الإمبريالية الصاعدة بالمغرب تساوي الدمار الشامل
يوسف باجة
يرى ويلحظ كل متتبع للشأن العام والخاص بالمغرب أن هذا الوطن وإن حقق بعض النتائج على كل المستويات فإنه يبقى منذ بداية القرن الواحد والعشرين مكبلا بسلاسل الخيبة والتراجع والتكاسل المشين، نعم إنها الإمبريالية سبب كل هاته المصائب والكوارث التي حلت والتي قد تقصف بأوطاننا العربية كلها إلى مقبرة الظلام تاركة وراءها فقط أسفارا من التاريخ قد تتبعها فيما بعد، وإنني حينما أتكلم عن الإمبريالية فلا أقصد بها أولائك الكفرة الفجرة الإستعماريين فقط بل إني أذهب لمفهومها الشامل والواسع ألا وهو التسلطية، نعم إنها أفعال وأفكار تسلطية ستحصد الأخضر واليابس مستقبلا ما لم نتجند شعوبا وقبائل وأمما لمحاربتها، وليس بالضرورة أن هاته الصاعدة تنطبق فقط على المغرب بل هي تتكتل وتترسب في قعر كل دولة وقطر عربي موحد ومستقل، إلا أننا ارتأينا أن نوضحها لعموم البشر رغم أنه يعرفها وسادر في غيه من زاوية المملكة المغربية عل وعسى نقبض على أيدينا ونتحد مادام في الإتحاد قوة لتكسيرها من عظم القدم لعظم الجمجمة، لأنها تغير جلدها في كل محيط عربي كحرباء فوق الأغصان إلا ان مفعولها واحد ألا وهو إلحاق الدمار الشامل، وهذا الدمار هو الآخر هو النتيجة المحتمة للعلاقة السببية بين الفعل والفاعل (الإمبريالية).
إنك وإن تسأل أي مغربي في مقارنة بسيطة في الشارع يقول لك يا ليتنا عدنا لأيام حكم الملك الحسن الثاني فإنها أحسن من هاته الأيام السوداء بكثير، وإنهم لخاطئون حقا في تفكيرهم فليس الأمر في ملك معين بل الأمر من الشعب والأمة فهي التي تنمي نفسها بنفسها وهي التي تسقط نفسها بنفسها، بل وكفرضية إن سألت إنسانا في عهد حكم السلطان مولاي عبد الرحمان مثلا ولا يزال حيا (وهذا من باب الإستحالة والله يعلم) فسيقول لك زمنه كان أحسن من مُلك الحسن الثاني أو محمد الخامس رحمهما الله، وهو ربما مجرد حنين إلى الماضي ممزوج بعوامل نفسية واجتماعية لست من أهل التخصص في شرحها وتفسيرها للعيان، وكما قال عالم الإجتماع العراقي علي الوردي رحمه الله "إن مجتمعنا اللئيم يخلق أسباب الفقر والعاهة من جهة، ثم يحتقر المصابين بهما من الجهة الأخرى. و لهذا ينمي فيهم عقداً نفسية لا خلاص منها" وأيضا الإمام الشافعي رحمه الله:
نعيب زماننا والعيب فينا ----- وما لزماننا عيب سوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب ----- ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليس الذئب يأكل لحم الذئب ----- ويأكل بعضنا بعضا عيانا
بناء على ما سبق وانطلاقا من الواقع العملي نفسر التسلطية التي في طريقها نحو النجاح على مستوى كل القطاعات الحيوية والإستراتيجية التي تعتبر مقومات كل دولة حديثة وديمقراطية، محاولين قدر الإمكان الإيجاز بدل الإطناب، لأنه لو تفصلنا وتفرعنا فلن نخرج بمقال إنما نحتاج لكتب ومجلدات ستعرقل الدولة نشرها وسنذكر لماذا في الجانب الثقافي بعد أن نطوف على جوانب قبلها لنأتي على ميادين تليها.
أولا: في التربية والتعليم والبحث العلمي
أما عن قطاع التربية الوطنية والتعليم فقد أكدت التصريحات الحكومية عن فشل مخططاتها في إصلاح منظومة التعليم وأن تقرير منظمة اليونسكو سنة 2011 حول المغرب من المرتبة ماقبل الأخيرة إلى المرتبة الأخيرة في سلمها الدولي، إذن واضح للعيان أن تعليمنا في حظيظ ونرى أن السبب الأول والأخير هو التربية فإن الوزارة الوصية منذ عهد الإستقلال تسعى لكسب التعليم متجنبة توفير التربية وهو ما عجل بوفاة منظومتنا الفاشلة بامتياز ممتاز، فبدون تربية الأبناء والناشئة في البيت والمدرسة معا فلا سبيل لإنقاذه من ورطته، فعندما يصبح التلميذ في التعليم المدرسي الإبتدائي يُنَزٍّل وجه الأستاذ من مكانه ب"زيزوار" أو يشق رأسه ب"مقدة" أو يغتصب زميلته في الفصل نهارا جهارا، أو عندما تصبح التلميذة تتربص بالتلاميذ قرب المرحاض منتظرة حصول الأسوأ، عن أي تعليم سنتحدث؟ إنها فعلا لمصيبة كبرى أين دور الآباء هنا والمدرسة أيضا وعلى قول الشاعر:
الأم مدرسة إذا أعددتها ----- أعددت شعبا طيب الأعراق
الأم روض إن تعهده الحيا ----- بالري أورق أيما إيراق
الأم أستاذ الأساتذة الألى ----- شغلت مآثرهم مدى الآفاق
وهاهي اليوم أمنا بالمغرب العظيم تظل ليل نهار في العمل أو في دكاكين الأثواب والجواهر تاركة وراءها صبيانا يتعلمون الويلات ماضون في سوء الخلق، أوَ هكذا هو التعليم، أما عن البحث العلمي فإنني لأتفاءل خاصة وأنه مؤخرا تم تصوير النزول على كوكب المريخ بمنطقة أرفود في محاكاة للظاهرة العلمية، لكني في نفس الوقت أعاتب أو هذا هو البحث يا وزارة البحث العلمي، تحاكون النزول في المريخ على المغرب لأنها أرض جرداء فعلا ربما تشبه كثيرا كوكب المريخ في الحفر والمناخ ايضا، تروجون لقطاع السياحة وفي حقيقة الأمر تُضحكون عليكم الشعوب والأمم من الغباوة، إن البحث العلمي الحقيقي له مقومات كبرى أنتم أدرى منا بها، وإنكم إن تعطون للأستاذ الجامعي راتبا يفوق وصف الخيال في شقين الأول عن التدريس والثاني عن البحث ويقوم بدوره بإصدار نفس المؤلف كل سنة مع تغيير الغلاف ومنهم من لا يصدر شيئا لتلك جريمة كبرى وسطو في حق المال العام واختلاس في الخفاء وريع ما بعده ريعُ، وهي كفيلة بإنقاذ آلاف العاطلين عن العمل.
ثانيا: في الصحة
إذا ذهبت كمواطن عادي جدا فقط إلى إحدى مستشفيات العاصمة الرئيسية كمستشفى ابن سينا أو المستشفى العسكري محمد الخامس أيضا والله ولو كنت تتقطع وترى الموت بين أعينك قريبا لن تجد معتقا مالم تدفع رشوة في الباب لأولئط الوطاويط مصاصي دماء الأمة من الممرضين وأعوانهم وموظفي المستفى، وأنا لي تجارب مريرة مع هؤلاء العتاة الصعاليك، وسيقول قائل لماذا تم بناء المحكمة إذن، أقول له إذهب وستجد الأمر ولو استطعت الحصول على دليل فإني أضرب لك ألف سلام وتحية، والله لن تقدر على الحصول على الدليل كمواطن عادي مالم تكن مسلحا بالأسلحة الإعلامية الخفية وهذا من قبيل الإستحالة على مواطني الشعب عامة، أما عن التجهيزات فإن في بعض المستشفيات حتى تلك التي يزورها جلالة الملك ويجهزها من ماله الخاص أحيانا، بمجرد أن ينسحب منها إما يتم تعطيلها غنوة أمام المواطنين أو يتم إخفاءها ويقال لهم إن الجهاز معطوب أو غير موجود، أما عن بعض القرى فإن الطبيب لا يزال يطبب المرضىبميزان الحرارة أو لازلنا بالقرن التاسع عشر او ماقبله؟ في حين أن الأدوية التي تمنحها وزارة الصحة للمستشفيات المحلية بكل دائرة أو مقاطعة لتوزع مجانا على المواطنين تقوم ممرضات ذاك المستشفى جزاهم الله ألف خير ببيعها عند أقرب صيدلية وقبض الثمن مع أن العلبة مكتوب عليها "ممنوع بيعه" ومن تكلم أو تأفف من المواطنين ينادون له على رجال القوات المساعدة "باش تخلي دار بوه" مع العلم أن الحكومة تعمل بذكاء هنا حيث أن أغلب المستشفيات المحلية تجدها ملاصقة للمقاطعة أي يحترمون السرعة في إحضار "المخزن" ولا يحترمونها في إحضار سيارة الإسعاف لإنقاذ الأرواح التي تذهب هباء تشكو لربها ظلم العباد الذين أدوا قسم أبقراط القائلُ والذي عدل في المؤتمر العالمي الأول للطب الإسلامي ليتلاءم مع دول تخضع لقول الرسول الكريم "لن يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه" والذي أصبح على الشكل الآتي "بسم الله الرحمن الرحيم. أقسم بالله العظيم أن أراقب الله في مهنتي. وأن أصون حياة الإنسان في كافة أدوارها، في كل الظروف والأحوال، باذلًا وسعي في استنقاذها من الموت والمرض والألم والقلق، وأن أحفظ للناس كرامتهم، وأستر عوراتهم، وأكتم سرّهم. وأن أكون على الدوام من وسائل رحمة الله، باذلًا رعايتي الطبية للقريب والبعيد، الصالح والطالح، والصديق والعدو. وأن أثابر على طلب العلم، أسخِّره لنفع الإنسان لا لأذاه. وأن أوقر من علمني، وأعلّم من يصغرني، وأكون أخًا لكل زميل في المهنة الطبية في نطاق البر والتقوى. وأن تكون حياتي مصداق إيماني في سري وعلانيتي، نقيًا مما يشينني أمام الله ورسوله والمؤمنين. والله على ما أقول شهيد".
فعلا إن الله على ما تقولون لشهيد و "إن بطش ربك لشديد إنه هو يبذيء ويعيد وهو الغفور الودود ذو العرش المجيد فعال لما يريد" (سورة البروج)
ثالثا: في العدل
وما أدراك ما العدل سوار الأمة ومعيد الحقوق فعندما نصبح نشاهد على صفحات الجرائد أن المتهم أهان النيابة العامة أو أن القاضي والمحامي تعاركان أو أنه القاضي قبض رشوة أو أتاه أمر من الأعلى وما أجد غير الله أعلى أن يعبد ويخضع له، فقل على العدل سلاما وعلى الميزان سقوطا، وهذا مع الأسف حال دولتنا وإلا لما كان حوار وطني لإصلاح العدالة الذي نتمنى ونأمل ما دمنا نعيش في كنف ضجيج الأمل أن يستصلح ما كسر منه ويعاد بناء أسواره ولبناته الآيلة للسقوط كتلك الدور التي أصبحت تهطل على المواطنين من كل حدب وصوب كأنها نيازك من السَّما، وأن يمتثل رجاله لقول الواحد القهار "وأقيموا الوزن بالقط ولا تخسروا الميزان" (عروس القرآن)، خاصة وأن العدل أساس الملك ولا ملك بدون عدل ولا عدالة بدون مملكة عادلة.
رابعا: في السياسة
حينما يشهد العالم بأسره برلمانيا يعري على بطنه في جلسة عامة وآخر جالس في الممر وثالث ينطق بالحيوانات والحمير والكلاب سيقولون "إنه ربما يلعبون فيه الغميضة " أو يقول آخر "إنه زريبة أو يتعلمون كيف يلعبون في المزرعة السعيدة" أهذه أخلاق رجال السياسة الذين ننتظر منهم رفع علم البلاد والعباد في المحافل الدولية والعالمية؟ والله عجبا لهؤلاء القوم كيف يقدرون على هذا وكما يقول أحد الأصدقاء لي عندما أقول له سأذهب لمشاهدة الجلسة "آش داك ليها تانتا راه غير لبراهش هادوك كيتفلاو على عباد الله"، والله لو كنتم تقومون بعملكم كما يجب لما قيل هذا الكلام الأسود والناري في حقكم، فرجل السياسة يجب أن يعرف مكانه جيدا وعمله جيدا ففي دولنا العربية فقط من ترى برلمانيا يصادق على قاعدة قانونية لايعرف مضمونها فعلا إنها قمة الغباء و "السطولية"، خاصة وأن السيد رئيس الحكومة يكشف فاسدا ولا يريد التبليغ به خوفا منه ومن أنابه أين العدالة هنا يا قوم؟ تحقرون على الضعيف وتشرفون الذيـــــب، فغيروا حفظكم الله ما قاله نيكولا ميكيافيلي "لا علاقة بين السياسة والأخلاق" بالعكس يا أمة ينبغي أن تطبق قول الشاعر.
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ---- فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا...
خامسا: في الاقتصاد
في دولة لا تزال نسبة الفائدة الربوية في بنوكها قد تصل إلى ستة بالمائة ونصحها رب الجلال والإكرام وحذرها في نفس الآن والحين قائلا "وأحل الله البيع وحرم الربا" (سنام القرآن) وهو نص قطعي الدلالة، وهل تعلمون أيها السيد رئيس الحكومة ووزير الإقتصاد أن بعض المناطق في المغرب يتسوقون من مرتين في العام فقط بينما يأخذ كبيركم سبعة ملايين سنتيم وكبير القوات المسلحة ضعفها ناهيك عن ما العمولات والتعويضات وماالى غيرها، أهذه دولة يقال عنها قطب اقتصادي عالمي؟ والله إن كان هكذا فقريش أيضا كانت قطبا اقتصاديا عالميا، أرجوكم خذوا العبرة من دول عظيمة مثل تركيا أو سنغافورة أو ماليزيا التي حققت الكثير في ظل عدم مخالفة الشريعة الإسلامية.
سادسا:في التنمية الإجتماعية والأسرة
كره المغاربة خاصة منهم المكفوفون والمعاقون تسمية هذه الوزارة وبقاءها في الحكومة فأصبحوا يتمنون لو أنها تزال من الوجود وتعدم وتقبر بعدما تصلب وبعدما فضحت أمام عامة الشعب بسياساتها التدميرية واللاواعية واللاعقلانية، أما بالنسبة للمكفوفين والمعاقين الذين كانوا ولا يزالون يرزحون تحت ظل القهر والبطالة فإنهم لا يزالون ليومنا هذا يتسكعون الشوارع يتأبطون الطرقات يتوسدون الأرصفة التي تحن عليهم لدرجة أن منهم من أصبح صديقا مخلصا للقطط والكلاب التي تعج بها العاصمة الإدارية للمملكة، وهاته الوزارة الشريفة تمنح سنويا ملايين الدراهم للجمعيات التي تنفقها في الحفلات أو في شراء الماعز والدجاج للنساء في البوادي لتخرجهم من ديارهم تاركة الرجال والشباب العاطل هناك يموت من روع المخدرات والإجرام فلا تحل المشكلة بل تزيدها تعقيدا حيث حينما سيدخل الرجل والأولاد ولن يجدوا من تحن عليهم بعاطفتها أو بلقمة أو كسرة خبز وهي في محضر الجمعيات ودواليبها سيطلقها الرجل ثلاثا فنمسي إزَّاء أزمة بطالة وتشرد وتفكك في نفس الوقت، هذه سياسة الإدماج التنمية والله لأقولها باللغة العامية "الله ينعل بوها تنمية"، خاصة وإذا طلب منهم محتاج المساعدة في جمعية أو إنشاءها سيجد الأبنية مقفلة والموظفون غير موجودين يقال هلم إنهم في مؤتمر أو إجتماع بينما هم يعانقون أغطية النوم على السرير أو المكتب أو جالسين القرفصاء يمارسون رياضة "اليوغا"، وإن أصر على ذلك سيقدم للمحاكمة بتهمة تكوين جمعية ضد النظام العام وللإخلال بأمن الدولة وسيادتها أو الإرهاب، أهو أكثر من إسبانيا التي تسلبكم ربع الوطن؟.
سابعا: في الأمن والدفاع الوطني
الأمن كما هو معلوم حامي الشعب من ويلات التدخل الخارجي والداخلي وليس قاهرها، لكن أمننا المسكين الضعيف لا يقدر مع الأسف على محاربة أعداء الوطن الذين لا يزالون يسلبون لنا مدنا بأكملها لو استطاعت دول أخرى لجعلت من مساحتها دولا قائمة بذاتها، فوقها أعتى الأقطاب الصناعية والإقتصادية في العالم بأسره، خاصة وأن منها ممر عبور للعالم الشرقي والجديد أيضا، وإني لأكذب من قال إن جيشنا أقوى جيش في المنطقة تكذيبا جازما وقاطعا، فهم لا يقدرون سوى على إنزال عرمرم من الرجال المدججين بالزراويط والأسلحة مختبئين وراء ثياب واقية ليقاتلو عاطلين عن العمل في الشارع حفاة عراة من كل حماية، فنرى المسلم يقتل أخاه المسلم والتي شاهدناها أيام القرن الواحد والعشرين ولم نشهدها أيام الفتح الأكبر، ولو تمت المناداة عليهم في معركة بين المدنيين لقالو لك في الهاتف "واش كاين الدم" هل نحن بصدد ليلة كناوية أو عيساوية في ثقافتنا البائدة التي سنأتي على ذكرها؟.
ثامنا: في الطاقة والمعادن
اعلم تمام العلم أن مجموعة من المناطق في المغرب لا تزال فيها مناجم تحت الأرض فلماذا هي إذن مقفلة أليس من شأنها تشغيل مئات العاطلين وإنقاذ أسر من براثن الفقر الكافر نعم هذا الفقر الذي قال فيه جدنا علي بن أبي طالب رحمه الله "لو كان الفقر رجلا لقتلته" هاهي ملايير الدراهم أو الدولارات وأنتم وحدكم القادرون على حسابها تصرف لكم من دول الخليج والشرق والغرب والشمال فأين تذهبون بها؟ إلى شراء الدجاج والماعز؟ إلى تأثيث الوزارات بأفخم الزرابي والمكاتب والكراسي أثمنة كأن ابن خلدون سيجلس عليها؟ إن القبيلة التي أنتمي إليها ولا بأس بذكر اسمها وهي قبيلة "آيت عمار" الخاضعة لعمالة وادي زم إقليم خريبكة لا يزال معدن الحديد فيها لكن المنجم مقفل ومردوم تحت الثرى منذ عهد الإستقلال بعدما سرقت الشركة الفرنسية خيرات بلادنا ورحلت ومعها ويلات العار والذل من البشر، بينما في نفس المنطقة أناس عندما يذهبون لتسلم بطاقة المساعدة الطبية يقال لهم "سير جيب سبعالاف ريال وآجي تاخذ البطاقة دابا" أوَ ليست هذه "تاشفارت بالعلالي"؟ الآن ينبغي أن تحققوا فيها وتذهبوا بأنفسكم لتقفوا عندها لكن أنصحكم لا تذهبوا مرتدين بذلكم الرسمية وربطات العنق المزركشة، بل سيروا كأنكم من قرية مجاورة وكما يقول المثل المغربي الشهير "غير بالمهل كيتكال بودنجال" ويقال أيضا "الحيلة حسن من العار".
تاسعا: في السياحة
نحن دولة إسلامية منذ الأزل وحينما سيشاهد مغربي امرأة من الغرب في المغرب عارية السيقان خاصة وإن كان ضعيف الإيمان فمن الطبيعي أنه سيتربص بها ليغتصبها أو يتحرش بها مما قد يخلق مشكلة دبلوماسية، أو قد ينحرف ويرى الغرب المآل والمصير فيجاهد للسفر بطريق شرعي أو غير شرعي إلى هناك، أهذه هي نتائج السياحة التي تروجون لها؟ إنكم لا تروجون لجمال مآثرنا وعظمة بروجنا بل تروجون للفساد بشكل غير مباشر، أما وأن تذهب امرأة مسلمة ترتدي الحجاب الى فرنسا يقال عنها إرهابية وإن تأتي عارية من عندهم تقصف بعقول الكبار والصغار وبعاطفتهم وتهيج غرائزهم يقال إنه تحرر وتقدم وحداثة تبا للحداثة إن كانت هكذا، خاصة وأننا سمعنا مؤخرا قدوم مثليين ومبشرين منهم بل منهم من تجرأ على حرمة مساجدنا فإني لمحذركم ومنبههم لقول ربنا الكريم "ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم" (الزهراء).
عاشرا: في الإعلام والفن والثقافة والرياضة
لا تحدثوني عن الإعلام الذي يبث المسلسلات الاقطة الهابطة والبرامج التي يقال فيها كلام والله لمقالتي هاته وكلام رب العلى والجلال لأشرف من أن يجعلني أذكر بعضها، لهذا سأمتنع عن ذكرها، فالإعلام الذي يمرر مامرأة عارية لم يتبق لها إلا أن تقلع الثياب بالكامل لا هدف له سوى أن تصبح فتيات الأمة ونساءها مثل تلك الساقطة الهابطة الفاسقة الفاجرة الماجنة عليها لعنات الله والرسول والناس أجمعين وأذكرها بقول رسول الله عليه ازكى صلاة وتسليم "صنفان من أهل النار لم أرهما" وذكر "... ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا" رواه أبو داود، فانحرف الإعلام وجر معه الفن والثقافة الإسلامية القادرة لوحدها على بناء الحضارة الكبرى التي تقسم ظهر الغرب والإستعمار الخارجي الذي يتبعونه مع الأسف كأنه الحقيقة والحق ولا حق غير الله وكلامه ورسوله.
أما الرياضة فلا زالت الحكومة تائهة في دواليب وزارتها من هو المسئول عن نكستها في كرة القدم التي جاءت في المرتبة 74 عالميا حسب آخر تصنيف للفيفا وألعاب القوى، رغم أن سبب النكسة ظاهر للعيان فهناك من يقول فساد في الجامعات ومن يقول المشكل من المدرب، لكن إلى جانب هذا فإن هناك السبب الأبرز والأكبر، فبالله عليكم هل سيربح رجال يذهبون للدول يبيتون الليل "مقصرين على الشيشة والبنات" يبذرون ملايين الأموال من دافعي الضرائب من الشعب دون رضاه، وآخرون يستعملون المنشطات لربحوا بالقوة والحيلة لكن الحيلة لا تنفع في معرض الجد و الإجتهاد والمثابرة والإصرار، وفضائحهم نشرت على القنوات الفضائية العالمية، أوليس هذا إرهابا في حق المال العام وإرهابا في حق الأخلاق؟ والله لن ينتصر هؤلاء على رجال يظلون النهار يتربصون بكل ما أوتوا من قوة ومنهم من يأكل سبع دجاجات في الليلة ويهضمها في استعداد وجري الصباح، فيطبقون قول الشاعر:
ذو العلم يشقى في النعيم بعقله ----- وأخو الجهالة في شقاوة ينعم
وسيقول قائل مابال الرياضة في العلم؟، أقول له لأن الرياضة أصبحت هي الأخرى علما حسب البعض فمن الطبيعي أن ينطبق قول الشاعر عليها، فكيف لنا أن نقارن رجالا كان همهم رفع راية الوطن وآخرون همهم كسب المال والثراء الفاحش دون جهد والمبيت في السهرات على الفحشاء والمنكر والبغي؟.
وأختم كلامي ومقالتي هذه بما قاله الزعيم الكبير باني الأمة العثمانية مصطفى كمال أتاتورك "إن الأمة التي لا تأكل مما تزرع وتلبس مما لا تصنع أمة محكوم عليها بالتبعية والفناء، وإن من يتهاون في حق من حقوق دينه وأمته ولو مرة واحدة يعش أبد الدهر مزلزل العقيدة سقيم الوجدان" فما بالك نحن تهاوننا وتماطلنا مرات ومرات تارة في حق الدين وتارة في حق الأمة وتارة في حق البيئة هي الأخرى، وإنا إن نبرز عيوب وطننا لا تشفيا ولا احتقارا إنما هدفنا واحد هو بلوغ مكمن النهضة الحضارية في أسمى تجلياتها وبهاء فسيفساءها ونقاوة أمتها عقلا ومعقِلا وتكريما لشهدائها الأبرار، وتعظيما لديانتها السماوية الحقة كمواطنين غيورين عليها وعلى أمتنا العربية قاطبة، على أمل أن نكون مشاهدين رجالات أمتنا قاطبة محاربين الإمبريالية التسلية قاطعين رؤوسها مسقطين أمعاءها مدمرين أذنابها ومساهمين معهم فيها، ولا ننسى إخواننا أتباع وأذناب الإمبريالية الصاعدة في آخر ما نقول بما جاء في ذكرنا الحكيم لقول ربنا الرحيم"سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق" (سورة داود).