معاناة
أحمد حجاجي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وامعيناه، إنها دعوة تنطلق من أعماق قلوبهم طالبين من الله سبحانه وتعالى المد د والعون . وامغيثاه، إنها صيحة تصدر من داخل كيانهم راجين من الله عز وجل الفرج والمخرج. أكفهم ترتفع بالدعاء، وألسنتهم تلهج بالذكر، وأعينهم تغرورق بالدموع .لا يجدون للأكل طعما ، ولا للنوم طريقا، ولا للراحة وقتا. قلوبهم معلقة، وصدورهم خافقة، وعقولهم مشتتة. نسوا أنفسهم، وأهملوا أحوالهم، وفرطوا في ذواتهم. تضحيات جسيمة يقدمونها، ومجهودات كبيرة يبذلونها، وأعباء كثيرة يتحملونها. توتر وقلق، وانتظار وترقب، واضطرابات ومخاوف.
إنها حالة الآباء والأمهات ومعاناتهم في هذه الفترات من كل سنة، فترات الامتحانات، وكأنهم هم الذين سيجتازونها! فيعانون ما لا يخطر على بال، ويقاسون ما لا يوصف، وهم يرون أبناءهم وفلذات أكبادهم يستعدون للامتحانات، تلك الامتحانات التي ما إن تقترب إلا وتتغير حياتهم تغييرا ملحوظا، وينقلب نمط عيشهم رأسا على عقب.
̛ترى هل يحس الأبناء بمعاناة آبائهم وأمهاتهم؟ وهل يقدرون تضحياتهم؟ وهل يشعرون بالواجب الملقى على عاتقهم نحوهم؟
أليس من الواجب على الأبناء أن يبذلوا بدورهم أقصى الجهود ويقدموا أغلى التضحيات من أجل إدخال الفرح والسرور على آبائهم وأمهاتهم؟
أليس من الواجب على الأبناء أن يسهروا الليالي، ويلتهموا الكتب التهاما من أجل إسعاد آبائهم وأمهاتهم وإبعاد شبح الخوف والترقب عنهم؟
ألا يعلمون أن عملهم بجد ومثابرة من أجل النجاح إسعاد للوالدين وبر بهما وإحسان إليهما؟ وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بالإحسان إليهما، فقال عز وجل : ﴿ وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَاناً ...﴾[ النساء من الآية 36 ]. وقال عز من قائل:﴿ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً...﴾ [ الإسراء من الآية 23]
ألا يكفيهم فخرا وشرفا أنهم طلاب العلم ، وأن طالب العلم له منزلة سامية وثواب عظيم عند الله سبحانه وتعالى، إذا اتقى الله تعالى، وأخلص في طلب العلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (..ومن سلَكَ طريقًا يلتمسُ فيهِ علمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ به طريقًا إلى الجنَّةِ.. ) صحيح مسلم
فعليهم أن ينتهزوا كل فرصة للاستزادة من العلم دون كلل أو ملل، لأن الله تعالى أمرنا بالاستزادة من العلم ، فقال سبحانه وتعالى :﴿ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً ﴾ [ طه: من الآية 114] ، قال القرطبي «فلو كان شيء أشرف من العلم لأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسأله المزيد منه كما أمر أن يستزيده من العلم».[ الجامع لأحكام القرآن]
وعليهم أن يحافظوا على أوقاتهم من تضييعها فيما لا يفيد. كما يجب عليهم حسن اختيار الأصدقاء لما لهم من دور فعال وتأثير كبير على طالب العلم، وكذلك الابتعاد عن الذنوب والمعاصي حتى يمن الله تعالى عليهم بالتذكر والحفظ. قال الامام الشافعي:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي ٭٭٭ فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نـــــــــور ٭٭٭ ونور الله لا ̛يهدى لعاصــــي
أسأل الله تعالى أن تجتاز أسرنا أيام الامتحان في أمان.
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً إنك أنت العليم الحكيم.
والحمد لله رب العالمين وصل اللهم وسلم على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.