امتحان مهني أم تقرير إدانة؟
بوسلهام عميمر
"طاح المستوى علقو الأستاذ"
امتحان الكفاءة المهنية في المجال البيداغوجي والممارسة المهنية، لولوج الدرجة الأولى من
إطار أساتذة التعليم الثانوي الإعدادي دورة دجنبر 2021، النص مقتطف من تقرير المجلس
الأعلى للتربية و التكوين والبحث العلمي، مهنة الأستاذ في المغرب 2021. فمهما اعتصمنا
بحسن النية و الظن، لا يسعنا إلا أن نسجل على هامشه مجموعة ملاحظات نوردها كالآتي:
أولها منطق "ويل للمصلين":
فالتقرير الذي اجتزئ منه هذا النص لا يقتصر على الأستاذ لوحده، لكن واضعي الامتحان
تعسفا أبوا إلا أن يقفزوا على كل الحواجز ليكوموا كل اعطاب التعليم ويلقوها على كاهله.
فكان"الجهل فوق جهل الجاهلين". علما فعدد من التقارير الوطنية والدولية تتحدث عن عدد
من العوامل تتداخل فيما بينها وتتشابك لتفرز ما يعانيه التعليم من مطبات تراكمت عبر
عقود، لم ينفع معها إصلاحات فقد "اتسع الخرق على الراقع". هذا لا يعني إخلاء ذمة كل
الأساتذة من المسؤولية. إنهم ككل فئات المجتمع وموظفي الدولة، ففيهم الطالح وفيهم
الصالح. فما معنى حصر التدني التعليمي في تغيبات الأساتذة غير القانونية؟ فلو سلمنا بهذا
المعطى نكون امام كارثة بكل المقاييس، اذ لا يمكن هذه التغيبات الا كاسحة لتحدث في
التعليم كل هذا الدمار. انه يفيد ان مؤسساتنا التعليمية وكان لا ناهي فيها ولا منتهي، مراتع
سائبة بدون لا جهاز إداري و لا مفتشين و لا أطر أكاديميات و لا لجان مراقبة. أم أن
الجميع متواطئ؟ بمعنى أنه لا أحد يملك مثقال ذرة من ضمير.
فربط تدني المستوى بالتغيبات غير القانونية معناه أن هذا هو الأصل والعمل هو الفرع،
و معناه باختصار السيبة وانتهى الكلام. فهل يعقل ان يكون للتغيبات غير القانونية وحدها
كل هذا التاثير ليجعل تعليمنا على هذا المستوى من التدني؟
أمران أحلاهما مر:
فالسؤال الثاني يطلب من الأساتذة الممتحنين أن يبينوا الانعكاسات التربوية لتغيبات الأساتذة
على أدائهم التعليمي وعلى فرص نجاح التلاميذ. أتصور الأساتذة وهم بصدد الإجابة عن
هذا السؤال، وقد ثبت نص الامتحان التهمة في حقهم ظلما وعدوانا. إنه امتحان مصيري
يعقدون عليه آمالا عريضة. فهل يجازف احدهم بالثورة ضده، أم ينحني للعاصفة و
يسايرهم فيما يريدون، فيكون كمن يعين الجلاد على سلخ جلده من باب "مكره أخاك لا
بطل". إنهم بين مطرقة الوضع البئيس الذي يعيشونه، يأملون لو يبتسم لهم الحظ فيحسنون
قليلا من حالهم، وبين مسمار"الحكرة" الممارسة عليهم بوضع كل اوزار التعليم على
عاتقهم. فهل يخفى على أحد أن مسالة الرسوب والنجاح تدخل فيها مجموعة عوامل، تتوزع
بين ما هو ذاتي يتعلق بالتلميذ نفسه لسبب من الأسباب قد يكون تخلفا طبيعيا يحتاج معها
إلى عناية خاصة وتعليما خاصا وتكوينا خاصا وتجهيزات خاصة، وليس كما فعلوا هذا
الموسم فضمن شعار الموسم نجد "دامجة". فالدمج المذكور هل هو مطلب بسيط يمكن
تحقيقه بجرة قلم خاصة والمقصود ذوو الاحتياجات. الخبر اليقين عند الأستاذات والأساتذة
ممن يكتوون بنار هؤلاء وسط أطفال أسوياء، اذ تكون النتيجة لا هؤلاء ولا أولئك تتحقق
كفاياتهم التعليمية. فهل هو الضحك على الدقون؟ يزج بهم في الفصول الدراسية بدون أبسط
تكوين في التعامل معهم بيداغوجيا، ويتولى الاساتذة رعايتهم داخل الحجرات الدراسية
وخارجها بساحة المؤسسة خوفا عليهم أو منهم. فالمفروض تحمل المسؤولية لتلبية حقهم
الطبيعي في التعليم بما يلائم احتياجاتهم. هذا نموذج فقط، فمسالة الجودة والنجاح تتوقف
على مدى تجهيز مؤسساتنا بما يواكب العصر. اللهم الا اذا كان منطق "احفظ واعرض"
هو الذي لا يزال شعار تعليمنا؟ فالتعليم ليس شعارات ترفع بدون إمكانيات ووسائل؟
مسؤولية الممارسات البيداغوجية؟
السؤال الثالث ايضا يربط فعالية النظام التعليمي وتحسين اداء التلاميذ بتطبيق الاساتذة
للممارسات البيداغوجية كاملة. هكذا بدون الاشارة الى اي متدخل اخر في العملية التعليمية.
بمنطق الخلف بما ان التدني بلغ مداه، فانه لا اثر للممارسات البيداغوجية بالمدرسة
المغربية، بمعنى انه لا اثر لا لادارة تربوية تكلف الدولة ميزانيات كبيرة، ولا اثر لجهاز
التفتيش ولا للاقسام التربوية بالمديريات وغيرها. فالاستاذ بحسب منطقهم هذا وحده يصول
ويجول في المؤسسات بلا رقيب او حسيب.