العلمانية المتطرفة

العلمانية المتطرفة

أحمد الإدريسي

 

 

الحالة الوحيدة التي يصبح فيها القزم أطول من العملاق هي عندما يركب على كتفيه .  " مَثَلٌ " مأثور من الثقافة الألمانية يعكس حالة بعض النماذج البشرية  التي لم تكن لترى مكانها وتسمع صوتها إلا بالركوب على أكتاف غيرها من العمالقة ، ولهذا المثل أهميته البالغة وجدواه التربوية في زمن التَّنَكُّرُ الذي تجاوز الأباء ليصل الى الأجداد . حيث تود هذه النماذج البشرية لو باستطاعتها الإمساك بممحاة وهي تقرأ التاريخ الإسلامي - وشتان ما بين قراءة التاريخ وبين تسطيره - كي تمحوا ما تمليه عليها أهوائها ، جاهلة  أنها بذلك تمحوا أهم ما فيها وهو الأسس والمرتكزات التي بدونها لا معنى للشعارات البراقة والواجهات المزخرفة . 

   من بين هذه النماذج البشرية نجد العَلمانى الذي كان ذات يوم ينادي بعدم إجبارالكل على اعتناق وتبني معتقد أو دين أو تقليد معين لأسباب ذاتية غير موضوعية .لكن سرعان ما انقلب رأسا على عقب ليصبح أكثر تطرفا بتفسيره للعلمانية على أنها رفض للدين وليس فصله  عن السياسة فقط  ، فيصبح مصابا بالإختناق من كل ما له صلة بالدين  - بالأخص الإسلام - وتحويله  بكل اسهاماته و منجزاته في بناء الحضارة الإنسانية  إلى  سلسلة من الفوبيات والفزاعات المخيفة .

و" الحْمَاقْ  أذواق " كما يقال بالدارجة المغربية ، وليس المقصود بكلمة أذواق ما نعرفه عن الإختيارات الجميلة التي يعشقها الإنسان كتناسق الألوان ونوع الطرب و المأكل وشكل المسكن .. بل هي أشكال من تضخم الذات وانكفائها ، فيتوهم صاحبها بأن رأيه صواب لا تشوبه حتى الهفوات ، و لا يحتمل التمحيص و المقارنة بغيره لمعرفة الخطأ من الصواب ، وذلك ليس بفضل فائض التحري والبحث الدؤوب بقدرما هو بسبب عدم الوعي بماهية الدين الإسلامي . والمقارنة الوحيدة المشروعة في نظره هي مقارنته بنفسه فقط ، لأنه  منتهى الحقيقة والنموذج الذي يقاس عليه ولا يقاس على أي شيء آخر. 

ومن خلال التحليل النفسي فإن معظم  غُلاة العلمانية ومتطرفوها من بني جلدتنا الذين تضخمت ذواتهم انتهوا إلى " الحْمَاقْ " ، ومنهم بورقيبة الذي لم يكتف بفصل الدين عن الدولة فقط ، بل قام باغلاق المساجد و منع الحجاب والصوم  محتسيا كوبا من الماء في شهر رمضان و أمام شاشة التلفزيون ! فقد  أصيب بالخرف  في آخر حياته وحاول الانتحار داخل اقامته الجبرية بقصر مرناق عن طريق سقوطه في حوض سباحة معتقدا أنه بئر !  . 

فحبذا لو ينظر ضحايا العلمانية المتطرفة  إلى الوراء ولو قليلاً كي يأخذوا العبرة من سابقيهم لعلهم يتجردوا من  صفة النرجسية العمياء .


عدد التعليقات (2 تعليق)

1

خيال

العلمانيه تطور وتقدم حظاري سالب وهو وجه للامبرياليه

ون

2014/03/11 - 10:07
2

Youssef

Jahl

Je ne sais pas si cet ( article)merite vraiment un commentaire car c tellement debile que les lecteurs se sont abstenus de le faire La laicite n' as pas des definitions !elle a une definition c cantonner la religion dans la sphere privee ! On touve des laics plus croyants que vous et sans bruit ! Et c ce que preconise le saint coran ! Revise bien tes lecons avant d'ecrire n'importe quoi

2014/03/14 - 06:26
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

المقالات الأكثر مشاهدة