وادي زم ورحلة نحو الجحيم عبر قوارب الموت
المصطفى بلحامرة
هبط آدم وزوجه من الجنة وتركا ما فيها من نعيم مما لا أذن سمعت، ولا عين رأت، ولا خطر على بال بشر، وأصبحا وجها لوجه مع الطبيعة القاسية، والوحوش الضارية، والطيور الجارحة، والزواحف السامة، ولاتقاء شر هذه المخلوقات والحر الحارق، والبرد القارص، كان لا بد لهما أن يتدبرا أمرهما بإيجاد مكان يشعران فيه بالأمان، وكانت الوسيلة الوحيدة،هي الكهوف في الجبال، واتخذا منها ومن جاء بعدهما سكنا. حصل هذا منذ ملايين السنين، إلا انه لازال موجودا إلى الآن بمدينة وادي زم، بفارق بسيط، أن الأولى حفرتها العوامل الطبيعية، والثانية بناها الإنسان بطريقة عشوائية وسميت بيتا، مع أنها تفتقر إلى التهوية والإنارة وتصريف المياه العادمة، رغم أن المستعمر وضع أول تصميم معماري للمدينة بمواصفات أوروبية سنة 1924... كما انشأ عدة مرافق اقتصادية، اجتماعية، تربوية وترفيهية، أصبحت الآن في خبر كان. وأصبحت مدينة وادي زم تعيش حالة صعبة ،و لم تستفد من الفوسفاط الذي اكتشفه المستعمر سنة 1924 إلا بالغبار المسموم الذي أهلك الحرث والزرع والنسل، وهذا الوضع المزري لم يأتي من فراغ ،وليس قضاء وقدر . بل تضافرت عدة أسباب ومسببات، وأهمها التركيبة السكنية القبلية بامتياز !!! حيث انه كلما جاءت الاستحقاقات تنتفي الحزبية والكفاءة ويصبح الصراع على أشده بين القبيلتين الأصليتين ( قبيلة السماعلة وقبيلة بني سمير) ويختلط الأمر على الناخب، ويكون العزوف سيد الموقف ،إلا من تربطه قرابة أو مصاهرة أو مصلحة بالمرشح الذي لا يجد حرجا في القفز من حزب إلى آخر، مستعينا بالشناقة والسماسرة لاغتصاب الأصوات، تارة باسم الديمقراطية، وتارة باسم العلمانية، وتارة باسم الدين . والضحية هو المواطن الذي لا حول ولا قوة له بدافع الفقر والفاقة ،بسبب غياب مرافق اقتصادية لتشغيل الطبقة الشابة القادرة على الشغل، و التي تتزايد يوما بعد يوم ، بسبب الهجرة من البادية إلى المدينة ، وإنشاء مستعمرات عشوائية سرطانية تفتقر إلى كل متطلبات الحياة ،وربما كل العائلة تنام في حجرة واحدة و التي هي الطبخ في نفس الوقت ،أما المرحاض فهو الهواء الطلق، ،مما يجعلهم يائسين ومضطرين للبحت عن وسيلة تجعلهم يكسبون المال ، ولو كانت الوسيلة يحرمها الدين، ويجرمها القانون، ويرفضها العرف. فكانت الخطوة الأولى هي التسكع والسرقة ،،وتكوين عصابات ،واستعمال العنف والاغتصاب، وتعنيف الأصول، والتعاطي إلى القرقوبي الذي يحولهم إلى وحوش آدمية ،(مشرملين) ،أما فريق آخر، فقد اتجه إلى مهنة اختلاق حوادث وهميه لا وجود لها على أرض الواقع ،فيستفيدون عبر شركات التأمين بتعويضات مهمة دون مشقة ولا تعب، ،وأخيرا وليس بأخير " النصب على الخليجيين و ابتزازهم بعد إيهامهم أن المتكلم هو صاحبة الصورة المرئية على الشاشة، وهي عارية وفي وضعية شاده ، تجعله يخلع ملابسه بالمرة ، ويمارس الجنس الفردي بطرق بهائمية ، وتعرض عليه،صورته ويهدد بنشرها في المواقع الاجتماعية إذا لم يدفع مبلغا مهما من المال ، وعمت هده الآفة شريحة مهمة من الشباب والشابات، وبحصولهم على أموال طائلة تركوا الدراسة ، وفي الوقت الذي كان بجب التصدي لهده الظواهر الخطيرة وقطع الصلة مع سياسة الترقيع والتسويف وإعطاء الوعود المستحيلة التنفيذ التي يتشدق بها من زكتهم الأحزاب السيباسوية، و إيجاد حلولا ناجعة اقتصادية، وتثقيفية ،وتربوية، وتوعية دينية ، ومحاكمة الفاسدين والمفسدين الدين هم السبب في إفقار أولياء هؤلاء الضحايا، وربط المسئولية بالمحاسبة ،مع استعمال الحلول الزجرية مع المتورطين في هذا العمل المخل بالأخلاق والمروءة والدي جففت منابعه الضابطة القضائية تحت إشراف النيابة العامة . وقضت على الجرائم التي تشوه سمعة هده المدينة الشهيدة التي هي جزء لايتجزؤ من هدا الوطن الآمن والمطمئن، ،فلم يبق أمام من ألفوا كسب المال بالطرق المشبوهة والملتوية إلا الالتجاء إلى الهجرة السرية التي تقودهم نحو المجهول ،.فمن غرق لقي حتفه .ومن فقد بقي مصيره مجهول إلى حين .ومن وصل إلى الضفة الأخرى بعيش البؤس والفقر .وحيث إن اغلبهم لا يتقنون أية مهنة فأخوف ما نخاف منه .هو استقطابهم واحتضانهم من طرف بعض المتطرفين سواء دينيين أو علمانيين.او مافيات تتاجر في الممنوعات والبشر لاقدر الله.