الموسم الفلاحي بين الواقع والتصريحات
أحمد البوشتي
يتلقى كثير من الفلاحين وخاصة الصغار والمتوسطين منهم هذه الأيام تصريحات المسؤولين الفلاحيين والاقتصاديين حول بوادر السنة الفلاحية الجيدة بغير قليل من الإستغراب والإمتعاض أحيانا .لأن الواقع عكس ذلك تماما،فعلى امتداد عدة مناطق زراعية بإقليم سيدي قاسم مثلا أدت التساقطات المطرية التي استمرت طيلة شهر مارس إلى القضاء نهائيا على زراعة الفول والحمص،وعلى جزء مهم من القمح الصلب والطري.الشيء الذي يجعل هذا الموسم شبه جاف زراعيا .
وعلى عكس السنوات الجافة هيدرولوجيا وزراعيا فإن هذه السنة استنزفت ميزانية الفلاح لأنه أدى جميع التكاليف من حرث و زرع وأسمدة ومبيدات مختلفة.
إن الفلاح الصغير والمتوسط بالمغرب أصبح منذ عقود يدور في حلقة مفرغة، فمع انطلاق كل موسم فلاحي،تجده مرغما على البحث عن التمويل الذي قد يقدم نقدا من طرف الأبناك ،أو عينا من طرف تجار الحبوب والوسطاء ومن طرف تجار الأسمدة والمبيدات،وغالبا ما تكون هذه المواد المقترضة بأثمنة تفوق سعرها الحقيقي في السوق لأنها مؤجلة الأداء ، وخلال فصل الصيف يكون مجبرا على تسديد ديونه.وإذا كان طبيعيا أن تطالبه الأبناك بأداء أصل الدين والفوائد السنوية ،فإن جل تجار الحبوب والوسطاء يفضلون استخلاص ديونهم عينا بسعر أقل بكثير مما تحدده الحكومة الشيء الذي يقلص هامش ربح الفلاح إلى حد لا يستطيع معه تلبية حاجياته الضرورية أو بالكاد يستطيع ،ليبدأ نفس الدورة خلال الموسم الفلاحي المقبل.
إن وضعية سوسيواقتصادية كهاته أصبحت معطى بنيويا نتيجة تفاعل عدة عوامل منها ماهو طبيعي ومنها ماهو تنظيمي وتقني،ولعل تجاوزها رهين بتدخلات عميقة وشفافة تتظافر فيها الجهود الحكومية والأهلية بدل التصريحات البعيدة عن الواقع المعيش. هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
المقالات الأكثر مشاهدة
12094 مشاهدة
4