السيدة منيب: شيخوخة الحزب و ثوب الشباب

السيدة  منيب: شيخوخة الحزب و ثوب الشباب

عبد الهادي وهبي

   المعروف لدى اليسار  الاشتراكي الموحد ان الديمقراطية التي يتحدث عنها لا يعرف لها طريقا ، وبعيد  كل البعد عنها  وما اختيار نبيلة منيب على راس الحزب إلا تأكيدا لمرجعات تافهة اعتمد عليها الحزب بعيدا عن المراحل و الخطوات الديمقراطية المعروفة لاختيار امين عام لأي حزب سياسي في المغرب او في الدول الديمقراطية عامة ،  فاختيار نبيلة كان هدفا سياسيا محضا ، بل يمكن القول انها ستجد نفسها يوما في المستقبل ضحية لحسابات سياسوية ضيقة و  اديولوجية بين التيار اليساري المتشدد الذي يمثله حزبها ، مع تيارات و احزاب سياسية لها من الوزن الثقيل داخل المجتمع من المكانة ،وعلى رأسها التيارات و الاحزاب الممثلة حاليا في الاغلبية الحكومية و النيابية في مجلسي النواب و المستشارين.

       قلت لطالما تعرف نبيلة منيب او يسوق من طرف انصارها بأنها المرأة الحديدية ،و المرأة القادرة على الوقوف الصمود و التحدي و النضال ، و غير ذلك من الشعارات التي ظهرت عليها علامات الشيخوخة و الهرم ، فمنيب غير قادرة رغم قوة الشباب ،ولو على مستوى السن ، على ان تعيد لليسار الذي فقد هيبته و مكانته داخل الشعوب العربية ، ومنها المغرب ،   فالتيار اليساري بالمغرب  دخل في سبات عميق لأزيد من ثلاثين سنة ، وجاء الربيع العربي ،  حيث لا يمكن انكار الدور الذي قام به اليسار العربي في اندلاع الثورات العربية مدعوما من الغرب ،  و اعتقد اليسار ان الفرصة الان سانحة للعودة الى القوة و التأثير في الشأن العام الوطني و الاقليمي و الدولي  ، ولكن لسوء حضه فالديمقراطية و الانتخابات التي كان يرفعها في الشارع العربي في مصر و تونس و المغرب ، كانت هي السبب في القضاء عليه من جديد ، وجاءت الانتخابات بعكس ما كان يعتقد ، بل تلقى صفعة من طرف المواطنين عبر صناديق الاقتراع ، فحصد الاصفار، و قطفت الاحزاب الندبة ثمرة الربيع العربي ،و هو ما زاد من غضب اليسار المصري و التونسي و المغربي ،  وما حركة 20 فبرير الغير الميؤوس على  موتها و رحيلها إلا دليلا قاطعا على هذا الواقع الذي تحول الى غضب و انتقام حيث لم يستصغي اليسار الى سبب الرفض العربي له ، وهذه الحركة رغم موتها  احتضنها اليسار من احزاب و جمعيات حقوقية ، دافعت الجمعية المغربية لحقوق الانسان هن الحاقد وأمثاله من المجرمين و المخربين و الباحثين عن الفوضى من اجل نشر افكارهم  النجسة في المجتمع  المغربي المحافظ  على وحدته الدينية و السياسية .

   رغم مرور اكثر من  سنة على اختيار نبيلة منيب على راس  الاشتراكي الموحد ذو التوجهات اليسارية الفوضوية ، فإنها لم تقدم ولو حبة قمح ، فقط هناك خرجات اعلامية عبر بعض الجرائد ، وحيث نفس الخطاب يتكرر ، من قيبل الحكومة الذكورية الجديدة ، حكومة السيد  بنكيران لم تقدم اي اضافة للشأن المغربي العام ،  حكومة الظل، تراجع حقوق الانسان ، القفر في العالم القروي ، احياء الصفيح في المدن..... و الشاهد الحقيقي ، وبعيدا عن الاديولوجيات التي تتحكم في خطابات السيدة نبيلة منيب ، فالحكومة المغربية الحالية تتمتع بالاستقلالية التامة في تسيير شؤون البلاد ، و حكومة الظل مجرد شماعة تعلق عليها المعارضة و الاحزاب الاصفار فشلها ، فالأولى بسبب عدم حضورها في الاغلبية ، و الثانية بسبب الرفض الشعبي ،و  حقدا على القوة الشعبية التي تتمتع بها بعض الاحزاب مثل العدالة و التنمية و الاستقلال و التقدم و الاشتراكية و الاحرار و الحركة الشعبية . 

     تعتقد  السيدة منيب و من اوصلها الى الامانة العامة ، ان وصول انثى الى راس الامانة العامة ،  بإمكانها ان تنال عطف الشارع و المواطن ،و اعادة القاعدة الشعبية لليسار الذي اصبح يعرف نزيفا حاد ، ادى  به الى الاصابة بمرض فقر الدم ، اي الشعب لان الشعب بالنسبة للأحزاب عبارة عن شريان الدم ، التي يوقد الحركية و الدينامكية للحزب ، وبغياب هذا الشريان يصاب الحزب بالعجز المؤدي الى الموت المحقق ولو بعد  حين ،و هو الامر الذي اصاب التيار اليساري في المغرب

      مشكلة اليسار المغربي ، و العربي بشكل عام ، معروفة  وهي الاصابة بفيروس ينتشر في جسده منذ ثلاثين سنة ماضية ،  فيروس يسمى  بفقدان القاعدة الشعبية ، واستمرار تراجع مؤشرات تأثيره في الشأن العام ، لان التيار و الفكر الماركسي لم يعد له وجود حتى في دولة الام، ثم تحول الكثير من كوادر فكر ماركس الى رأسماليين متوحشين  ، يلعنون ماركس ليلا و نهار و رغم جرعات الدواء التي تقدم للفكر اليساري عبر المتاجرة بأبطال القبعات السوداء ، الذين دافعوا عن اليسار الاشتراكي في المغرب ، لم تنفع لان الفيروس قاتل ، وحتى محاولة ضخ  فئات شابة في الحزب من خلال طلبة الجامعات و خريجيها المتشائمين ،  و ايضا تعيين امرأة على راس الحزب يدخل فيه هذه السياسة الجديدة  ،و الطاهر ان كل هذه الادوية لم تنفع على الاطلاق ، لان الداء استأسد في جسد اليسار.

   و لكي يعود اليسار المغربي الى مكانته ، ويعيد قاعدته الشعبية من الاحزاب الاخرى ، فما عليه إلا ان يستأنس بالنصائح التالية ، فأولاها ان يعود الى احضان الشارع المغربي ، فالارتماء في احضان الغرب و الانفصاليين لايزيد الشارع المغربي إلا نفورا من اليسار  ، وثانيها ان يعترف بما تحقق في المغرب منذ الاستقلال من حريات و حقوق للمواطنين المغاربة ، و ثالثها ان يضع المصلحة السياسية و الدينية للمغرب قبل المصالح الضيقة للحزب ، ومصالح  اعداء الوطن و المستحكمين في قرارات الحزب ، ورابعا ان يتحلوا بالمواطنة الصادقة ،وان يكفوا عن دعم الانفصاليين من البوليزبال و غيرها ، و فاليسار يعتقد ان المغاربة يجهلون موقفه المعادي للوحدة الدينية و الترابية للمغرب،و يعلم ايضا ان مسالة الوحدة الترابية للمغرب محطة اجماع سياسي و اجتماعي لدى كل فئات المجتمع المغربي اغنياء و فقراء . وخامسها ان يتحلى الحزب بالواقعية ، ويتخلى عن الافكار الطوبوية و الميتافيزيقية .  

عدد التعليقات (1 تعليق)

1

المغربي النديم

خلعني العنوان

اصطدمنا بالشعبوية في المشهد السياسي المغربي، بحثنا عن متنفس حقيقي في أماكن أخرى، لكن للأسف أينما وليت وجهك فثمة شعبوية مترصدة لك حتى بين ثنايا الدروب والأقلام والعقول..السيد عبد الهادي وهبي أنا لا أزايد عليك لكن أنصحك بقراءة الكتب (وليس التاريخ لأنه أصعب عليك)، اقرأ الكتب لتحسن أفكارك ومعلوماتك..صعب جدا أن يقرأ الفرد منا التاريخ بموضوعية أعرف هذا، لكن أن تصل الركاكة الفكرية إلى هذه الدرجة هو ما لم أكن أتوقعه..بغض النظر عن مرجعيتي التي أتحدث منها، يبدو أن الظلام قد أعمى بصيرتك فأصبحت لك عداوة مع كل ما هو "اشتراكي"، لأنك تنظر إلى الماركسي بعين واحدة ضيقة هي عين "الدين" فتصدر حكمك القاطع بالإلحاد وغيرها من عبارات التخوين..وهذا طبعا لن يعطيك فرصة لتقديم أفكارك لأنك ببساطة ليست لديك أفكار بل لديك أحكام دينية إقصائية جاهزة...

2013/02/01 - 10:37
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

المقالات الأكثر مشاهدة