التضامن مع فلسطين بين إنسانية المبدأ وشوفينية الموقف؟

التضامن مع فلسطين بين إنسانية المبدأ وشوفينية الموقف؟

محمد أزوكاغ

يتعرض الناشط المدني أحمد عصيد هذه الأيام لهجمة شرسة يخوضها ضده تياران: التيار القومي وتيار الإسلام السياسي وذلك على خلفية استقباله لوفد من الإسرائيليين. وفي ضوء ذلك ومن باب توسيع دائرة النقاش لا بأس من الإشارة بهذا الصدد إلى ملاحظة جوهرية يبدو أن الجميع يصر على تجاهلها بمبرر التعميم والمبدأ.

للبشر قناعات مختلفة ناتجة عن سيرورات متباينة، هذه سنة الله. الموقف من قضية معينة تتحكم فيه اعتبارات غاية في التعقيد منها ما هو ذاتي ومنها ما هو موضوعي، منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي.. مؤاخذة الغير على اختلافه أقرب إلى معاكسة نواميس الطبيعة فما بالك بتعنيفه ماديا أو معنويا.

إن ما يتخذه التيار القومي/الاسلاموي لنفسه كمبدأ في موضوع القضية الفلسطينية يراه الكثيرون مجرد وجهة نظر وعليه فالمواقف الناتجة عن ذاك تختلف عن المواقف الناتجة عن هذه.

بالتعيين الموقف الذي يتبناه التيار القومي/الاسلاموي من القضية الفلسطينية قائم على مداخل ثابتة في نظره تتمثل في وحدة العرق واللغة والحضارة والتاريخ.. وحدة الهوية، ويضيف التيار الإسلاموي المعتقد الديني. هذا حق مشروع لمن يتخذ لنفسه مثل هذه القناعة، لكن الإشكال الحقيق يكمن في محاولات تعميم مثل هذه المواقف على الغير ومؤاخذته المبدئية على اختلافه دون أي اعتبار للاختلافات القائمة.

ما لا يريد البعض تحديدا استيعابه هو أن المجتمع المغربي يضم فئة عريضة لا تنظر إلى القضية الفلسطينية من هذا المنطلق وباختلاف المنطلقات تختلف النتائج. الأمر لا يتعلق حصرا بالأمازيغ أو جزءا منهم، المسألة تتعلق باختلاف وجهات النظر ومنطق التحليل.

التضامن مع القضية الفلسطينية مبدأ والموقف من اليهود وجهة نظر. لذلك لا يجب الخلط بين هذا وذاك. التضامن مع الفلسطينيين واجب إنساني لمشروعية قضيتهم وهذا الموقف الإنساني السامي يعلو على كل تخصيص، التضامن مع الغير من منطلق عرقي أو ديني أقرب إلى الشوفينية منه إلى الواجب الإنساني. هنا بالضبط يختلف التيار القومي مع غيره، هو يعتقد أن جميع المغاربة لهم نفس المبدأ وعليه يفترض أن تكون لهم نفس المواقف.

تخوين الغير لأنه يتخذ لنفسه وجهة نظر لا تتوافق بالضرورة معنا تعبير عن عقلية شمولية إقصائية لا تمت للفكر الإنساني بصلة. وتعميم المواقف والأفكار النسبية المرتبطة بالزمان والمكان تصرف لا ديمقراطي.

أفلحت أوروبا عندما انتقلت من تقديس الأفكار إلى نقدها، عندما تحول النقاش من الكل المطلق إلى الجزء النسبي.


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

المقالات الأكثر مشاهدة