" تفعيل مقتضيات محضر 20 يوليوز2011 و أزمة القرار السياسي"

" تفعيل مقتضيات محضر 20 يوليوز2011 و أزمة القرار السياسي"

المكناسي زيدان

 

لقد دخل المغرب سنة كبيسة جديدة ، هي الثانية في عمر حكومة ميدلت . وعلى ما يبدو من الوهلة الأولى من خلال إستقراء المشهد السياسي المغربي ، نكتشف أنه دخول لم يختلف عن سابقه و ظل يعزف على أوثار الأزمة المالية و العفاريت و التماسيح و جيوب المقاومة و يكرس كدلك للسياسة التنصل من الالتزامات و الإجهاز على مطالب فئات عريضة من الشعب المغربي ، بدءا بالثلاميذ و مرورا بالطلبة و المعطلين حاملي الشواهد العليا ووصولا إلى النقابات و مختلف الهيئات المهنية و المدنية التي لا زالت تطالب بالحرية و الكرامة و العدالة الإجتماعية .           

فجل الباحثين يؤكدون أن هذا الدخول السياسي الجديد غلبت عليه سمتين بارزتين : الاولى أن هناك أزمة سياسية في اتخاذ القرار  و أن الخيارات المتاحة لصانع القرار رهينة حسابات سياسية و توازنات نتج عنها غياب الثقة و الانسجام المطلوب في الأداء و الممارسة.                                                                                           

فلا زال الخطاب السياسي لدى الفاعل السياسي يتحدث إلى اليوم عن أزمة سياسية في اتخاذ القرار و إخراجه لجيز الوجود ، ويستشف دلك من مختلف التصريحات المعبر عنها من لدن أعضاء الحكومة و المعارضة و حكومة المستشارين ( حكومة الظل) و دلك على ضوء مناقشة و معالجة ملفات اقتصادية و اجتماعية و ثقافية حساسة من قبيل : ملف دفاتر تحملات القطب العمومي – قانون الصحافة و النشر – صندوق المقاصة – ملف معطلي محضر 20 يوليوز 2011 – مأذونيات النقل و مقالع الرمال  و غيرها من الملفات و القضايا التي إكتشف من خلالها الراي العام الوطني أنه توجد بالفعل أزمة سياسية في صناعة و إتخاذ القرار السياسي  و كذا إثبات  أنه قرار صادر عن إرادة غير حرة و نزيهة.                                                                                              

و من الملفات الاجتماعية التي أبرزت في الآونة الأخيرة حدة الأزمة السياسية المرشحة للتفاقم و عجزت عن إتخاذ قرار سياسي حاسم ، نجد ملف معطلي محضر 20 يوليوز 2011 ، هذة الفئة التي لا ذنب لها سوى أنها وقعت إلتزام دولة مع الحكومة السابقة التي كان يقودها حزب الإستقلال بحضور رسمي لكل من رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان و عامل ملحق بوزارة الداخلية و الكلتب العام لوزارة تحديث القطاعات العامة ، وهو محضر مؤشر عليه و على لوائحه الرسمية بإعتباره دفعة ثانية مكملة للدفعة الأولى ل 4304 إطار المدمجة في أسلاك الوظيفة العمومية بناءا على المرسوم الوزاري الإستثنائي 2.11,100 . الذي ينص على ما يلي : ,,, يؤذن للإدارات العمومية و الجماعات المحلية أن توظف مباشرة بناءا على الشهادات و خلافا للمقتضيات التنظيمية الجاري بها العمل ، المترشحين الحاصلين على الشهادات العليا المطلوبة في الأطر و الدرجات ذات الترتيب الإستدلالي المطابق لسلم الأجور رقم 11 "                                                                                 

ولعل الأسباب الرئيسية التي دفعت للقول ان تفعيل محضر 20 يوليوز أزمة  قرار سياسي تكمن  من الوهلة الأولى في التصريحات المتناقضة لمختلف مكونات هذة الحكومة و خصوصا ووزراء العدالة و التنمية و رئيس الحكومة نفسه من أنهم ملتزمون بما إلتزمت به الحكومة السابقة في إطار إستمرارية الدولة و المرفق العام ( أنظر مقالتنا بعنوان الحكومة و ضحايا الوعود المسمومة  محضر 20 يوليوز نمودجا على الرابط التالي                                                                      

ليعود هؤلاء الوزراء أنفسهم و يصرحون أن محضر 20 يوليوز 2011 غير قانوني و أن تفعيله يعد خرقا للدستور الذي ينص على المبارة و الإستحقاق .                              

و في المقابل الطرف الثاني في الأغلبية الحكومية ، حزب الإستقلال من خلال أمينه العام الجديد الذي ما فتئ في مختلف المناسبات السياسية يؤكد على أن ملف أطر محضر 20 يوليوز 2011 هو ضحية مقاربة أحادية التدبير و القرار السياسي و أنه ملف حزب الاستقلال و تأكد ذلك من خلال بنوذ المذكرة الشهيرة التي وجهها حزب الاستقلال إلى رئاسة التحالف الحكومي و التي تعالج في جانب منها مقاربة تشغيل المعطلين و منها تشغيل معطلي محضر 20 يوليوز 2011 .                                                             

و تتأكد معضلة القرار السياسي من خلال مختلف اللقاءات و الجلسات الماراطونية مع الطرف الحكومي  فيما يخص تفعيل مقتضيات محضر 20 يوليوز 2011 بحيث ما فتئت تتكرر عبارة :  تفعيل مقتضيات محضر 20 يوليوز 2011  رهين قرار سياسي تتحمل فيه كل الأطراف مسؤوليتها في بلورته و إنزاله على أرض الواقع و تحمل تبعاته .             

إن مختلف ما سبق ذكره ، دفعنا لطرح التساؤل التالي : من يملك سلطة القرار السياسي بالمغرب ؟  و ما هو موقع الحكومة من عملية صناعة القرار السياسي ؟                                                                                      

غني عن البيان أن عملية اتخاذ القرار المرحلة النهائية لمراحل عدة تسبقها ، تتمثل بالأساس في تبني موقف حاسم من قضية ما ثم عملية دراسته تتضمن مشاورات عديدة مع سياسيين أو مهنيين ، و هي مرحلة إعداد القرار  ثم مرحلة صنع القرار و التي فيها التشاور مع سياسيين و حزبيين و وهيئات مدنية ووضع القرار في صورته القانونية ، ثم بعد دلك المرحلة النهائية و هي التي يتخذ فيها القرار نت السلطة التنفيذية ممثلة في الحكومة كما في النظم البرلمانية أو رئيس الدولة كما في النظام الرئاسي ، أي ان القرار السياسي نتاج مجموعة من التفاعلات المستمرة و التي تحدث بين القوى السياسية حزبية او غير حزبية .

غير أن الملاحظة الرئيسية التي يبذيها كل باحث في الشأن السياسي المغرب  و في بلد يتغنى بوضعه الاقتصادي و  الاجتماعي  المستقر و ان المغاربة قاموا بربيع ديموقراطي  يتماشى و خصوصياتهم و يخفي في أعماقه منذ عقد من الزمن – و هي ملاحظة ليست متحاملة لا تعززها الدلائل ، بل هي حقيقة تقررها الوقائع السياسية – أن القرار السياسي المغربي و بلورته تتم في مراكز و مواقع معروف عنها أنها تملك ميكانيزمات الفعل السياسي المؤثر  و بعيدة كل البعد عن المؤسسات الرسمية التي لا تمتلك سوى مهمة التنفيذ.

إن الحقيقة المرة  التي يطلع بها الواقع السياسي ، أن القرار السياسي المغربي لا تملكه لا الحكومة المنتخبة و البرلمان المنتخب ، ما دام لا زال الفاعل السياسي المغربي يضع يده اليمنى على يد أهل القرار لربح المنافع الاتصال بالدوائر المتحكمة حقا في مجريات الأمور و نيل الرضى و الثقة المزعومة ، و اليد اليسرى على يد بعض فئات الشعب لاستمالته و المساومة به اثناء التفاوض و مجارات الرأي العام في مطالبه و تحسيسه بأن له مطالب    " مسموعة" و هي قيد الدراسة و التداول و تحتاج " فقط" لقرار سياسي و بالتالي نستشف انه لا يلعب سوى وظيفة تعليق الآمال على مشجب الإنتظار و تمهيدا لطيها بين ثنايا النسيان إلى أجل غير مسمى .                                                                             

كخلاصة لما سبق ذكره ، يمكن القول أنه بين حكومة تسود و لا تحكم و بعيدة  عن عملية صياغة  القرار و الفعل السياسي ،  و حكومة تسود و تحكم و تملك كل مقومات  الفعل السياسي و تتحكم في مختلف مراحل صياغة القرار السياسي ، يبقى ملف محضر 20 يوليوز 2011  ينتظر بشكل ملموس وواقعي   التنزيل الحقيقي و الديموقراطي لدستور فاتح يوليوز 2011  بشكل يعيد الاعتبار للإتزامات الدولة و يكرس لمبدأ استمرارية الدولة و المرفق العام  و مبدأ لا رجعية القوانين ..                                                                              

 

عدد التعليقات (2 تعليق)

1

amin

انصار بنكيران مثل قطيع المواشي لا يفكرون و ان فكروا لا يعون و ان وعوا لا يستوعبون و ان استوعبوا لا يفهمون....

2013/04/30 - 12:44
2

khettabi

respect

العبيد يدافعون عن الأشخاص ولا يهمهم الأفكار والأحرار يدافعون عن الأفكار ولا يهمهم من قالها إتقوا الله يا أنصار بن كيران

2013/05/03 - 01:47
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

المقالات الأكثر مشاهدة