ريان لن يموت

ريان لن يموت

بوسلهام عميمر

صحيح سيواري التراب جسده الطاهر، لكن روحه البريئة ستبقى بين ظهرانينا حية ترزق 

تحلق بيننا، فبقدر ما حققته على مستوى وطننا وما كشفته من تضامن من طنجة لكويرة، أو 

على مستوى وطننا العربي و الإسلامي، فصوره جابته طولا وعرضا بفعل مواكبة كبريات 

القنوات ووسائط التواصل الاجتماعي، وعلى مستوى كل بلاد المعمور، اكتشفوا ماذا يمكن 

أن يفعله المغرب من أجل أبنائه. تعبير بليغ انتشر خلال الفاجعة من أن "المغرب حرك 

جبلا من مكانه من أجل إنقاذ ابنه". أجل بقدر هذه الصورة المشرقة نفتخر بها بين الأمم، 

بقدر ما إنها ستبقى تقض مضاجعنا، و تسائلنا نحن الكبار ابتداء من أقرب مقربيه. 

حقا فما كان كان، لا يسعنا إلا أن نترحم عليه و ندعو  بالصبر لذويه ولكل المغاربة، و ما 

كان بالإمكان تم عمله، ينقل عن خبير أمريكي (دالان زارتمان) في عمليات الإنقاذ لأكثر 

من 20 سنة، أن ما قام به المغاربة لمحاولة إنقاذ الطفل ريان هي أفضل طريقة "نظرا 

لنوعية التربة وخطورة الانهيار" بحسب ما أوردته إحدى الجرائد الإلكنرونية. فنصيب 

ريان من الحياة الدنيا كان هي الخمس سنوات التي عاشها، وكانت النهاية في هذه الحفرة 

العميقة، "وما تدري نفس بأي أرض تموت" فلا راد لقضاء الله وقدره. إن هذه الفاجعة التي 

اهتز لها الضمير الإنساني من كل البقاع، تثير أكثر من سؤال، تجنبا لتكرارها:

أولاها مع كل التعاطف الطبيعي الذي حازه ريان من قبل كل شرائح المجتمع المغربي، 

دلالة على مدى الترابط بين كل مكوناته ملكا وشعبا، إنه ابننا جميعا، وما وقع له كان يمكن 

أن يقع لأي واحد فينا لا قدر الله، لكن ألا تدعونا هذه الفاجعة لنسائل أنفسنا عن نصيبنا في 

وقوعها؟ فالحفرة هناك بذاك العمق، و بتلك الخطورة، فمن حفرها؟ ولماذا تم حفرها؟ ومن 

أذن بحفرها؟ وهل من شروط وقّع عليها قبل حفرها؟ أليس من البديهيات استحضار 

التوقعات الجانبية قبل الشروع في حفرها، مثل ما حدث للطفل ريان أو غيره؟ 

كم كانت ميزانية الحفر؟ ألم يكن الواجب إضافة القليل لتسييجها أو اتخاذ غطاء لها؟ ثم إذا 

كانت مشروع بئر ولم يعثر على الماء، فلماذا تم الإبقاء عليها مفتوحة حتى نفجع في هذا 

الطفل البريء؟ أليس في هذه القرية رجل رشيد كان بإمكانه توقع خطورتها على ساكنة 

القرية فضلا عن الغرباء، ممن لا علم لهم بجغرافيتها، فيشير عليهم بردمها أو تسييجها؟ ثم 

أين مسؤولية الجهات الوصية على أمن السكان وسلامتهم؟ 

ثانيها، ألا تدعونا هذه الفاجعة للإسراع عبر ربوع المملكة، لرصد كل الآبار المعتمدة أو 

المهجورة، والحفر المفتوحة قبل ان نفجع من جديد لا قدر الله؟ هذا فضلا عن السواقي 

بالبوادي وبالقرب من بعض المدن الداخلية غير المسيجة وغير المحروسة، كم منها تكون 

سببا في وفاة عدد من الشباب خاصة خلال فصل الصيف يقصدونها للسباحة. ناهيك عن 

حفر المياه العادمة بالأحياء الشعبية، كم مرة تتناقل الجرائد ووسائل التواصل الاجتماعي ما 

يحدث، و عادة ما يكون الأطفال ضحيتها.

أملنا أن نعتبر مما حدث للطفل ريان لنبادر قبل فوات الأوان، لمعالجة الداء من جذوره. 

فأمثاله كثر ليست الآبار والحفر والسواقي لوحدها تقتل. التشرد أيضا يقتل و التفكك 

الأسري والفقر و الهدر المدرسي والمخدرات وشدة البرد والثلوج و غيرها كلها تقتل. 

 

فرسالة ريان بمأساويتها ، أكيد ستحرك أكثر من بلد ليقوم بما يجب، حتى لا تتكرر فاجعته.     

 

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

المقالات الأكثر مشاهدة