الإسلاموفوبيا في بلاد العرب
الطيب عيساوي
لطالما وصف الغرب الإسلام بشتى الألفاظ الدالة على العنف و الكراهية و التطرف و غيرها من الأوصاف التحقيرية,لكن لا عتاب على هذا المجتمع الغربي الذي يعد مجرد مستهلك للقنوات التلفزية،التي شكلت لديه هذه الصورة الخاطئة بحيث جعلته يقبل كل ما يتابعه على القنوات المحلية و الإقليمية دون تحكيم للعقل،تكريسا للتضليل الإعلامي الذي نعيش في كنفه في عصرنا هذا.
هذه الحملة المغرضة و التي لها غايات مجهولة معلومة،وجدت لها معبرا نحو إعلامنا العربي بل أصبح الشغل الشاغل لبعض المنابر الإعلامية هو خلق نقاش حول الإسلاميين و أفكارهم و مامدى خطورتهم على أمن و استقرار الدول العربية.الخطير في الأمر هو أن الشعوب العربية تكتسب مواقفها و أفكارها متأثرة بما تشاهده و تسمعه أو تقرأه في وسائل إعلامها،هذه الأخيرة تعد سلاحا خطيرا يفوق كل الأسلحة التي تستعمل في الحروب،حيث تنهج طريقة لينة تأخد طريقها إلى عقول العباد و تأثر فيهم على المدى البعيد،فتكسبهم مواقف و أفكار دخيلة و تساهم في تغييب المشهد الديني عن المجتمع.كما أن هذه المنابر الإعلامية تعمد إلى استخدام فزاعة الإسلاميين و تخوف من الدولة الدينية التي تضعها في مقابل الدولة المدنية الدموقراطية الحداثية،ما يجعل الرأي العام ينفر من أحكام الإسلام و خير دليل على كلامي ما يحدث في دول الربيع العربي و الوطن العربي عامة من تخوف ممزوج بخشية من صعود الإسلاميين إلى الحكم.
فبعض قنواتنا العربية المملوكة بقدرة قادر لبنو علمان،تحس بلذة و هي تقوم بتشويه الإسلاميين و لا تجد موضوعا لبرامجها أكثر إثارة من هذا،لدرجة أصبح المواطن البسيط يعتقد أنه بتصويته على الإسلاميين،فإنه يساهم في اضطهاد المرأة و التضييق من الحريات كما لقنته وسائل الإعلام.و هنا تتصاعد علامات استفهام كثيرة و تبحث عن إجابة صريحة.ألا يشكل الإسلاميون جزءا لا يتجزأ من مجتمعاتنا العربية كي نشن كل هذا الهجوم عليهم؟أم أن السلطة حكر على دعاة الحداثة و التفتح وفقا لنهج الدول الاستعمارية؟
حجة الغرب في مهاجمة الإسلام و المسلمين المقيمين بدولهم،هي الرغبة في الحفاظ على هوية الدولة العلمانية العصرية التي تحتضن الجميع-إلا المسلمين طبعا-فما هي حجتنا نحن.كما نال العلماني كرسي الحكم و طبق العلمانية و كذلك الإشتراكي و الرأسمالي,يجب أن يحين دور الإسلاميين كي يبرهنوا أن برنامجهم هو الأجدر بالبقاء و بأن المرجعية الإسلامية هي الحل،شرط ألا يكون هدفهم الأساس هو نيل السلطة و استغلال الدين في مغازلة المواطنين.يجب أن ينالوا الفرصة كاملة لتنزيل شعاراتهم على أرض الواقع،فهم أيضا لهم الحق في الجلوس على الكرسي.و ليس الكرسي حكرا على من يريدون تطبيق ثقافة غربية على مجتمع مسلم،و لعل هذا شكل من أشكال الاستعمار الفكري أشد فتكا من الاستعمار السياسي الذي عانت من قسوته بلداننا و لازالت تعاني إلى يومنا هذا.
شكل الإسلاميون حكومتهم في المغرب،و ينتظر الشعب منهم تفعيل شعارات المرجعية الإسلامية على أرض الواقع،و توفير العمل للشباب المعطل و العمل على إرساء مزيد من الحريات بالإضافة إلى النهوض بالمشهد الإعلامي و تحريره من طغيان لغة موليير و البرامج التافهة.و المسؤولية يجب أن تكون قرينة بالمحاسبة.و رغم أن شعاراتهم ظلت حبيسة الورق لحد الآن،فعلى الأقل سيكونوا قد نالوا الفرصة كاملة في نهاية المطاف و كرسوا مسلسل الوعود الوهمية للأحزاب المغربية.
ليس بعيدا عن المغرب و بالضبط في البلاد التي احتضنت ثورة الياسمين،و التي نال إسلاميوها شرف تشكيل حكومة ينتظر منها الشعب التونسي أن تعمل على ضمان الاستقرار و السكينة و تحقيق ما عجز عنه الديكتاتور.و قس على ذلك في أم و لم يتبقى لنا إلا انتظار حصيلة هذه التجربة في مستقبل الأيام.