تنغير: أية قيادة ولأية تنمية ؟

تنغير: أية قيادة ولأية تنمية ؟

فاتحي لحسن

 

 منذ ما يقارب السنتين، يبدو أن عجلات التنمية بتنغير وجدت أخيراً وبعد مخاض عسير طريقها للدوران. فلا أحد اليوم يجادل في كون إقليم تنغير من أقصاه إلى أقصاه يعرف انطلاق أوراش كبرى ومتنوعة وغير مسبوقة شكلت الاستثناء من بناء القناطر، تجهيز الطرقات والساحات العمومية، وبناء المؤسسات، وتغير ملموس في طريقة تعامل السلطة والإدارة مع المواطنين إلخ.

 هذا التميز لاحظه عدد مهم من المتتبعين والمواطنين من خارج الإقليم قبل أبنائه الذين يتعايشون مع هذه المتغيرات السريعة في كل يوم وكل ساعة، بل وكل دقيقة كما هو الحال في وقوف بعض أبناء المدينة على سقوط آخر سقف من المنزل المجاور للقنطرة قيد الإنجاز، أو التقاط الصور لآخر المستجدات المتعلقة بالأشغال هنا وهناك.

هذا التفاؤل الكبير المنطقي والمعقول، لا يبرره الصمت المطبق للمواطن البسيط الذي لا يزال يعيش نشوة هذه المتغيرات الجديدة، ولا ينفي كذلك وجود بعض النقط السوداء والعفنة التي يجب مراعاتها والانتباه إليها أحرص ما يكون درءاً للمشاكل واستمرارها في قتل هذه الروح المعنوية للمواطن المتفائل، والتفاعل مع حاجياته من الأولويات بنوع من المسئولية.

فالملاحظ مثلاً أن الأشغال بمدينة تنغير في بعض المجالات والقطاعات تتقدم بوتيرة سريعة يوماً  بعد آخر "نوعاً ما"، في حين أن البعض الآخر من هذه الأوراش يتخلله الركود بين الفينة والأخرى وقد نقول يتوقف أو يبدأ ولا ينتهي ويا ليته ما بدأ. لسان الحال هذا ينطبق على الأشغال المتعلقة بتأهيل البنيات الأساسية "التأهيل الحضري للمدينة" " "الواد الحار" أو ما يسمى بظاهرة العصر بامتياز بتنغير (الفشل في التدبير والعجز في التسيير) ، فأينما وليت وجهك تجد بؤرة سوداء عفنة تصيبك بالعمى أو ما يشبه شاطئ أسود تشمئز النفس من رؤيته، وكأن هذا القدر المشئوم حتم علينا دون وجه حق أن نتعايش مع هذه المياه العادمة والروائح الكريهة إلى يوم يبعثون.

لا يعقل أن يستمر كل هذا في ظل هذه الطفرة النوعية التي يعرفها الإقليم، وفي ظل الرغبة الملحة للمواطن في العيش الكريم وحفظ أبسط الحقوق، كالصحة والبيئة السليمة، لا يعقل أن "تتغاضى" السلطات بعلم أو بغير علم "لكي لا نتهم أحداً بالتواطؤ" عن بعض الخروقات التي تقوم بها بعض الشركات المكلفة بإنجاز الأشغال مثل زلزلة الأزقة وتركها على حالها دون الاكتراث لإصلاح ما تم إفساده (حفر، قطع طرقات، إضرار بمصالح التجار وغيرهم من الحرفيين، شتات بقايا الرصيف بجانب الطرقات، ارتباك في الأشغال وكثرة التنقلات وتشتيت اليد العاملة هنا وهناك، عدم الاكتراث لجمع الأزبال والمخلفات، طول أجل الأشغال في بعض البؤر والنقط الحساسة، انعدام الممرات، إلخ. لا يعقل ألاً تحترم دفاتر التحملات وما هو منصوص عليه قانونياً قبل بدء الأشغال وإلا فلا غاية من ترديد ما يسمى بربط المسئولية بالمحاسبة والحكامة الجيدة أو حتى المراقبة وهي أضعف درجات الإيمان بالواجب والمسئولية.

 فالمواطن العادي والبسيط يقاس الأمل لديه بنفس نصيب الخيبة والتذمر، وإذا كان إلى حد ما يستطيع تحمل هذه التجاوزات والإنفلاتات فذلك لا يعني أنه ناتج عن عدم إدراك، أو عن عجز، أو الرضى التام بواقع الأمر، بالعكس فهو في اعتقادنا نبل القيم التي يحملها المواطن أساس ذلك ولا يود أن يفسد الأمور أكثر ويحمل المسئولية في ذلك للسلطات المعنية والوصية التي يبقى الضمير الأخلاقي والواجب الإنساني والمهني المتحكم في سلوكاتها وتصرفاتها.

لا نريد أن نقول أن جل الأشياء حسب المتعارف عليها وحسب ما أكدت التجارب أن فنون الكذب في السياسات المتعاقبة وسذاجة المواطن ساعدت على تسيير الشأن العام وفق إرادة الطبيعة وأن آخر ما يفكر به من يهمه الأمر هو مصلحة وكرامة المواطن. وأن مختلف المشاريع الموعودة والمزركشة في البطائق التقنية تستهدف در الرماد في عيون المستضعفين والمحتاجين من القوم وما بينها وبين الواقع إلا السلام والإحسان.

لكننا نقول أن نجاح المجالس والأنظمة والمسئولين في إنجاز المشاريع والالتزام بالوعود التي قطعوها على أنفسهم وعلى الله وأمام المواطنين بمدينة وإقليم تنغير يقاس بنجاعة الحكامة في هذه الأجهزة وهؤلاء الأفراد، وكذا رضى المواطنين المستهدفين من كل ذلك. بمعنى أن أي مشروع مشروع لابد من الوقوف على عملية الإنجاز وكيفية التدبير ومدى احترام المعايير المسطرة، والعمل على اتخاذ القرارات المناسبة والحرص على حسن تنفيذها واحترامها.

 

 لذلك وكرسالة مفتوحة لمن يهمهم الأمر، وجب الوقوف على بعض الأشغال بمدينة وإقليم تنغير عامة لرصد بعض الأمور التي يشوبها الخلل وتقويمها (الشكاوى، والتظلمات، والانزعاج، الاستحسان، الشكر، والامتنان)، والوقوف على تفاعل المواطنين  مع مختلف المشاريع والشركاء في العملية والأخذ بارتساماتهم التي قد تكون بالإيجاب أو بالسلب.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

المقالات الأكثر مشاهدة