على هامش زيارة تبون للبرتغال
نورالدين زاوش
حملت زيارة تبون الأخيرة للبرتغال من العجائب، ما جعل غرائب مغامرات علي بابا والأربعين حرامي تقف مشدوهة البال أمام الغرائب التي أتى بها هذا الممسوس، الذي سُلِّط على رقبة الشعب الجزائري الشقيق؛ يكفي أن ترى الصورة التي ظهر فيها جالسا بخنوع تام أمام رئيس البرتغال، مثلما يجلس تلميذ الحصير بين يدي معلمه الذي يتربع على كرسيه كالملك؛ والعجيب في الأمر، أن الصحافة الجزائرية نقلت هذه الصور دون أن يرف لها جفن، ودون أن يشكك واحد من هؤلاء الصحافيين في مقولة "القوة الضاربة"، التي لا يكل الجميع من ترديدها في كل حين.
فبغض النظر على أن تبون الممسوس لم يُستقبل في المطار إلا من سفيره وبني جلدته، وبغض النظر عن البيض الفاسد الذي رُشقت به سيارته أثناء توجهها إلى القصر الرئاسي، من لدن بعض المواطنين الجزائريين وهم يرددون شعارات مناوئة لحكم العسكر، وبغض النظر على أن الإعلام الجزائري الخبيث عبث بترجمة كلمة رئيس البرتغال فيما يخص الصحراء المغربية، وحولها من حديثه عن مبدئ سلامة الوحدة الترابية إلى حديث أشبه ما يكون عن مبدئ الاستفتاء؛ إلا أن الأهم من هذا كله، هو أن الزيارة لم تكن لها أجندات ذات طابع اقتصادي أو تشاركي أو حتى سياسي واضح؛ عدا معاكسة المغرب ببلادة تامة وغباء منقطع النظير، علَّ البرتغال يرجع عن موقفه الثابت والداعم لمغربية الصحراء.
مما لا شك فيه أن النظام الجزائري من أغبى الأنظمة في العالم، إن لم يكن أغباها وأبلدها على الإطلاق؛ الشيء الذي يجعله محط سخرية العالم عند كل محطة سياسية أو ثقافية أو حتى رياضية؛ ففي كلمة تبون الممسوس أمام رئيس البرتغال، تحدث "فخامته" عن معاهدة السلم والصداقة التي وقعتها بلاده مع البرتغال قبل قرنين من دخول فرنسا إلى الجزائر، والطامة الكبرى أن تبون وصف بلاده "بإيالة الجزائر"، في إشارة صريحة منه إلى أن دولة الجزائر لم تكن قائمة أنذاك، وأنها كانت مجرد إيالة تابعة للعثمانيين.
هكذا ذهبت أدراج الرياح مجهودات الطبيب البيطري الجزائري "دومير"، الذي تحول بقدرة قادر إلى مؤرخ عريق، وتبخرت معه مجهودات الذباب الإلكتروني الجزائري، الذي لم يكن له هم سوى إظهار الجزائر على أنها قوة ضاربة في أعماق التاريخ، والحقيقة أنها مجرد قشة عبثت بها رياح خبيثة منذ ستين سنة، فاستوطنت بجوار الإمبراطورية المغربية العظيمة.