأمة،سوف يخفف ولا شك من وطأة الفقر والحاجة و من سوء تموقع الطبقة الوسطى ويقلل من الفوارق الطبقية ومن الامتيازات الصارخة الممنوحة لأقلية من هواة اقتصاد الريع مع ترسيخ مبدأ العدالة الضريبية بين الأفراد والمقاولات
موارد مالية قارة للعاطلين والمحتاجين والمسنين
لا شك أن محاربة الفاقة والحاجة من بين أضلعها, توفير موارد مالية قارة للعاطلين والمحتاجين والمسنين المحرومين من المعاش شريطة توفير فرص شغل كافية ومتنوعة الأغراض للجميع، ولنا في التجارب الأوروبية خير نموذج مع طرح مبدأ المجانية الكاملة أو الجزئية للتنفيذ الفعلي في الصحة والتعليم
على وجه الخصوص وتمتيع الفئات ذات الدخل المحدود والمتقاعدين بالإعفاء الجزئي أو الكامل من عدد من الرسوم والضرائب الجماعية أو المتعلقة بخزينة الدولة والتي ترهق كاهل هذه الأسر بين سنة وأخرى مع ما يزاد في قيمتها بشكل تصاعدي كما حدث بالنسبة لتكاليف الحصول على جواز السفر والبطاقة الإلكترونية للتعريف ورخصة السياقة وأداء رسوم التسجيل والتحفيظ العقاري وغير ذلك، كثير ومتعدد
الحوار الاجتماعي الذي أضحى شبه موؤود
وهذا الحوار الاجتماعي الذي أضحى شبه موؤود،نتمنى أن يخرج مع الحكومة الجديدة من عنق الزجاجة عبر توفير عرض جد مرض للمغاربة من موظفين و أجراء القطاع الخاص والمتقاعدين وأصحاب مهن حرة..كيف لا والمغاربة في معظمهم يؤدون واجباتهم الضريبية على اختلاف أنواعها ويساهمون في إنعاش الاقتصاد الوطني عبر الاستهلاك والاقتراض والتبادل التجاري وأداء الضريبة على القيمة المضافة و الضريبة على الاستهلاك عند كل اقتناء.ألا يستحقون عرضا اجتماعيا مغريا يقوي عزائمهم ويحد من غضبهم أمام الارتفاعات المهولة في الأسعار منذ أن تسلم البيجيديون تدبير شؤون المغاربة قبل عشر سنوات وقد أدوا ثمن نكرانهم للجميل اليوم؟
ثم إن الطبقة المتوسطة بين الأمس واليوم ،قد اختارت مكرهة لا بطلة،الرهان على تدريس أبنائها بالتعليم الخصوصي في مواجهة تخلي الدولة عن التزاماتها تجاه دعم هذه الطبقة التي خففت عنها كثيرا من التحملات المادية والمعنوية بمؤسسات التعليم العمومي..ليس ترفا أو تفاخرا منها -فيما يبدو- عند معظم هذه الأسر المتوسطة الدخل، ولو كان التعليم العمومي بنفس الأساليب وبذات الأنشطة الموازية وبنفس الشروط العلمية والتعليمية و بمحيط مدرسي واجتماعي منضبط والتي يحظى بها التعليم الخصوصي في معظمه ،لما توجهت هذه الأسر المتوسطة الدخل إلى المقصلة لتستسلم أمام ما جرت به الأقدار في بلدنا هذا من أجل أن تضمن لأبنائها مستقبلا مشرقا في التربية والتعليم
نعود ونكرر ونذكر لعل القلوب تلين وترجع ، فنقول
المغبون في قاموس المعاني من غبَنَ / غبَنَ في يَغبِن، غَبْنًا وغُبْنًا،فهو غابِن،والمفعول مغبون.غبَنه في البيع والشِّراء: غلَبه ونقَصه وخدعه ووكسَه رجَع بصفقة المغبون: خسر ورجع فارغ اليدين،عاد خائبًا
غبَن مسكينًا : حرَمه بعض حقّه :- غبَن وريثًا في حقِّه : حرمه قِسْطًا من حصَّته في الميراث.غبَن الشّيءَ :أخفاه في الغَبَن أو المغبِن ، خبَّأه للشِّدَّة ... غبَن اللصُّ سريقتَه
التعليم الخصوصي والطبقة المتوسطة
الغبن حاصل إذن من قبل الدولة في حق من اختاروا تدريس أبنائهم بمؤسسات التعليم الخصوصي كرها لا طوعا عملا بمقولة ابن العاص (مكره أخاك لا بطل) خاصة تلكم الشريحة الاجتماعية التي يزيد أو ينقص دخلها الشهري الصافي عن "جوج فرنك" التي بلغت شهرتها الآفاق أي 8000 درهم ، وهي المؤلفة من متقاعدي الدخل المحدود والمتوسط وموظفي ومستخدمي الطبقة المتوسطة الدنيا و صغار التجار و من يماثلهم من متقاعدين، هؤلاء يبارزون وهم عزل من هو أعتى منهم وأصلب عودا ليس كحالة ابن العاص في مواجهة الإمام علي،يواجهون كل المصاعب الممكنة في غياب دعم ومراقبة الدولة وتخليها عنهم كلما حمي وطيس المعركة من أجل ضمان مستوى تعليمي راق ذي مغزى
متطلبات وتكاليف سنوية وشهرية مرهقة وملزمة تضعها بعض مؤسسات التعليم الخصوصي أمام أنظارهم وتزداد قيمتها كل سنة تقريبا حتى أضحى حال هؤلاء "الأيتام" وكأنهم في مأدبة لا يفوز فيها بعشائه إلا من كانت خالته في العرس حاضرة ...هكذا يضطر المرتبون في فئة "جوج فرنك" أسفل أو أعلى من ذلك قليلا إلى الخضوع لشروط النمسا
التي تلتهم نصف الراتب أو أكثر من ذلك طوال المسار الدراسي لأبنائهم
هذه هي الحقيقة الصادمة التي يكتمها إعلام الدولة كقناة "ميدي آن تيفي" كلما تطرق إلى موضوع التعليم الخصوصي ، وبالمقابل أيضا يشكو أرباب هذه المؤسسات من غياب تدابير استراتيجية تخفف من العبء الضريبي عليها وتخلق قنوات دعم مالي أو عيني لهذه المؤسسات من قبل الدولة ومجالس المدن حتى تتمكن من خفض قيمة مساهمة الآباء في أداء رسوم التمدرس والأنشطة الموازية والنقل والتأمينات ونحو ذلك مما يقع على كاهل الأسر المتجهة بأبنائها إلى التعليم الخصوصي
وما ينكره إلا جاحد أو مكابرأن مسؤولية الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية قائمة هنا في ضمان تعليم ذي جودة وفق منطوق الفصل 31 من دستور:تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في
العلاج والعناية الصحية.
الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة.
الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة.
التنشئة على التشبث بالهوية المغربية، والثوابت الوطنية الراسخة.
أليس من حق هذا المواطن المتوسط الدخل وهذه المؤسسة التعليمية الخاصة إذن أن يسترجعا قسطا وافرا كله أو بعضه مما تحملاه عن الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية من تكاليف مالية هي المسؤولة عن دفعها والاضطلاع بمهمتها دستوريا مثلما هو معمول به في الدول الراقية التي لا تدفع مواطنيها كرها صوب التعليم الخصوصي بل توفر له تعليما عموميا ذي جودة قد يفوق مستواه ما يتوفر لدى من اختاروا هناك عندهم بوابة التعليم الخصوصي
يقودنا الحديث إذن إلى المآلات التي عليها طفولتنا المتمدرسة المنتمية إلى الطبقات الدنيا والمتوسطة في مجتمعنا ...هل تتوفر على الحقوق والمكاسب المتعارف عليها وفق المعايير الدولية في مجالات التمدرس والصحة الوقائية والعلاجية والتأمين والسكن والتعويضات العائلية الكافية لها والرعاية السوسيو-نفسية والحق في التمتع بكافة ضروريات العيش وكمالياته مثل ما هو معمول به في مختلف الدول التي تشبهنا أو تضاهينا اقتصاديا على الأقل
حسن تدبير الرهان الاجتماعي أو الحلقة المفقودة
فمن الأمور البديهية والأساسية التي لابد أن تعمل "الحكومة الجديدة "بفضل جزء من عائدات الفوسفاط و الثروتين البحرية والمعدنية وجزء آخر من المداخيل الضريبية على اختلاف أشكالها التي يؤديها المواطن ويتهرب أو يتملص من أداء بعضها أشخاص وشركات وإقرار العدالة والتوازن في الأجور بين كافة طبقات المجتمع بشكل عقلاني يتوافق مع حسن تدبير مدخرات البلاد واسترجاع ما نهب من مال عام والقطع مع مقولة "عفا الله عما سلف البنكيرانية" ،بهذا وبغيره من وسائل الدعم والتمويل يمكن أن نوفر لمثل هذه الشرائح الاجتماعية الدنيا والمتوسطة سبل العيش الكريم حتى يتمكن أرباب مثل هذه الأسر من مواجهة مصاعب الحياة، ومن هذه السبل التي نكاد نفتقد العديد منها ما يدعو إلى مساءلة الذات أمام العالم والتاريخ في وطننا الغالي
إقرار تعويضات عائلية لكل طفل وطفلة متمدرسين لا تقل عن ألف درهم للفرد الواحد للأسرة ذات الثلاثة أطفال أو أقل من ذلك
إقرار منحة الولادة لكل طفلة أو طفلة لا تقل عن ألف وخمسمائة درهم للمولود الواحد للأسرة ذات الثلاثة أطفال أو أقل من ذلك
اعتماد المجانية في الفحوصات والعلاجات والأدوية لأطفال الفئات الدنيا والمتوسطة من المجتمع
القيام بحملات توعوية وقائية وعلاجية مجانية دورية داخل المؤسسات التعليمية العمومية والخاصة للكشف عن الحالات المستعصية أو اكتشاف الأمراض التي عجز الآباء عن تحديدها
توفير أطباء عامين و مختصين في المتابعة السيكولوجية و إخصائيين اجتماعيين بشكل كاف بكل المؤسسات التعليمية أو بالنيابات الإقليمية المكلفة بالتربية والتعليم
استصدار الدولة لمنح دعم دراسي سنوي لكل طفل وطفلة من الطبقات الدنيا والمتوسطة اختارت أسرتهما كرها لا طوعا التمدرس بالقطاع الخاص نظرا للفرق الكبير المشهود بين طرق التدريس في كلا القطاعين، ولأن مسؤولية الدولة تكمن في توفير تعليم أفضل بالقطاع العمومي على وجه التحديد
مساعدة الدولة لأرباب هذه الأسر الدنيا والمتوسطة على تحمل أعباء وتكاليف الدراسة واقتناء لوازمها بالقطاع الخاص عبر التنسيق مع المؤسسة أو الأسرة في هذا الباب مع ما تشهده معظم هذه المؤسسات التعليمية الخاصة من ارتفاع في متطلبات التسجيل السنوية ورسوم التمدرس والنقل والأنشطة الموازية الضرورية في أفق الاستثمار من أجل صناعة جيل واع نفسيا و قادر بدنيا حتى تستفيد منه الدولة لاحقا ،دون خلق آلية مراقبة للحد من نسبة الجشع عند أرباب عدد من مؤسسات القطاع الخاص
خلق متنفسات ومحفزات مادية أو عينية لفائدة الآباء والأولياء المتقاعدين من ذوي الدخل المحدود والمتوسط الذين يراهنون على إلحاق أبنائهم بالقطاع الخاص على حساب معاشهم الجامد الذي لا حراك فيه ، بل يتآكل يوما عن يوم مع ارتفاع في كل أداء أو رسم أو خلافه
السعي لتوفير بدائل عصرية في السكن اللائق يراعي الكرامة في العيش والتساكن لدى الطفولة المنتسبة للشريحة الدنيا والمتوسطة من المجتمع
الإكثار من المحفزات المادية والعينية لتشجيع أبناء هذه الشرائح المجتمعية المهضومة الحقوق على الإبداع في الفنون والآداب و الرياضيات والعلوم و بمختلف المواهب والقدرات العقلية والبدنية التي تمتلكها أو تسعى لامتلاكها
الحد مع مسلسل التهميش الذي قد تعاني منه العديد من الأسر الدنيا والمتوسطة في الصحة والتعليم والسكن والثقافة والفن والرياضة وسائر مناحي الحياة العامة
تعميم منحة الدراسة على كافة طلبة ما بعد الباكالوريا لمن تتقاضى أسرة الواحد منهم أقل من 20 ألف درهم في الشهر وبدون مداخيل أخرى قارة
المواطن يدفع الضرائب ومن حقه العيش الكريم
قد تكون هذه مجرد أضغاث أحلام بل هي أو أكثر منها هو ما ينبغي أن يكون في الواقع لا في الحلم حتى تصبح في مصاف الدول التي تحترم طفولتها وشبابها وأسرها وترتقي بهم إلى سلم المعالي .هذا ليس إلا غيض من فيض وقطرة من نهر مما يمكن التفصيل فيه وهيهات ,هيهات فليس الكلام اليوم إلا نفخة في رماد وصيحة في واد،لكننا سنظل متشبثين -رغم ذلك- بتباشير الصبح مهما كانت الأمور
نحن نريد مجتمعا فيه التساكن المريح والتعايش السلمي، واستفادة الجميع من ثروات البلاد البرية والبحرية والشمسية والجوفية والجوية ، فكيف يعقل أن تظل الفوارق صارخة بين فئة تسبح في نعيم الأموال وتمشي الخيلاء على طريق مفروشة بأوراق نقدية لا تعد ولا تحصى من العملة الصعبة ومن عملة البلد ،مقابل تجميد الرواتب والأجور مع ارتفاع صاروخي يومي في أسعار مؤشر العيش لدى الفئات الوسطى والدنيا من المجتمع المفروشة طريقهم بالأشواك وصعوبات مواجهة الحياة ، وهل من المعقول أن يقترح إضافة مائة درهم فقط في التعويضات العائلية عن كل طفل ،أليس هذا إجحاف في حق الطفولة ومتطلباتها ، فلم لا يرتفع المبلغ مثلا إلى خمسمائة أو ستمائة درهم على الأقل لكل طفل ،وهو مبلغ هزيل على كل حال بالمقارنة مع دول أخرى تشبهنا أو تفوقنا مع الزيادة في نسبة المعاش التي قررت سابقا للموظفين و للوزراء أيضا المحددة في ستمائة درهم ،بحكم أن هذه الفئة الاجتماعية تعاني من الزيادات في الأسعار وتواجه في ذات الوقت السكون التام بل التآكل المتواصل في مبلغ المعاش الذي يصرف لها ، وهي المعرضة أكثر لمختلف موبقات أمراض العصر بحكم السن وما حصدته من متاعب في سنوات العمل التي قضتها قبل إحالتها على المعاش النسبي أو الكامل.ماذا ستعملون يا من انتخبتم في حق الشريحة الواقعة قسرا وقهرا في المنزلة بين المنزلتين،لا إلى هؤلاء ولا إلى أولئك، من المحالين على المعاش النسبي أو الكامل من المتقاعدين العموميين ،لم تنصف لا سنة 2012 و لا سنة 2013 ، لما قررت الزيادة الشهرية المعلومة(600 درهم ) في رواتب الوزراء وموظفي الحكومة والجماعات ،ولما أعيد سنة 2013 احتساب راتب المتقاعد الذي يفوق قدره في الشهر "جوج فرنك" بطريقة المبالغ الجزافية المتفاوتة في القدر والنسبة حتى وصلت الزيادة الشهرية إلى (850 درهم ) بالنسبة لمن يتقاضى 13000 درهم في الشهر ، وذلك حسب درجة أداء الضريبة على الدخل ،و قد احتدم النقاش حول نقطة خلافية تتعلق بطلب المركزيات النقابية زيادة 400 درهم إلى 600 درهم للأجراء،ومنطق السوق والعدالة الأجرية يفرض مرة أخرى نفسه في أن تشمل الزيادة المتقاعدين أيضا, وهذه الشريحة تساهم بما تبقى لها من معاش لا يرتفع قيد أنملة في أداء ضرائب ورسوم بخزينتي الدولة والجماعة المقررة على جميع المواطنين كالضريبة على القيمة المضافة ،كلما اقتنت سلعة من ضروريات الحياة -وكمالياتها إن تيسر لها ذلك- في المأكل والمشرب والملبس والمنام والعلاج والاستشفاء وخلافه وعند كل تنقل أو مقام أيضا وفق قوانين البلد الجبائية.وتظل مستحقات هذه الفئة المظلومة عالقة بأعناق صناع قرار الزيادة منذ 10 سنوات و بأعناق منفذيه إلى يوم الحساب المترتبة عن هذا الحق الدستوري بعد إقصاء هذه الفئة من أي اعتبار وجودي منذ سنة 2011 ،إذ أن متقاعدي الطبقة المتوسطة تكتوي بنار الزيادات المتتالية منذ أن أحيلت على المعاش النسبي أو الكامل أو الاضطراري في جل الأسعار خاصة الأساسية منها إضافة إلى ما تستنزفه الأبناك وشركات التأمين وشركات القروض والنقل والإسكان والمدارس الخصوصية والمؤسسات الحكومية والجماعات المحلية من مبالغ مالية و رسوم التنبر والتسجيل وما شابه ذلك، كلما اضطر متقاعد إلى قضاء حاجة ضرورية عندها له أو لأبنائه ولذويه ،وهو أمر ينبغي مراجعته وتقنينه إما بالزيادة في المعاش لهاته الفئة أو منح تسهيلات ضريبية وتسعيرية أو تحفيزية ومساعدات اجتماعية خاصة بها رفقا بأحوالها المعيشية وعملا بالحق الدستوري في العدالة الأجرية بين كافة المواطنين والمواطنات ,علما بأن تلكم النفقات الضرورية تخرج إربا إربا من راتب معاشها غير المريح والمجمد بغير حراك والذي أضحى سريع الذوبان بين عشية وضحاها. ويمكن للحكومة حقيقة مثلما هو معمول به في كثير من الدول أن تحدث بطاقة "مزايا" آلية أو بطاقة تخفيض وطنية معالجة ومراقبة إلكترونيا للمتقاعدين ،تشمل تخفيضات "مهمة في سوق الاستهلاك المحلي "،خاصة بالمراكز والأسواق التجارية الكبرى لتأمين احتياجاتهم المعيشية ولذوي حقوقهم,وقد تتضمن تسهيلات (تجارية، تعليمية، صحية، رياضية، ترفيهية، سياحية، سكن وتغذية وتنقل إلخ ..).ويمكن أن تمنح بطاقة التخفيض للمتقاعد ما لا يقل عن 50% على الرسوم والضرائب التي تفرضها الحكومة ،كما قد يعفى من أداء الرسوم الجماعية أو من بعضها، وطرح تحفيزات مادية أو عينية على مستوى اقتناء المقررات الدراسية الغالية الثمن وواجبات التمدرس الشهرية التي تذهب بثلث أو نصف راتب المعاش والتأمين والأنشطة الموازية لفائدة أسر المتقاعدين والمتقاعدات الذين اضطرتهم إكراهات التعليم العمومي إلى تدريس أبنائهم بمؤسسات التعليم الخصوصي واقتراح منح هذه الشريحة المهضومة الحقوق والتي لا تستفيد من الزيادة في معاشاتها، مزيداً من الامتيازات، لتكون سبل العيش ميسرة لها في زمن التهاب الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة عملا بمفهوم الحق في العدالة الأجرية و مفهوم الإنصاف في توزيع ثروات البلاد حفاظا على السلم الاجتماعية والقدرة الشرائية لكافة المواطنين والمواطنات داخل هذا الوطن الغالي، أسد إفريقيا والبوابة الجيو-استراتيجية للعديد من اقتصاديات واستثمارات العالم ،والذي يحسد على درجة أمنه ووحدة كيانه وبعد شعبه عن الطائفية القاتلة والفتن الضالة المضلة ..فاللهم زده أمنا على أمنه وقوة إلى قوته ليبقى شامخا شموخ الجبال وهو يتربع على عرش أعلى قمة الخارطة الإفريقية. وحسبنا الله ونعم الوكيل
من أقوال البعض عن الكرامة
الإنسان يساوي الكرامة والكرامة تقتضي الحرية ،فالإنسان يساوى الحرية
الكرامة ليست امتلاك المفاخر بل استحقاقها
إنّ الإنسان لا يرث الكرامة ولا المهانة بل يصنعها بنفسه
إنّ المستضعفين كثرة والطواغيت قلة، فمن ذا الذي يُخضع الكثرة للقلة، إنّما يخضعها ضعف الروح وسقوط الهمة وقلة النخوة والتنازل عن الكرامة.