ما وراء اثارة زوبعة اللغات بالمغرب

ما وراء اثارة زوبعة اللغات بالمغرب

محسين الهواري

 

من وقت لآخر تثار بالمغرب نقاشات لا نعرف ما الداعي لها. هل سنعتمد العربية أو الأمازيغية أو المغربية لغة للتدريس، للعلم، للمعرفة...؟ ويتساءل آخر، هل إدراج الدارجة بالتعليم سيحل معضلة تخلف المغرب، فيجيبه ثاني، أبدا، لغة القرآن هي السبيل إلى العلم والفلسفة والتكنولوجيا، وليرد عليه ثالث، لا يمكن، الأمازيغية هي الحل، المغاربة لا يفقهون العربية، العربية هي لغة الإدارات والمسلسلات المدبلجة لا غير...، ليس صحيح، المغربية هي لغة الحب، الشتائم، المدح... فوزراؤنا لا يتكلمون لا العربية  ولا الأمازيغية، بل بالمغر...، عفوا بالفرنسية، لغةالمستعمر.

هذهالدردشات ليست بريئة، بل هي لغاية في نفس يعقوب. فالمعسكرات الثلاث تعي بأن اللغة لا تقدم ولا تأخر الشعوب، وإلا لما تقدم العرب في أزمنة غابرة وتأخروا-كثيييرااا- الآن، فالواقع تغير واللغة ظلت ثابتة، وروسيا القيصرية كانت جد متخلفة ، لكنها تقدمت بسرعة لا تصدق مع مجيء الشيوعيين، أما الصين فكانت مستعمرة لليابانيين لكنها صارت قوة جبارة اقتصاديا وتكنولوجيا وعسكريا مع ماوتسيتونغ، والأمثلة كثيرة على ذلك. إن اللغة بريئة من جهلنا وتخلفنا. سنبقى متخلفين حتى لو اعتمدنا لغة موليير أو تشكسبيرو زرعوا في جماجمنا أدمغة صينية أو يابانية ما دمنا لا نتوفر على سياسة حقيقية لنيل المعرفة والعلم.

إن اثارة نقاشات من قبيل اللغة الأصلح للتعليم، وأزمة القبلة المحرمة بالناظور، والصراع الذي كاد أن يؤدي إلى حرب "نووية" بين الشيخ النهاري  والصحفيالغزيوي، محكومة بخلفيات واضحة تهدف الى إلهاء الشعب المغربي عن مشاكله الحقيقية، إلهائه عن أزمة التشغيل، عن آفة المنظومة التعليمية ، عن الزيادات غير المبررة في المواد الأساسية وفي المحروقات التي اكتوى بنيرانها المواطن البسيط. إن الصحافة والساسة والشعب بجارتنا الشمالية يناقشان أزمة البطالة ومشاكل التعليم وكيفية تجاوز مأزق كطالونيا، وساستنا ومفكرونا وعلماؤنا يناقشون العدم.

إذا أردنا أن نتقدم، فلنراجع برامجنا التعليمية، فلنجعلها أكثر علمية، ولنراجع ميزانيات مؤسسات وأجور موظفين لا يغنون المغرب ولا يفقرونه في شيء، ولنستثمر كل ذلك في بناء مؤسسات تعليمية حقيقية، لا جدران يملؤها الهواء، ولنستغل كفاءات أطرنا بالشكل الصحيح بدل تبديد طاقتها صراخا أمام البرلمان، ولنشيد مراكز البحث العلمي بدل تشييد ملاعب رياضية لإرضاء الفيفا وأرباب الشركات الكروية. إن الشعوبتقدمت لأنها احترمت العلم واستثمرت فيه، ونحن تخلفنا لأن ساستنا احتقروه واحتقروا حتى من يحمله.

 

 

 

 

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات