برنامج مسار: وضع للمكياج على العفن
عبد الجليل الحداد
لعل المتتبع للأحداث الأخيرة التي عرفها الشأن التلمذي بالمغرب قد يحتار أي اتجاه يختار فقد انقسمت أقوال المحللين إلى إتجاهين عريضين أحدهما يعارض الإنتفاضات التلمذية وآخر يبررها أما في رأيي فالأول والثاني يحتاج كل منهما إلى شيئ من الموضوعية والتحليل حتى نفهم عمق الإحتجاجات التي عرفها المغرب في الآونة الأخيرة بل نحن في حاجة ماسة لدراسة تاريخ الإنتفاضات حتى نعرف الدوافع الحقيقية التي جعلت الثانويات تخرج عن بكرة أبيها مطالبة بإسقاط برنامج مسار .
التحليل السطحي للحراك التلاميذي لايكاد يخرج عن الكلمات التالية :
· أن التلاميذ المغاربة يرفضون هذا البرنامج فقط لأنه أتى بممستجدات بداغوجية قد تقلل من مجال رحمة الأستاذ على التلميذ، خصوصا وأن برنامج مسار في وثيقته الرسمية جاء ببنود تعتبر امتيازات للتعليم المغربي في حالة تطبيقه ومنها:
ü تسهيل عملية التتبع للمسار الدراسي للمتعلمين.
ü تمكين أسر وذوي المتعلمين من مواكبة أدائهم مواظبة وتحصيلا من خلال شبكة التواصل الإلكترونية.
ü تسهيل مختلف العمليات الإدارية من إعداد للوائح، وتسجيل ، وانتقال وبناء استعمالات الزمن، واستصدار الشهادات المدرسية، وتوجيه التلاميذ، وغيرها.
· أن من الطبيعي والمعهود خروج التلاميذ بعد صدور مخطط جديد خصوصا أن البرنامج أنزل دون سابق إنذار ولكل جديد دهشته وهذا ما دفع المسؤولين عن الشأن التلمذي للإسراع لتحقيق هذا الشرط ولو مستدركا محاولة منهم في إطفاء الغليان الذي تعرفه الثانويات في ربوع المغرب الحبيب.
· أن قلة وعي التلاميذ وحبهم للشغب لصغر سنهم هو ما دفعهم للإنسياق وراء عناصر معينة تدفعهم للإحتجاج، مما دفع السلطات إلى الوقوف في وجه هذه المسيرات في الغالب لوقف ما أسمته شغبا من طرف التلاميذ.
بعض هذه التحليلات قد يتفق معها المنطق التحليلي، وقد يقبلها العقل البشري، أو على الأقل قد يعتبرها صحيحة في أحد المستويات، فلا ذو غيرة على بلده يرفض ويعارض هكذا مبادرات لها مثل هذه الإمتيازات، ولا ذوعقل فاطن ينفي أن بعضا من التلامذة خرجوا فقط للأسباب المذكورة، ولا أحد ينكر أن للجديد دهشته بل ليس هناك في الوجود من يرفض أن توضع الإكسسوارات في بيت نظيف لتجمله وتزينه فإن الله جميل يحب الجمال، ولكن الذي ترفضه الفطرة البشرية السليمة ولاتقبله وتخرج من أجله الكرامة التلمذية أن يوضع المكياج على العفن.
في التحليل العميق لهذه الأحداث يجب أن ننظر بعيدا لنجد :
· أن الإحتجاجات في تونس التي كانت شرارتها الأولى عربة خضر إحترق صاحبها بعد تعرضه للإهانة لتحقق بعد ذلك الثورة في تونس ما لم يكن يتوقعه أحد. والتي كانت آخر ثمراتها التوافق الوطني والإستفتاء على الدستور، كان هذا الحراك قد تعرض لأكثر ما تتعرض له هذه الأحداث من إنتقادات، وكذلك الحال في مصر وليبيا وسوريا الجريحة واليمن وغيرها.
· إن ما يحرك تلامذة المغرب أبعد وأعمق من برنامج مسار إنما كان هذا الحدث أو ذاك شرارة لابد منها حتى يعبر الشعب عن رفضه للفساد والإستبداد .
· إنما حركهم هو ما حرك الناس في تازة وحرك الشباب في عشرين فبراير وهو ما سيحركهم ما دام الفساد والإستبداد ،إنها سنة الله التي لاتتبدل ولاتتغير.
· السبب الحقيقي كان ولازال هو اعتبارهم كفئران تجارب لمخططات خارجية لا تأخذ فيها مشورتهم كما أنزل الميثاق وكذا مخطط الارتجال والاستعجال و وفاءا لهما برنامج مسار.
نخلص في الأخير أن الشعب إن انتفض مرة وسكن أخرى إنما هىي إشارات لمن يهمهم الأمر حتى يعرفوا أن الفساد مهما طال عمره فهو زائل وأن الحق مهما أخفي فهو ظاهر. ويبقى السؤال مطروحا أليس من حق التلميذ والطالب والأستاذ إشراكهم في المنظومة التعليمية باعتبارهم أهم مكوناتها أم أن الانصياع وراء المخططات الغربية يبقى الحل الوحيد لنخرج من أزمتنا التعليمية.
سلاوي
ببساطة
اصبت كبد الحقيقة.