أنتم على طريق الأنبياء ...فلما الوهن ؟

أنتم على طريق الأنبياء ...فلما الوهن ؟

أيمن الموساوي

 

صَبَرَ الأنبياء كلهم ،لأنواع الابتلاءات ،التي لَحِقَتْهُمْ من قومهم ،جراء صدعهم بالحق، والثبات عليه .... فهذا "سيدنا نوح" _عليه السلام _جَلَسَ يدعو   قومه، ألفا  إلا خمسون  سنة ،فاستعان  بالله ،فَتَحَدَّى الإهانة، والسخرية ،والاستهزاء، من قومه  ،فكانت العاقبة ،أن نَجَاهُ الله ،مع ثلة من قومه ،وأغْرَقَ القوم الظالمين ،بما كسبت أيديهم .

وهذا "سيدنا موسى" _عليه السلام_ بعدما صُنِعَ تحت عين الله  ،من الصغر ،حتى الشباب ،خُصَّ بالرسالة، ليواجه أكبر  طاغية،  في زمانه، إنه فرعون ،الذي اسْتَخَفَّ قومه ،فأطاعوه ،وعبدوه من دون الله.....لكن استعانة " موسى "_عليه السلام _بالله  عز وجل ،الذي جعل له ،هارون أخاه رِدًا ، يُوَاسِيه، ويُعِينُه، فقوى من موقفه، وزاد من ثباته، رغم خوفه ،فكانت النتيجة ،أن آمن لموسى سحرة فرعون ،وثلة من الصادقين، ففروا بدينهم ،من بطش الطاغية ، الذي  أتْبَعَهُمْ بجنوده ،فكان مصيرهم ،أن أغرقوا في البحر،  ونجا  موسى _عليه السلام_ومن معه بمشيئة الله .

وهذا" سيدنا ابراهيم " _عليه السلام_ إمام الموحدين ،والمسلمين ،بعد  أن اسْتَنْكَرَ علي قومه وأبيه ،ما يَعْبُدُونَ من الأصنام ، وسَفَّهَ آلهتهم، وكَسَّرَها  إلا  كبيرا منهم، لعلهم  إليه يَرْجِعُون...  أجمع المشركون من قومه ،على أمر  عظيم ، فأوقدوا نارا كثيرة الحطب،  شديدة اللهب،  ووضعوا "سيدنا ابراهيم" _عليه السلام_ في المنجنيق ،وخيروه بين عبادة الأوثان ،أو  أن يُحْرَق بالنار ،فاستعان بالله ،فثبته على الحق ، و لم  يُمَسَّ بسوء ،وانهار المبطلون المشركون ( قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم )

وهذا" سيدنا يوسف" _عليه السلام _ عانى الحسد، من الإخوة ،في الصغر ، وصبر على بلاء النساء ،في الشباب ،وتقبل السجن ،واختاره ،على الفاحشة في عز شهوته ،لكن في كل أمره ، كان شديد التعلق بالله، فما خيبه الرحمان ، وكانت عاقبة أمره،  أن جُعِلَ وزيرا على مصر، ونشر التوحيد والعدل عوض الشرك والظلم  .

أما خير الخلق، وخاتم الأنبياء،"سيدنا محمد"_ عليه الصلاة والسلام _فَحَجْمُ الابتلاءات ،التي تعرض لها، لا تُعَدُّ، ولا تحصى، بدء بأقاربه ،وبني عمومته، مرورا بالقبائل العربية الأخرى ... جُعِلَ الشَّوك ،أمام بيته الكريم    ...  وُضِعَ على جسمه الطاهر،  سلى الجزور، وهو ساجد خاشع لربه ......خَنَقَهُ أشقى القوم، عقبة ابن أبي معيط ،حتى كاد  أن يَقْتُلِه .....حرضوا عليه أقربائه، فلما أحسوا منه الثبات ، حاولوا إغوائه، بالمال، والمنصب ،والنساء .....اجتمعت القبائل، على قتله ، حتى يتفرق دمه بينهم ....طردوه من مكة، ومن معه من المؤمنين ....قتلوا، وسجنوا ، وعذبوا أصحابه .... آذوه في عِرْضِه الشريف ... لكن لما استعان بالله ،وحقق صدق اللجأ إليه ،كان المآل أن  طَهَّرَ مكة من الأصنام ،ورفع الأذان عاليا في الأمصار،وانتشر الإسلام ،بين القرى، والقبائل ، فدخل الناس، في دين الله أفواجا ،وبَقِيَّتْ رسالته هي الخالدة، وصارت أخبار صنا صيد قريش ،من  أبي  جهل ، وأمية بن خلف ، وشيبة بن ربيعة  ،و عتبة بن ربيعة ، قصصا يقرؤها الصغار، ويستلهم منها العبر ،والدروس الكبار .

 

سَرَدْتُ هذه القَصَصَ بإختصار   ،وهدفي هو  إيصال فكرة  مفادها : أن النصر، لا يكون ،إلا بالاستعانة بالله، ثم الصبر والثبات ،على الحق، مهما كانت النتائج ....فمن المِحَنِ نُخرج المِنَح ... ومن الابتلاءات نَجْنِي الانتصارات ....ومن الصمود والثبات تَزِيدُ الإرادة والعزيمة.... فلا يَنْخُرُ الوهن للمسلمين اليوم، لما أصابهم ،من نكد، وتداع للأمم عليهم ،بل وتداع لإخوانهم عليهم، الذين يقتلونهم، ويشردونهم، وينكلون بهم، أمام العالم ببرودة أعصاب .... مزيدا  ،من الصبر، شعب سوريا ،وشعب مصر .... فطريق التغلب  ،على الظلم والاستبداد ،غير مفروش بالورود ...وطريق  تحقيق  مبتغى الرحمان ،على أرضه ،،يستلزم  منكم عدم الوهن والرجوع للخلف ....... فأنتم صامدون ،وعلى  طريقكم  مستمرون ..... اسألوا العون ،من الله العزيز القدير، أن يزيل  عنكم البلاء ،وينصركم بنصره المبين، إنه القادر على ذلك، والحمد لله رب العالمين.

عدد التعليقات (1 تعليق)

1

abc

ابت

فلما التي وردت في العنوان تكتب بدون الألف !! مشكور جدا على الموضوع الذي يحث على الصبر... ولكن للصبر حدود في بعض الاحيان كم نحن بحاجة اليوم إلى هذه العملة النادرة ..الصبر.. أكثر من أي وقت مضى.. فاللهم أفرغ علينا صبرا..

2014/01/28 - 12:48
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات