مصر...هل قُدر لها أن تدور في حلقة مفرغة؟
عبدالله صالحي
احتار العالم كله في توصيف ما حدث في أرض الكنانة، هل كان انقلاباً أم ثورة أم ماذا بالضبط؟ عندما تدخل الجيش – وعكس كل التوقعات وإن كانت على الأقل توقعات كاتب هذا المقال- لعزل الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي ،ضاربا بذلك عرض الحائط –وأقصد هنا الجيش-الشرعية التي جعلت منه أول رئيس مدني منتخب بعد ثورة 25 يناير،التي أسقطت أحد أكبر الأنظمة استبدادا وديكتاتورية في المنطقة العربية .
إن ما جعل العالم يحتار هي تلك الطريقة التي يريد بها الجيش طي الأزمة المصرية وبسرعة البرق بتدخله لنصرة طرف على طرف آخر ويجعلنا نشكّ في نجاح القيادة الجديدة بمعية الجيش المصري في تخطي هذه الأزمة ،التي قدّر المحللون السياسيون أن تدوم وتدور في حلقة مفرغة ما دامت "كرامة" الشرعية مُداسة تحت أقدام الجيش وما دامت أقدام فلول النظام السابق قد دنّست "أرض التحرير"-وهنا أعني ميدان التحرير - الذي كان رمزا ومنتجا لهذه الشرعية.
العالم أيضا استغرب تلك الطريقة الدراماتيكية التي عُزل أو أُزيح أو طُرد أو سُحب أونُحّي –سميها ما شئت- بها الرئيس المنتخب من طرف وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي ،الذي شاء الله أن يكون مرسي هو من عينه صيف السنة الماضية خلفا للمشير محمد حسين طنطاوي المحال على التقاعد ،وزير الدفاع هذا الذي لم يمر بعد عام على أدائه اليمين والقسم باحترام الدستور والقانون والشرعية هاهو يسقط نفس الدستور ويخرق ذات القانون ويضرب تلك الشرعية عرض الحائط، نفس الوزير يعين رئيس المحكمة الدستورية – طبعا طِبقا للدستور الذي عطيله -رئيسا للجمهورية ويؤدي هذا الأخير اليمين الدستورية أمام نفس المحكمة وأمام نفسه ،بعدما بقيت المحكمة بدون رئيس،الرئيس الجديد (رئيس المحكمة) سيعين حكومة تحلف أمامه اليمين وهكذا يكون فيها وزير الدفاع الذي عيّن الرئيس،فهل سيؤدي وزير الدفاع اليمين أمام الرئيس الذي هو من عينه أصلا؟؟؟؟
رغم أن الطريقة كانت انقلابا على الشرعية واغتيالا متعمدا مع سبق الاصرار والترصد لديمقراطية صناديق الاقتراع إلا أن الدول التي تدّعي إيمانها الكامل بهذه الديمقراطية وعلى رأسها أمريكا وبعض الدول الأوربية،قد سارعت وبلا تردد إلى تهنئة رئيس مصر الجديد ومباركة مصر"الجديدة" بعودة فلول مبارك الى السلطة ،لماذا لم يباركوا انقلابات عسكرية سابقة حتى يباركوا الانقلاب المصري الأخير ،أليست هذه سياسة الكيل بمكيالين؟؟
كل هذه السيناريوهات لن ولم ترُق لمؤيدي الرئيس"السابق" أو بالأحرى لأنصار الشرعية الذين خرجوا بدورهم للساحات والميادين بعدما أُفرغت بقرار الجيش لصالح معارضي مرسي ليستعمرها من جديد الأنصار بدل المعارضين ،إن قرار الجيش هذا من شأنه أن يجعل الأزمة السياسية بمصر تطول وتدوم بل وتدور في حلقة مُفرغة ما دام هذا القرار منافيا للصواب ومنحازا لفئة دون أخرى ،ويجعل ربيع الأزهار الذي لم تنعم به مصر طويلا يتحول إلى خريف الأشواك سببه استعجال ثمار الثورة وقلة صبر على حكم الإسلاميين الذين لا يريدون إلا الإصلاح ما استطاعوا.