جودة التدبير المالي رافعة للتنمية المنصفة
الجيلالي شبيه
إن جودة التدبير العمومي المالي أو السياسات العمومية المالية والشأن العام استراتيجية شمولية، وليست رؤية ثنائية تقزيمية للواقع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي : إما الزيادة في حجم الضرائب أو التخفيض من حجم النفقات، هذا خطء لا يغتفر· بل جودة التدبير العمومي المالي أو جودة تدبير السياسات العمومية المالية، تقتضي أولا وقبل كل شيء تحديد مفهوم المالية· ومفهوم المالية مسار أو نهج تطوري ينطلق من البحث عن الموارد أينما حلت وارتحلت: إكراهات أو ضرائب، تدابير معقلنة، هبات ووصايا، بيوع ومبادلات، استغلالات اقتصادية ومساهمات واستثمارات نافعة ومتمرة للبلاد والعباد··· وتمتد إلى عقلنة النفقات وجودة تدبيرها وتراتبية الأولويات، كالعناية والحماية وتشجيع الموارد البشرية، ورونق وجمال الجغرافيا والطبيعة والعمران، والبنية أو البنى التحتية بكل أنواعها· ويمر هذا المسار الاستراتيجي الشمولي في تدبير الشأن العام المالي بربط الإرادة السياسية النبيلة بعقلنة البحث عن التمويل في القطاع العام وفي القطاع الخاص وفي القطاع المختلط، وطنيا ودوليا، داخليا وخارجيا، وربط كلاهما بعقلنة أوجه صرف هذه الموارد ببالغ المسؤولية والنزاهة والكفاءة والمهارة في التدبير· وينتهي هذا المسار الاستراتيجي الشمولي في تدبير الشأن العام المالي بانتهاء السنة المالية في أحسن حال وأجود مثال، وإذا كانت هناك نقائص واختلالات بالرغم من الجد والكد خلال طوال السنة المالية تأتي مرحلة التقييم في نهاية السنة لتشخيص هاته النقائص والاختلالات وضرورة برمجتها في التوقعات المالية اللاحقة لتفاديها ابتداء من الشروع في تنفيذ القانون المالي للسنة المالية المقبلة· "كل شيء بالأمل إلا الرزق بالعمل"، ومن عمل وتابر نجح، إن كل الأمم التي تعرف حاليا درجات راقية في الديمقراطية والتنمية لم ترتفع لذلك المستوى إلا بالعمل الدؤوب والنزاهة والمسؤولية في العمل· وفي قوله تعالى: "فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا..." (سورة الكهف).