حكومة الفايسبوك وسداجة الشبيبة الحزبية
ذ . علي أحربيل
نزهة افتراضية بسيطة على صفحات المغاربة المسجلين على الموقع الإجتماعي "فايسبوك" تخول تشكيل حكومة افتراضية من العيار الثقيل وبرلمان ذو مصداقية،مدراء المكاتب الوطنية، رؤساء الجامعات ومسيري مصالح الدولة في الخارج .... وقبل تعليق النزهة المكوكية يكفيك الإطلاع على تعليقات الأصدقاء لتخرج بأعضاء المعارضة الفعالة والوازنة كما سيكتمل نصاب الأغلبية الحاكمة و منها إعلان تنصيب الوجوه الجديدة.شبان وشابات في مقتبل العمر،يثلجون الصدور بصورهم ،باحاديثهم الساخرة ثارةً والجادة ثارةً أخرى ،اسلاميون ،يساريون، ليبراليون كلٌ وتوجهه، أهدافهم تتمثل في تأثيث المشهد السياسي أو إبراز المواهب الفنية أو الوعظ والإرشاد الديني....
لعل هذا الاختلاف يبدو مفارقة عجيبة لتشكيل الحكومة المذكور إلا أن المستحيل لم يعد كذلك في البلاد،"الإستتناء المغربي" في منحاه الايجابي ضوءٌ أخضر لإسقاط الطابوهات وفي منحاه السلبي يزيد من فقر الضعفاء و من جشع الأغنياء .الحكومة الفيسبوكية ستصبح لا محالة بديلاً لما قد تنجزه الشبيبات الحزبية مجتمعةً ,ووزيرها الأول في ذلك من الصفحة الفلانية ذو التوجه العلاني...،أما ذلك الشخص الذي يتدخل في التعليقات لفض النزاعات ستكون حقيبة العدل من نصيبه ، الآنسة تتقن اللغات وفن الخطابة امنحوها وزارة الخارجية ،وزير الاقتصاد وقع الاختيار فيه على ذاك الذي يظهر دقائق معدودة على الخط (أون لاين) ثم يغيب لأشهر ويحسن التصرف في وقته ، على النقيض الأخر وزارة الصحة بحكم احتوائها على أقسام المستعجلات والطوارئ ألت للذي لا يجد غضاضة في البقاء أون لاين
ل24ساعة كاملةً ،وزارة السياحة والرفاهية حاز عليها دون منازع ناشر صور أسفاره وجولاته وصولاته على حائطه الفايسبوكي.تلك الشقراء الفاتنة التي تحفظ أغاني نانسي عجرم وهيفاء وهبي وتامر حسني حقيبتها تنتظرها في مبنى وزارة الثقافة ، صور الآنسة المصونة ذات الحجاب والوقار تشفع لها لتولي أمانة الأوقاف والشؤون الإسلامية فالمسكينة لا تفارقها الأذكار كما لا تتوانى في الدعاء بالتوفيق للتشكيلة الحكومية الجديدة.
بالعودة إلى موضوع الشبيبات الحزبية وأهليتها لتولي زمام أحزابها مستقبلاً ومدى قدرتها على تحقيق الفارق وضخ دماء جديدة في سيرورة العمل الحزبي وبلورت التصور الشبابي لسياسة الدولة وكذا تجسيد عقلية الشباب المغربي قاطبة ، يتضح بالملموس بعد هذه الشبيبات بعد السماء عن الأرض عن تحقيق أدنى متطلبات الشباب لأسباب عدة نذكر منها :
*الإنسياق وراء أطروحة الحزب البليدة .
*الطاعة المطلقة واللامشروطة لكوادر الحزب العليا .
*التذرع بقلة التجربة للأطر الشابة، وبالتالي الإنصياع لأوامر المخضرمين .
*الافتقاد للحس النقدي لمخططات الحزب خصوصاً المستهدفة للشباب.
*الإنضمام للحزب على أساس المصلحة الشخصية لا على أساس التطابق الفكري .
القاسم المشترك بين الحكومة الفسبوكية المعلنة والشبيبة الحزبية يتمثل في عدم جدية المشاريع وزيف النوايا، إذ لا تعدو أن تكون تشريعات هؤلاء إلا ضحك على الذقون ، لا الشبيبة الحزبية قادرة على فك طلاسيم عزوف الشباب عن السياسة ولا الحكومة مؤهلة لإقناعهم بذلك لتبقى المعادلة معلقة من دون حل يزداد مجاهيلها مع مضي الوقت وتزداد درجاتها بدخول "أعداد عقدية " .
حدث مرة وأن سألت صديقاً لي عن رأيه في حركة 20 فبراير ،فنزل عليه السؤال كالصاعقة ،قائلاً:لا امتهن السياسة،لا أحب الخوض فيها ،من فضلك أترك ذلك جانباً. كان له ما أراد، إلا أنه جسد عقلية الشباب المغربي الذي يتبرأ من السياسة مخافة الزج به في متاهات لا تحمد عقباها، وما تلك الصورة إلا
بالصورة النمطية التي خلفها المخزن المغرب منذ الأزل في نفوس المواطنين شباباً وشيباً.
الدردشة على الفيسبوك وما يصاحبها من كلام وتعليقات ومنشورات قد يفضي إلى فائدة كما قد لا يكون كذلك كمشاركة الشباب في الأحزاب السياسية في المغرب التي لا تتعدى المشاركة الهامشية ،الصورية ، تنحصر مهمتهم في تأطير مخيمات صيفية بالجبل والبحر !!!؟؟ أو تنظيم أيام ثقافية يكثر فيها اللغط وتنعدم الاستفادة . الدليل في ذلك؛ شاب ينتمي إلى شبيبة العدالة والتنمية إلتقيته صدفةً قبل ثلاثة سنوات بإحدى مقرات الحزب بعمالة عين سبع - الحي المحمدي بالدار البيضاء وكان منهمكاً في الإعداد لمخيم بشلالات أوزود ،استفسرته عما إن كان لهم موقع قدم في سياسات الكتابة الإقليمية للحزب، فرد بالنفي القاطع مؤكداً على اقتصار عملهم (الشباب ) على الأنشطة الترفيهية لا أقل ولا أكثر ..آنذاك علمت بأن الأحزاب فقدت بوصلتها وقريباً ستنطفئ شمعتها. فهل من مبرر يمنع شباب 20 فبراير من سحب السجاد من تحت أقدام هذه المستحثات الحزبية ؟ و هل أصبحنا على أبواب القائل : إلى متى والليل فيه السهر طال , إلى متى والعمر ضحكة فكاهي ؟