موازين بميزان القرآن فلاح أم خسران

موازين بميزان القرآن فلاح أم خسران

جواد فهمي

 

كثيرة هي الأشياء التي أصبحت في زماننا هذا تأخذ ما لغيرها  فلم يعد الظلم والاستبداد يقتصر على معاملات الناس فيما بينهم فيظفر الغني القوي ذو الجاه بما له وما لغيره ، ولم يعد ما حقه التأخير يأخذ مكانا له في الوراء يناسب قدره ولم يعد غريبا أن تبصر ما حقه التقديم قد غاب واندثر وفي أحسن الأحوال أهمل وتراجع... كانت هذه إيماءات لما هو أجل وأعظم فأصبحت الألفاظ والمصطلحات هي بدورها مصابة بالوباء الذي غير معناها وفحواها فسمي القتل بغير حق جهادا ودفاعا عن الوطن ؟ وسمي الاستشهاد دفاعا عن القدس إرهابا وسمي محضن العري والمجون والفساد بموازين وما هو بذاك فهو عن العدل أبعد وللظلم أقرب ... وسمي ما خلفه من دمار في النفوس والعقول بفلاح ونجاح في التنظيم والتسيير  ... حينها فقط تذكرت قوله تعالى" قل يا قومي اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون"

         التعقيب الوارد في الآية بقوله تعالى " لا يفلح الظالمون " ، فيه أمران :

-       الأول  :  نفي الفلاح عنهم .

-       الثاني :  وصفهم بالظالمين .

·      أما من وصفهم- بالظلم-  فيستفاد :

§      عدم الاتباع والانقياد لأوامر القرآن : ظلم، وبقدر ابتعادك عنه وعن سبيله تكون قد  ظلمت .

·      أما من نفي الفلاح عنهم ففيه :

§      مما قيل في معنى الفلاح هو : البقاء في النعمة ، فيكون نفي الفلاح عنهم هاهنا تنبيها إلى زوال ما هم فيه من نعم بسبب ظلمهم .

§      وقيل ايضا في معنى الفلاح  : إذا بلغ الإنسان نهاية ما يأمل ، وبهذا المعنى يكون النفي – نفي الفلاح عنهم- إشارة إلى فساد زعمهم وفساد منهجهم الذي اتخذوه سبيلا  فلن يوصلهم إلى ما يأملون . وهذا يتناسب ويتناسق مع قوله تعالى " فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار " ، فسوء العقبى هي مآلهم ،  وبهذا يتقرر أن :

Ø الظلم يذهب النعم وينزل بصاحبه النقم وسوء العقبى هي المآل والمستقر .

       صفة الفلاح ترد في القرآن الكريم موصولة بأخلاق عملية غايتها السمو بالسلوك الإنساني ، ولهذا لما كان الإدبار هو موقفهم كان قطعا نفي الفلاح عنهم، فالجزاء من جنس العمل ، هذه القاعدة مؤسسة لمنهج القرآن ، فلما كانت أقوالهم وأفعالهم افتراء بقوله تعالى " فذرهم وما يفترون "  كان جزاؤهم بقدر ما افتروا " سيجزيهم بما كانوا يفترون " وهذا من تجليات عدله سبحانه جل وعلا . فيا ليت قومي يعلمون فعما هم فيه يعدلون ، فيقيمون الموازين بالقسط فلا يخسرون!

 

 

 

 

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات