حفيظ دراجي وسياسة التفاهة!
الصادق بنعلال
يعد الواصف الرياضي الجزائري حفيظ دراجي من ضمن الأوجه الإعلامية المعروفة في المشهد الكروي العربي، والمشهور بتعليقاته الوجدانية العاطفية الحافلة بالصياح والبحث اللامحدود عن الإثارة والمبالغة والحشو غير اللازم، وهو ينقل للمشاهدين المباريات الفنية، بل إنه قد يدفعه الحماس النزق إلى اقتراف خطايا قيمية وإشعال الفتن بين جماهير ودول بريئة كما حصل ذلك في منافسات كأس العرب، ومعلوم أن التعليق الرياضي المتعارف عليه أمميا يستلزم قدرا كبيرا من الرزانة والموضوعية والحياد، وتجنب اقتفاء سبيل التعصب والنعرات القبلية والعرقية والدينية .. والاقتصار على نقل أطوار اللقاء الرياضي بكلمات أقل، واحترام أكثر لكل النوادي والجماهير الممثلة لشعوب ومجتمعات، من المفروض أن نسعى إلى نشر قيم المحبة والأخوة والمساواة للمساهمة في مد جسور التواصل بينها، وهذا نراه بجلاء في الوصف الرياضي الرفيع للبطولات الكروية الغربية.
لكن قد نتفهم اندفاع السيد دراجي في "معمعة" وصف محموم لمقابلة رياضية محكومة في الزمان والمكان، لأنه بتعليقه الشعبوي الهائج قد يجد لنفسه مكانا في "قلوب المشجعين الشباب"، لكن أن يمارس نفس اللعبة في سياق آخر أكبر منه كثيرا وأبعد من مجاله المستباح، فهذا يتطلب التوقف عنده مليا والنظر إليه بروية. سبب نزول هذا الكلام تلك التغريدة التي "وشح" بها صفحته على موقع التواصل الاجتماعي التويتر، والتي تضمنت إشارة بالغة الخطورة والرعونة والتهافت. يطلعنا حفيظ دراجي يوم 27 مارس الماضي عما يلي: "صحيفة يديعوت احرنوت تحتفي هذا الصباح بوزراء خارجية أربع دول عربية سيأتون في آن واحد إلى الأراضي المحتلة لحضور قمة النقب والتآمر على فلسطين والأمة الإسلامية! اجتماع النقب المحتل يشبه اجتماع قبائل قريش للتآمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم. اللهم اجعل تدبيرهم في تدميرهم. يا رب". وكما يبدو فالإحالة هنا تعود إلى وزراء خارجية مصر والإمارات والبحرين والمغرب، الذين شاركوا في اجتماع النقب برئاسة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بدعوة من وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد، بهدف تشكيل تحالف مشترك في المنطقة لمواجهة إيران.