جدتي والدستور
حاميد أعرور
خضت نقاشا مستفيضا مع صديق حميم حول موقف من مشروع الدستور الحالي،فكان موقفه جاهزا بمقاطعة عملية التصويت برمتها، معللا موقفه بالمثل الشعبي الشائع( قال لو مالو طاح؟ أجابه من الخيمة مشى مايل)، هذا المثل النابع من المعاش اليومي للفلاح المغربي حين سئل أحدهم عن سبب سقوط حمل دابة صديقه، فأجابه بتهكم كون الحمل لم يكن مشدودا بتوازن منذ البداية. فحسب تفسير صديقي فإن صياغة مشروع تعديل الدستور لم يسلك المسطرة الضرورية، المتمثلة أساسا في عدم انتخاب مجلس تأسيسي من جهة ولكون المشروع الذي تم عرضه يكرس الاستبداد. اختلفت مع صديقي بخصوص تعيين الهيأة التي كلفت بإعداد المشروع، لكون المجلس التأسيسي حسب ما اطلعت عليه بالقانون الدستوري هو نوعا: مجلس تأسيسي أصلي (le pouvoir constituant originaire) ومجلس تأسيسي مشتق( le pouvoir constituant dérivé). بخصوص الأول لا يلجأ إليه إلا في حالة انهيار النظام، بسبب ثورة أو انقلاب عسكري، أو بسبب إقامة دولة جديدة كاستقلال دولة عن دولة مستعمرة أو إعلان انفصالها عن دولة أخرى. أما الثاني فيعين من طرف السلطة الدستورية المختصة في إطار استمرارية الدولة.
الاختلاف الجوهري بيني وبين صديقي يكمن في موقفه من العملية الانتخابية برمتها، فالمقاطعة في نظري ليست موقفا سياسيا لاعتبارات عديدة يمكن أن ألخصها فيما يلي:
1- السياسة كالطبيعة لا تقبل الفراغ،وأحيله على مشاركة منظر الحركة الماركسية اللينينية فلاديمير إليتش إليانوف ( لينين) في انتخابات مجلس "الدوما"الروسي في ظل النظام الاستبدادي القيصري بروسيا قبل الثورة البلشفية.
2- عدم المشاركة تعني عدم القدرة على وضع التيار او التوجه السياسي المرجعي في ميزان موازن القوى السياسية بمختلف وأشكالها ،التقليدية منها المخزنية والإدارية والدينية أوالليبرالية والاشتراكية الديمقراطية وغيرها.
سيكون جواب البعض مادامت العملية توحي بالتزوير فلماذا المشاركة؟ لكن أسائلكم لما لا تعبرون عن مشاركتكم ب"لا" وتجندوا للفضح بالمراقبة وتغطية جل المكاتب بممثلين ومراقبين في إطار الهوامش الضيقة المتاحة.
لكن ما يضحكني في هذا الزخم من التجاذب السياسية والسياسوي هو موقف جدتي، جدتي التي لا ولن تصوت إلا بإذن من شيخ القبيلة؟ جدتي لا تؤمن إلا بالله والشرع والمخزن، جدتي لا تصدق إلا الأرواح وفقيه القبيلة وشيخها، فأين سأصنف مقاطعتها للانتخابات؟ هل جدتي تنتمي لجماعة العدل والإحسان؟هل جدتي تنتمي دون علم أحد إلى تيار النهج القاعدي الديمقراطي؟ هل جدتي من اليسار الاشتراكي الموحد؟ هل جدتي تمارس التقية وتخفي انتماءها للسلفية الجهادية؟ هل جدتي نقابية ضمن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل دون علم أحد؟... سالت جدتي يوما فأجابتني: "اللي دارها المخزن هيا اللي ندير" أي أنها تسير بمشيئة و إرادة ممثل المخزن الذي تقدسه، وتجسده في شيخ القبيلة. أعلم ،في ظل الحراك الاجتماعي الراهن، أن شيخ القبيلة متوجس وخائف من مقالبي ولن يستطيع أن يقترب من جدتي، فجدتي لن تذهب إذا يوم الاقتراع ولو حاولت بالترغيب أو الإكراه. أعلم أن جدتي جهلها مركبا تعششت بداخل مخيلتها كلمة :" نعم" لشيخ القبيلة والمخزن.لا أريد أن أسألها لعلمي المسبق بردها، لقد تعودت جدتي مواظبة الاستفتاءات السابقة، فكلمة "نعم" تعني بالنسبة لها تجديد بيعتها للعرش وكلمة "لا" تعني أنها أصبحت ضد الملك.
لذا وحسب رأيي المتواضع فغن موقف المقاطعة يعني ممارسة الفراغ والخواء واغتصاب موقف جدتي، فكل تنظيم بعد نتائج الاستفتاء سيتهافت على وسائل الإعلام المحلية والخارجية ليركب صهوة المقاطعة ليرتزق نسبتها ويحصي معها صوت جدتي.
سأحمي جدتي لتمارس حقها الدستوري ولو فعلت ذالك بجهالة وسأقودها بمباركة شيخ القبيلة الخائف من مقالبي، لتعبر عن قناعتها المخزنية ، ستصوت جدتي ب"نعم"، لأنها قناعتها الأزلية، وسأصوت بعد أدائها لدورها ب "لا" وسأكذب عليها إن سألتني قائلا: جدتي لقد صوتت ب"نعم"، لكي لا أكسر خاطرها ولكي لا أكون سببا قد عجل بمماتها،فقط لكوني ديمقراطي وعمقي حقوقي ولكوني أكره القمع الاديولوجي والعدمية.
عبدالله المحذوف
لجدتك أن تصوت بنعم وبإمكان شيخ القبيلة تطييبا لخاطرها أن يمنحها متعة التصويت بنعمين أو ثلاث أو ما استطاعت اليه سبيلا لكن من لايريد التصويت لصالح الدستور فعليه بالمقاطعة فغض النظر عن كون النتيجة ستحسم مسبقا فإن \"لا\" من الصعب العثور عليها يوم الاستفتاء والجميع يعرف هذا باستثناء التهامي الخياري الذي لا يصدق تزوير نتائج الاستفاء،لاوجود إلا للصندوق ونعم ولايكلقون أنفسهم حتى عملية إفراغها،يحرقونها ويعلنون النتائج المسبقة..حل واحد ربما لكل من يرغب التصويت بلا أن يكتبها في ورقة ويأخذها معه ثم يضعها في الصندوق فقط من باب الاستنكار
Marocain
If you were really a democrat, you would not force your grandmother to vote; and you would respect people\'s decision to boycott this farce. Boycotting is not a \"faragh\" as you say, but a political stance, and it should be respected, just as you expect others to respect your \"no\" vote. Other than that, I salute your civic awareness.